حكومة جعفر حسان: 32 وزيرًا لأزمات متكررة؟

18 سبتمبر 2024
حكومة جعفر حسان: 32 وزيرًا لأزمات متكررة؟

د. محمد الهواوشة

تشكيل حكومة جعفر حسان، التي تتألف من 32 وزيرًا، أثار موجة من التساؤلات والاستياء لدى العديد من الأردنيين. في الوقت الذي تتعامل فيه الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة، التي تُعد إحدى أقوى وأكبر دول العالم، بحكومة لا يتجاوز عدد وزرائها 15 وزيرًا، نجد أن الحكومة الأردنية تضم أكثر من ضعف هذا العدد، مع تكرار لأسماء مألوفة شغلت مناصب وزارية في حكومات سابقة، دون تقديم تغييرات جوهرية تذكر.

الحجم الكبير، النتائج الضئيلة؟

زيادة عدد الوزارات ليس بالضرورة أن تكون دليلاً على كفاءة الحكومة أو قدرتها على تقديم حلول للأزمات التي تواجهها البلاد. فالأردن يعاني من أزمات اقتصادية متراكمة، مديونية متزايدة، وارتفاع في معدلات الفقر والبطالة. هذه الأزمات تتطلب حلولًا جذرية وإصلاحات حقيقية، وليس المزيد من المناصب أو الوزارات التي تثقل كاهل الميزانية وتزيد من التعقيدات البيروقراطية.

تكرار نفس الأسماء: هل من جديد؟

أكثر من نصف الوزراء في الحكومة الجديدة هم أسماء تكررت في حكومات سابقة، ما يثير الشكوك حول قدرة هذه الحكومة على تقديم شيء جديد. إذا كانت نفس السياسات والأشخاص الذين كانوا جزءًا من المشكلة يعودون إلى المشهد، كيف يمكن أن ننتظر منهم حلولًا جديدة؟ يبدو أن هذه الحكومة لا تخرج عن نمط الحكومات السابقة التي فشلت في التعامل مع التحديات الاقتصادية والسياسية، مما يزيد من الإحباط الشعبي.

مقارنة مع الدول العظمى: هل نحن بحاجة لكل هؤلاء؟

عندما ننظر إلى حكومة الولايات المتحدة، التي تتكون من 15 وزيرًا فقط، نتساءل: كيف يمكن لدولة بحجم الولايات المتحدة أن تدار بكفاءة بهذا العدد القليل من الوزراء، بينما يحتاج الأردن، وهو بلد صغير نسبيًا من حيث المساحة وعدد السكان، إلى 32 وزيرًا؟ الإجابة قد تكون في طريقة إدارة الموارد واختيار الكفاءات. الولايات المتحدة تعتمد على الكفاءات والخبرات العالية في إدارة ملفاتها الحيوية، بينما يبدو أن الأردن يعتمد على زيادة عدد الحقائب الوزارية دون مراعاة للكفاءة أو الخبرة.

نحن لسنا بحاجة إلى ستة وزراء دولة

من أبرز علامات التضخم الوزاري في هذه الحكومة هو وجود ستة وزراء دولة. نحن لسنا بحاجة إلى هذا العدد الكبير من وزراء الدولة في بلد يعاني من ضائقة اقتصادية حادة. الوزارات ينبغي أن تكون فعالة وتركز على القضايا الحيوية والمباشرة التي تواجه المواطنين، وليس على توفير مناصب شرفية أو غير ضرورية. في الوقت الذي يتطلب فيه الوضع التركيز على إدارة الأزمات وحل المشكلات، فإن وجود ستة وزراء دولة يعكس عدم الكفاءة في توزيع المسؤوليات.

إصلاح أم تعقيد؟

بدلًا من التركيز على زيادة عدد الوزراء، كان من الممكن التركيز على تقليص الوزارات وجعلها أكثر كفاءة. فزيادة عدد الوزراء قد يؤدي إلى زيادة التنافس الداخلي بين الوزارات، وزيادة تعقيد الإجراءات، وتأخير القرارات الحاسمة. في حين أن الإصلاح الحقيقي يتطلب حكومات صغيرة، مرنة، وكفؤة تستطيع اتخاذ قرارات سريعة ومدروسة لمواجهة الأزمات.

ماذا بعد؟

حكومة جعفر حسان قد تكون فرصة لتقديم إصلاحات حقيقية، ولكن تكرار نفس الوجوه وعدم تقليص العدد الهائل من الوزراء يشير إلى أن التغيير الحقيقي قد يكون بعيدًا عن الواقع. التحديات التي تواجه الأردن كبيرة وتتطلب رؤية جديدة، قيادة شجاعة، وكفاءات قادرة على الابتكار والعمل الجاد بعيدًا عن مصالحهم الشخصية.