بقلم الدكتورة اسيل شوارب
مع بداية العام الجامعي الجديد، أصبحت الجامعات تواجه جيلًا جديدًا من الطلبة ، يُعرف باسم “الجيل Z”، وهم الطلبة الذين ولدوا بين عامي 1997 و2012. يشكل هؤلاء الشباب نسبة كبيرة من الطلبة الجامعيين اليوم، ما يستدعي فهمًا أعمق لاحتياجاتهم التعليمية وتطوير الممارسات الأكاديمية لتلبية تلك الاحتياجات. هذا المقال يستعرض بعض التحديات والفرص التي يقدمها الجيل الجديد للجامعات، ويقترح أساليب تعليمية تساهم في تحسين تجربتهم التعليمية.
دعونا نعترف أن “الجيل Z” نشأ في بيئة رقمية بامتياز، حيث كان لديهم وصول غير مسبوق إلى المعلومات عبر الإنترنت، إلا أن حصرهم في هذا المجال الرقمي وحده يعد تبسيطًا مخلًا. فعلى الرغم من براعتهم في استخدام التكنولوجيا، فإن لديهم احتياجات وتوقعات تعليمية متنوعة يجب أخذها في الاعتبار. لذلك، يجب أن نتجنب وضع افتراضات عامة حول هذا الجيل وأن نركز على فهم السياقات الفردية التي يعيشون فيها، إذ تمثل تلك السياقات الفردية ملامح عامة يمكن للجامعات وامدرس الجامعي أن يستجيب لها من خلال:
التعليم الجامعي الأكثر شمولية واستجابة
منذ أواخر القرن العشرين، شهدت الجامعات زيادة هائلة في عدد الطلبة ، وهو ما يُعرف بـ”التوسّع في التعليم العالي”. هذه الظاهرة لم تؤثر فقط على أعداد الطلبة بل أيضًا على تنوعهم من حيث الخلفيات والطموحات. ومع تزايد عدد الطلبة الذين يتوقعون من الجامعات تلبية احتياجاتهم الشخصية، يجب أن تبتكر المؤسسات التعليمية طرقًا أكثر شمولية لدعم مختلف الطلبة .
نماذج تعلم المرنة
مع تزايد الضغوط الاقتصادية التي يواجهها الطلبة ، أصبح من الضروري تقديم نماذج تعليمية مرنة تتكيف مع احتياجاتهم. على سبيل المثال، تُظهر بعض الجامعات في المملكة المتحدة توجهًا نحو جداول دراسية مضغوطة، تتيح للطلبةالذين يعملون بدوام جزئي القدرة على التوفيق بين دراستهم وعملهم. الجائحة الصحية العالمية الأخيرة (كوفيد-19) عززت أيضًا من أهمية التعليم المدمج، الذي يتيح للطلبةالتعلّم عبر مزيج من الفصول الدراسية الافتراضية والحضورية، مما يوفر لهم مرونة أكبر.
العلاقات كعنصر محوري في التعلم
تشير الأبحاث إلى أن العلاقات الجيدة بين الطلبة والمعلمين تلعب دورًا محوريًا في تعزيز التعلم. الطلبة الذين يشعرون بالتقدير والدعم هم أكثر قدرة على الانخراط في بيئتهم التعليمية. لذلك، يُعتبر بناء علاقات قوية بين المعلمين والطلبة عنصرًا أساسيًا لخلق بيئة تعليمية شاملة تعزز من تفاعل الطلبة ودافعيتهم.
إشراك الطلبة كشركاء في التعلم
من الضروري إشراك الطلبة كشركاء في عملية التعلم، حيث يعزز ذلك من مشاركتهم الفعالة في صنع قرارات تتعلق بمسارهم التعليمي. الطلبة ليسوا فقط متلقين للمعلومات، بل يمكنهم أن يلعبوا دورًا محوريًا في تصميم المناهج الدراسية، خاصة إذا تم دمجهم في مبادرات التعلم القائمة على العمل والمجتمع. هذا النوع من التعليم لا يعزز فقط قابليتهم للتوظيف، بل يُنمي لديهم الشعور بالمسؤولية تجاه المجتمع.
وخلاصة الموضوع إن فهم الجيل الجديد من الطلبة يتطلب منا التخلي عن التصورات العامة والتركيز على تنوع احتياجاتهم. من خلال نماذج تعلم مرنة، وتطوير علاقات تربوية قوية، وإشراك الطلبة في عملية التعلم، يمكننا تحسين تجربتهم التعليمية بشكل كبير. يجب أن تكون الجامعات مؤسسات تعليمية شاملة تستجيب لتطلعات هذا الجيل المتنوع، مما يُسهم في إعدادهم بشكل أفضل للحياة العملية والمجتمعية.
في ظل التحولات المتسارعة في التعليم العالي، لا بد أن تواصل المؤسسات التعليمية تبني الممارسات الأكاديمية التي تعزز من قدرة الطلبة على التكيف مع المستقبل، مع التركيز على الابتكار والتعاون لضمان تقديم تعليم يلبي احتياجات الجميع.
كل عام وجامعاتنا وطلبتنا والهيئة التدريسية بخير وتقدم