وطنا اليوم_م. عدنان السواعير
امين عام الحزب المدني الديمقراطي
أثارت الانتخابات النيابية الأخيرة جدلاً واسعاً بعد أن أظهرت نتائجها أن ما يقارب 75% من النواب المنتخبين يُعتبرون نواباً حزبيين. لكن هذه النسبة لم تعكس بالضرورة تمثيلاً حقيقياً للأحزاب، إذ أن معظم هؤلاء النواب أعلنوا انضمامهم للأحزاب بعد انتهاء الانتخابات، ولم يُنتخبوا على أساس حزبي من البداية.
من بين 104 نواب محسوبين على الأحزاب، هناك فقط 41 نائباً ينتمون إلى “القائمة الحزبية” التي تمتلك الأحزاب فعلياً مقاعدها. وهذا ما يثير تساؤلات حول حقيقة التمثيل الحزبي في البرلمان، إذ أن النسبة المطلوبة وفقاً لقانون الانتخاب للمجلسين القادمين تتطلب أن يكون 50% من نواب المجلس 21، و65% من نواب المجلس 22 ممثلين للأحزاب، وليس فقط نواباً انضموا للأحزاب بعد الانتخابات.
تنص المادة 71-أ من قانون الانتخاب لسنة 2022 بوضوح على أن “يراعى عند انتخاب المجلس النيابي 21 أن تكون نسبة المقاعد المخصصة للأحزاب 50% كحد أدنى من عدد مقاعد المجلس، وتقسم بموجب نظام يصدر لهذه الغاية يراعي الربط بين القائمة المحلية والقائمة العامة”.
ونفس النص يتكرر في المادة 71-ج التي تنظم انتخابات المجلس 22، مشيرة إلى رفع النسبة المخصصة للأحزاب إلى 65%، مع التأكيد على ضرورة ربط القوائم المحلية بالقائمة العامة. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل تم تحقيق هذه الأهداف بشكل فعلي أم أن التمثيل الحزبي في البرلمان لا يزال بعيداً عن الواقع المنشود؟
ما يحدث على أرض الواقع يشير إلى أن بعض النواب المنتخبين دون انتماء حزبي قد أعلنوا انضمامهم لأحزاب بعد الانتخابات، مما يدعو للتساؤل حول مدى مصداقية هذا التمثيل.
المطلوب الآن لتحقيق التمثيل الحقيقي للأحزاب هو:
تحقيق نسبة 50% من المقاعد على الأقل للأحزاب في المجلس القادم، بحيث تكون المقاعد مملوكة للأحزاب وليست مجرد نواب حزبيين.
مراعاة الربط الفعّال بين القائمة العامة والقوائم المحلية لضمان تحقيق هذه النسبة دون المساس بعدد المقاعد المخصصة للدوائر المحلية.
هذا الربط يجب أن يتم دون المساس بعدد المقاعد المحلية البالغ 97 مقعداً، والتي وزعت بطريقة متوازنة على الدوائر الانتخابية، بحيث لا يمكن تقليصها. تقليص المقاعد المحلية لصالح الدائرة العامة يعني تقليص تمثيل بعض المحافظات إلى نائب واحد، وهو أمر غير مقبول عملياً. الحل يكمن في ربط بعض المقاعد المحلية بالقائمة الحزبية العامة وفقاً لما ورد في القانون، لتمكين الأحزاب من الوصول إلى 69 مقعداً على الأقل تملكها الأحزاب بشكل فعلي.
نجاح هذه التجربة يعتمد بشكل كبير على أداء المجلس الحالي، الذي يعول عليه الجميع للانتقال إلى العمل الجماعي وتعزيز دور الأحزاب في العملية السياسية. التحول نحو العمل الجماعي هو أحد أبرز مخرجات عملية التحديث السياسي، وهو ما يتطلب تمكين الأحزاب من قيادة هذا النوع الجديد من العمل أمام الشعب الأردني، مصدر السلطات.
ويبقى السؤال: هل سينجح البرلمان في اجتياز هذا الامتحان؟