الملكاوي يكتب : “هل يُعَدُّ نظام موارد البشرية الجديد مفتاحًا للأيام الجميلة التي لم تأتِ بعد؟”

4 يوليو 2024
الملكاوي يكتب : “هل يُعَدُّ نظام موارد البشرية الجديد مفتاحًا للأيام الجميلة التي لم تأتِ بعد؟”

وطنا اليوم_محمد ملكاوي_في خطوة تهدف إلى تحسين الكفاءة الإدارية في القطاع العام، أقرّت الحكومة الأردنية نظامًا جديدًا لإدارة الموارد البشرية تحت رقم 33 لسنة 2024.

ورغم النوايا الطيبة لهذا النظام، إلا أن هناك العديد من السلبيات الجسيمة التي قد تؤثر سلبًا على العاملين في القطاع الحكومي وعلى المجتمع الأردني ككل.

 

1. تقليص حقوق الموظفين: هل هو تحسين أم انتقاص؟

أحد أبرز الجوانب السلبية في النظام الجديد هو تقليص الحقوق والمزايا التي كانت ممنوحة للموظفين سابقًا.

يتضمن هذا إلغاء بعض الفصول والمواد التي كانت تمنح الموظفين مكافآت وعلاوات سنوية. هذا التغيير الجذري ليس مجرد تعديل إداري بسيط؛ بل هو انتقاص مباشر من حقوق الموظفين التي اكتسبوها عبر السنوات.

تقليص هذه الحقوق قد يؤدي إلى تراجع الروح المعنوية لدى الموظفين، مما يقلل من حافزهم للعمل بجدية وكفاءة، وينعكس سلبًا على الأداء العام للإدارة الحكومية.

2. الاستقرار الوظيفي: حلم يتبخر

النظام الجديد يعزز السلطات التقديرية للإدارات في تعيين وترقية الموظفين، مما يهدد الاستقرار الوظيفي. في بيئة تفتقر إلى الأمان الوظيفي، قد يشعر الموظفون بالقلق المستمر حول مستقبلهم، مما يؤثر سلبًا على إنتاجيتهم وأدائهم.

هذا الوضع يفتح الباب على مصراعيه للمحسوبية والفساد الإداري، حيث يمكن تعيين وترقية الأشخاص بناءً على العلاقات الشخصية بدلاً من الكفاءة والجدارة.

3. تقييد الحريات النقابية: خطوة إلى الوراء

من البنود الأكثر إثارة للجدل في النظام الجديد هو تقييد قدرة الموظفين على الاعتصام والتظاهر. في مجتمع ديمقراطي، تعد الحريات النقابية جزءًا لا يتجزأ من حقوق الإنسان الأساسية. تقييد هذه الحريات يقوض قدرة الموظفين على التعبير عن مطالبهم وحقوقهم بطرق سلمية وديمقراطية.هذا التقييد لا يمثل فقط تراجعًا في معايير حقوق الإنسان، بل أيضًا يخلق بيئة من القمع وعدم الرضا بين الموظفين.

4. زيادة البيروقراطية: عقبة في طريق الكفاءة

التعديلات الجديدة قد تزيد من البيروقراطية والتعقيد الإداري، مما يؤدي إلى تباطؤ العمليات وتأخير إنجاز المعاملات.

البيروقراطية الزائدة تعني إجراءات أطول وأكثر تعقيدًا، مما يعرقل تحقيق الهدف الأساسي للنظام الجديد وهو تحسين الكفاءة الإدارية.

هذه البيروقراطية لا تؤدي فقط إلى تعطيل مصالح المواطنين، بل تخلق أيضًا بيئة عمل محبطة للموظفين.

5. غياب الشفافية والمشاركة الفعالة: قرار أحادي الجانب

من العيوب الرئيسية للنظام الجديد هو غياب الشفافية في عملية وضع وتطبيق التعديلات ، ويبدو أن هذا النظام قد فُرض دون مشاركة فعلية من الموظفين أو أخذ آرائهم واحتياجاتهم بعين الاعتبار. غير مدركين ان الشفافية والمشاركة الفعالة هما حجر الزاوية لأي نظام ناجح ومستدام ، وبدون هذه العناصر الأساسية، قد يواجه النظام مقاومة وعدم قبول من قبل الموظفين والمجتمع على حد سواء.

6. التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية: انعكاسات سلبية على المجتمع.

يبدوا ان الحكومة لم تفكر بعواقب  تقليص حقوق الموظفين وزيادة عدم الاستقرار الوظيفي الذي يمكن أن يكون لهما تأثيرات اقتصادية واجتماعية سلبية على المجتمع الأردني .

ان انخفاض الروح المعنوية للموظفين قد يؤدي إلى تراجع جودة الخدمات العامة، مما يؤثر سلبًا على حياة المواطنين اليومية.

بالإضافة إلى ذلك، قد تؤدي زيادة المحسوبية والفساد الإداري إلى تفاقم الفجوات الاجتماعية والاقتصادية، مما يعمق من التحديات التي تواجهها الدولة بعدما قررت الحكومة وضع النظام الجديد الذي يمنع ويعاقب، العمل بعد انتهاء ساعات الدوام الرسمي في الوظائف الحكومية .

و بينما يسعى النظام الجديد لإدارة الموارد البشرية إلى تحسين الكفاءة والفعالية في القطاع العام، فإن السلبيات المحتملة قد تؤدي إلى نتائج عكسية قد تسبب في التوسع رقعة الفقر وينقل الطبقة المتسوطة  ذوي الدخل المحدود الى الطبقة الفقيرة .

اصبح من الضروري على الحكومة إعادة النظر في بعض التعديلات وضمان إشراك الموظفين والمواطنين في عملية صنع القرار لتحقيق الأهداف المرجوة دون المساس بحقوق الموظفين واستقرارهم الوظيفي.

ويتم ذلك فقط من خلال تحقيق التوازن بين تحسين الكفاءة وضمان حقوق الموظفين يمكننا بناء نظام إداري ناجح ومستدام في الأردن.

في نهاية المطاف، يظل الحوار المفتوح والشامل مع جميع أصحاب المصلحة هو الطريق الأمثل لتحقيق التحسينات المرجوة دون التضحية بحقوق الأفراد وحرياتهم الأساسية.