بقلم : اللواء متقاعد مروان العمد
القسم الاول الجرائم التي ارتكبت باسمها
مما لا شك فيه ان ماحصل للطفل صالح في مدينة الزرقاء اكثر من مجرد جريمة واكثر من ان يوصف بالوحشية ويستحق اكثر من مجرد التنديد والادانة. حقاً انه حادث ادمى قلوب الاردنين جميعهم وجعل الدمع ينسكب من عيونهم وتمنى كل واحد منهم ان توقع على المجرمين الذين فعلوا ذلك اقصى العقوبات. وان يتم اعدامهم او تطبيق شريعة حمورابي عليهم وهي العين بالعين والسن بالسن والعقوبة من جنس الفعل، او ان يلقى بهم في منطقة نائية الى حد هلاكهم. لكنها هذه في الواقع مجرد امنيات من هول وفظاعة الفعل وطريقة ارتكابه ولكن لا يسندها نص قانوني. وان الامر الواقع الذي نأمل حدوثه هو الحكم على من قام بهذا الفعل بالحد الاقصى من العقوبات. ومن الطبيعي انه سوف تسند اليهم عدة تهم ونأمل من المحكمة وبعد اصدارها احكامها المشددة عليهم ان تقوم بجمع العقوبات بحقهم وليس دمجها بموجب صلاحيات المحكمة التي منحها لها القانون اذا وجدت المحكمة ان الجريمة المرتكبة من حيث الفظاعة والعنف تستحق ذلك ولا اعتقد ان جريمة تستحق تطبيق جمع العقوبات عليها اكثر من هذه الجريمة.
الا ان البعض حاول ان يستغل هذه الحادثة لغايات معينة اعتبر ان كلاً منها جريمة قائمة بحد ذاتها
١ – فقد قام البعض بشن هجوم على الاجهزة الامنية ليتهمها بالتقصير وعدم القيام بواجباتها . بل ذهب البعض الى اتهام هذه الاجهزة بالتعاون مع المجرمين والخارجين على القانون وحمايتهم وعدم العمل على توقيفهم وحماية المجتمع منهم وموجهين اللوم اليها لعدم ابقائهم في السجون لحماية المجتمع منهم . متغافلين ان صلاحيتها هي حماية الامن العام وحماية المواطنين والقاء القبض على الخارجين على القانون او من بحقهم اوامر بالقاء القبض عليهم ثم تحويلهم الى جهة الاختصاص وهي على الاغلب السلطة القضائية وانها لا يحق لها الاحتفاظ بهم لديها .
2 – وقد تعرضت السلطة القضائية للكثير من الهجوم والاتهام بأنها تتهاون مع مرتكبي المخالفات والجنح والجرائم وانها قد تفعل ذلك خوفاً من اصحاب السوابق او مقابل ما يحصلون عليه منهم . ولكن الصحيح ان المحاكم وفِي القضايا الجزائية تحكم حسب قناعاتها . وقناعاتها هذه لا تتكون الا من خلال الادلة والاثباتات التي تقدم امامها بحق من تجري محاكمتهم . وان احكامها تكون مقيدة بالعقوبات التي ينص عليها القانون ولا تستطيع تجاوزها . كما ان الكثير من المواطنين يتراجعون عن اقوالهم امام القضاء او يتنازلون عن حقوقهم مما يترتب عليه الحكم عليهم اما بعدم المسؤولية او البراءة او الحد الادنى من العقوبات .
٣ -وقد وجه الكثيرون الانتقاد للاجهزة الامنية والقضائية لتركهم اشخاصاً عليهم اسبقيات جرمية كثيرة احراراً دون ان يدركوا ان هذه سميت اسبقيات لكونه سبق وان اتخذت بحقهم الأجراءات الشرطية والقضائية اللازمة وانهم لم يعودوا مطلوبين عليها . ويطلق على من هم مطلوبين بأن بحقهم طلبات امنية . وهم من يقع على الجهات الشرطية واجب ملاحقتهم والقاء القبض عليهم وتحويلهم للسلطة القضائية .
٤ – كما قام الكثيرون بتوجيه مناشدات لصاحب الجلالة الملك المعظم بأن يأمر باعدام المتسببين بالحادث او تقطيع ايديهم وفقئ عيونهم عقاباً لهم على فعلتهم او وضعهم في السجن فى مكان منعزل مدى الحياة ، وهم لا يدرون انهم بمطالبهم هذه امام العالم يسيؤون لجلالته ، حيث ان جلالته وان كان على رأس السلطة القضائية الا انه لا يمكنه ان يتدخل في احكامها وقضائها . ولقد سارع جلالته ومنذ ان سمع بهذه الجريمة البشعة الى استنكارها والمطالبة بسرعة القاء القبض على الفاعلين وتحويلهم الى القضاء ليلاقوا جزاء فعلتهم ، وقد تم ذلك . كما بادر جلالته بالامر بنقل الطفل صالح الى المدينة الطبية وان يتولى الاشراف عليه فريق طبي من مختلف التخصصات وان يقدموا له كل رعاية وعناية وتدخلات طبية تلزم له . وقد تم نقله وهو حالياً يحظى بالعناية الطبية القصوى . كما قام جلالته بالاتصال الهاتفي معه للأطمأن عليه وتقديم الدعم المعنوي وكذلك كانت مواقف جلالة الملكة وسمو ولي العهد .
٥ – كما ان الكثيرون دافعوا عمن صور الفيديو وقام بنشره واخذوا في نشر وتداول هذا الفيديو في حين ان هذا الفعل يشكل جريمة الكترونية بكل المقاييس وبكل انحاء العالم ولا يمكن تبريره بأي حال من الاحوال لأن هذا يسيئ الى الضحية وذويه واعتداء على خصوصيتهم وليس على المجرمين . وان على من يصور مثل هذه الفيديوهات توصيلها للجهات الامنية لكي تتابع هي أجراءاتها ولتكون هذه الفيديوهات من ضمن الادلة القانونية.
٦ – وقد قام البعض وعن حسن نية وطيبة قلب بأبداء استعداهم للتكفل بتركيب اطراف اصطناعية للمذكور ومتابعة علاجه . حتى انني اتصل بي احد الاقارب من كندا واخبرني ان الكثيرين اعلنوا عن استعدادهم للقيام بذلك وعلى نفقتهم . في حين ان بعض الاشخاص استغلوا ذلك للقيام بعمليات نصب واحتيال على وسائل التواصل الاجتماعي عن طريق الادعاء بقيام حملات لجمع التبرعات لمساعدة الطفل وعائلته ووضعها في حسابات معينة بهدف الاستيلاء عليها والاساءة لسمعة الاردن خارجياً واظهار انه لم يقم بواجباته نحو هذا الطفل مما دفع بعض الفضائيات الخارجية للاتصال به وسؤاله فيما اذا قدمت له لمساعدات والعلاج الطبي ام لا ، والذي اكد بدوره انه يلقى رعاية طبية على احسن وجه بأوامر من جلالة الملك وان جلالته اتصل به هاتفياً للأطمئنان عليه .
٧ – كما ان الكثير من الفضائيات والاعلاميين تكالبوا على الاتصال بهذا الطفل ووالدته وتكرار الأسئلة لهما عن تفاصيل ما حدث له وفيما اذا تلقى المعالجات الطبية ام لا ومن غير تقدير لما قد يسببه ذلك من اذى نفسي لهما وهما يعيدان سرد التفاصيل طوال اليوم . ناهيك عن بعض الأسئلة الغبية التي وجهها بعض الاعلاميين له والذين من الظلم ان يطلق عليهم هذه الصفة مثل سؤالهم كيفك الان ان شاء الله احسن ؟ او هل تشعر الآن بتحسن وهو لم يمر عليه وقت ليحس بذلك.
٨ – ومصيبة المصائب من استغل مصيبة هذا الطفل لعمل دعاية انتخابية للمجلس النيابي القادم والظهور باشرطة فيديو لاظهار التعاطف مع الطفل وذويه وانتقاد الإجراءات الامنية التي تترك مثل هؤلاء المجرمين مطلقي السراح . وقد شاهدت بعض هذه الفيديوهات لاحدهم / احداهن وتفاجأت بمدى سطحية فكر ومعلومات من عمل هذا الاشرطة ومدى الانتهازية فيما تم طرحه خلاله والوعد انه في حال الوصول لعضوية مجلس النواب فسوف يعمل / تعمل على وضع حد لعصابات الزعران وما يفعلونه والطلب من المدعي للعام ان يبحث في القانون عن تهمة لهم تكون عقوبتها الاعدام في تجاهل او جهل حقيقي ان المدعي العام خصم شريف لا يعمل الا بمقتضى القانون . وان العبرة ليست في توصيف المدعي العام للتهمة وانما المهم ما يتم اثباته بالمحكمة والتي لها كامل الصلاحية بتعديل التهمة تخفيفاً او تشديداً ان رأت ذلك مناسباً . وكما يبدوا واضحاً ان الغاية من هذه الفيديوهات هي مخاطبة مشاعر الناخبين الذين تفاعلوا مع مأساة هذا الطفل ومن اجال كسب بعض الاصوات .
٩ – كما ان المطالبة باطلاق سراح والد الطفل صالح قد لا يكون الآن اوانها . فهو متهم بجريمة قتل بغض النظر عن الظروف والاسباب . وان تطبيق القانون غير موكول للمواطنين . ونحن لا نعرف ظروف حادثة القتل السابقة والتي قد تكون مقصودة او غير مقصودة ، ولا فيما اذا صدر بها حكم قضائي قطعيى ام لا حيث انه لا يمكن صدور قرار عفواً خاصاً من قبل جلالة الملك الا بعد صدور قرار قطعي من القضاء ودراسة ظروف الجريمة التي ارتكبها .كما ان فعل امر من هذا القبيل قد يعيد قضية الثأر الى الواجهة من جديد
ملاحظة /القسم الثاني عن ما يجب عمله لوضع حد للخروج عن القانون غداً ان شاء الله