وطنا اليوم:أكدت أرقام رسمية صادرة عن البنك المركزي أن متعثرين في الأردن مطالبون بسداد نحو مليارين ونصف المليار دولار (1.77 مليار دينار) على شكل ديون وشيكات بنكية مرتجعة، وسط تحذير من ارتفاع قيمتها خلال العام الجاري في حال استمرت تداعيات جائحة كورونا.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة “انبندنت”، اختار آلاف الأردنيين المتعثرين ماليا والمطلوبين للجهات الأمنية والتنفيذ القضائي، ملازمة بيوتهم طوعا وعدم مغادرتها خشية ملاحقتهم وإلقاء القبض عليهم، في واحدة من أبرز القضايا الاقتصادية والاجتماعية التي فاقمت أزمة كورونا من حجمها على نحو مقلق.
وقالت الصحيفة إن التقديرات تشير إلى وجود أكثر من مليون متعثر ومفلس في الأردن، اضطر بعضهم إلى الهرب نحو دول عربية وأجنبية، أبرزها تركيا.
ويرى مراقبون أن ملف المتعثرين مشكلة مركبة ما بين المدين والدائن، وبات أشبه بكرة ثلج تتدحرج من دون أن تجد ما يصدها.
ويتهم هؤلاء الحكومة بالتقصير في حل هذه الأزمة التي بدأت تأخذ أبعادا اجتماعية خطيرة، تتشابك فيها الحقوق والمصالح، خاصة أن أغلب هؤلاء المتعثرين هم ضحايا قرارات تتعلق بمواجهة كورونا، والتي نتج عنها إغلاق قطاعات اقتصادية لأشهر طويلة.
وتمتلئ قاعات المحاكم بآلاف القضايا للمطالبات المالية المترتبة على مواطنين متعثرين ومفلسين، حيث بلغ عدد قضايا التعثر في العام الماضي نحو 134 ألف قضية.
حبس المدين
وعلى الرغم من محاولات برلمانية متعددة لطرح القضية أمام الحكومة للخروج بقانون يحد من العقوبات بحق المتعثرين مالياً، خاصة الجزئية التي تتعلق بحبس المدين، فإن هذه الجهود لم تكتمل.
ويطالب مواطنون النواب بإجراء تعديل على قانون التنفيذ القضائي، بحيث يمنع حبس المدين ويضمن حق الدائن.
لكن واقع الحال يشير إلى تفاقم المشكلة ودخول قطاعات جديدة إلى قائمة المتعثرين، حيث أعلن، مؤخرا عن إغلاق أكثر من 4 آلاف مطعم أبوابه، كما يمكن ملاحظة آلاف الشقق السكنية التي يعرضها أصحابها للبيع بسبب تعثرهم في سداد ثمنها للبنوك.
وارتفعت قيمة الشيكات المرتجعة في الأردن على أساس سنوي، 10.3 بالمئة بنهاية العام الماضي، مقارنة مع العام 2019.
مقترحات وحلول
وأوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي، المعني بدراسة التحولات المجتمعية في الأردن بإيجاد آلية لإلغاء عقوبة حبس المدين فقط للمبالغ التي لا تتجاوز ثلاثة آلاف دولار، مع ضرورة أن تتعاون البنوك مع المتعثرين، ومنحهم تسهيلات في السداد.
كما أوصى بضرورة اتخاذ إجراءات أخرى لحماية الدائن، من قبيل منع المحكوم عليه من إبرام أي عقود أو اتفاقيات تحت طائلة الحبس، ومنعه من التصرف في الأوراق المالية والأموال غير المنقولة والمنقولة.
ويخشى هذا المجلس من اكتظاظ السجون الأردنية مع ازدياد أعداد الأردنيين المتعثرين سنوياً.
في حين تشكل هذه الأعداد عبئاً اقتصادياً ثقيلاً على خزينة الدولة، حيث تبلغ كلفة السجين الواحد شهرياً ما يقارب 800 دينار.
15 في المئة من الأردنيين متعثرون
من جانبه، يرى المستشار الاقتصادي السابق في الديوان الملكي محمد الرواشدة أن السياسات الاقتصادية هي التي تسببت في ارتفاع عدد المتعثرين في الأردن، متوقعاً ارتفاع العدد إلى أضعاف ما هو عليه.
وقال الرواشدة، إن عدد المتعثرين بلغ ما نسبته 15 في المئة من سكان الأردن، وهو رقم ينذر بضرورة إيجاد حل لهذه القضية، مقترحاً تأجيل أقساط القروض ومنح فرصة للمتعثرين من أجل تسديد المستحقات المفروضة عليهم.
كما دعا الحكومة إلى تجميد عقوبة الحبس للمدين لمدة عامين من أجل إعطاء الفرصة لهم لتسديد ديونهم.