وطنا اليوم:تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي في السودان بكثافة، مقاطع مصورة لتصاعد أعمدة اللهب بعد شن سلاح الجو السوداني غارات عسكرية على المصفاة. فيما دق مسؤول سوداني مختص بشؤون النفط والطاقة ناقوس الخطر الذي قد يتعرض له السودان بسبب قصف وتدمير مصفاة الجيلي في الخرطوم، إحدى أهم وأكبر المنشآت النفطية في البلاد، محذراً من سيناريو شبيه بما حدث في مرفأ بيروت، عاصمة لبنان، قبل أربعة أعوام تقريبًا، الذي أسفر عن دمار واسع النطاق في المدينة وأودى بحياة المئات وإصابة الآلاف وتشريد مئات الآلاف من منازلهم.
وقد أكد وكيل وزارة الطاقة والنفط السابق في السودان، الدكتور حامد سليمان أن القصف الأخير أصاب محطة الضخ “الرويان” وليس المصفاة نفسها. وأوضح أن الجميع يركز حديثه على المصفاة فقط، لذلك يجب الانتباه إلى أن تلك المنطقة تضم منشآت نفطية وحيوية متعددة مثل محطات الكهرباء ومصنع البتروكيماويات، وترتبط بآبار النفط في ولايات غرب وجنوب كردفان، بخط أنابيب، بجانب مستودعات التخزين الاستراتيجية للوقود، ومركز التحكم والتوزيع للشركات الكبرى.
وعن الأضرار المحتملة إذا تعرضت تلك المنشآت النفطية والحيوية لانفجار أو قصف، قال الدكتور حامد : “حسب معلوماتي، تم تفريغ مستودعات الغاز بالمصفاة لأجل سلامتها وتقليل المخاطر المحتملة، لكن مع ذلك، إذا تعرضت لانفجار أو قصف، قد يكون أكبر من انفجار مرفأ بيروت، نظراً لوجود مواد قابلة للاشتعال والغازات السامة”.
وتوقع الدكتور حامد أن الأضرار المحتملة ستكون ضخمة جدًا، ومتنوعة بين اقتصادية وبيئية، فضلاً عن الخسائر البشرية سواء للعاملين داخل المنشآت النفطية والحيوية أو المواطنين القاطنين بالمناطق المجاورة.
وطالب الطرفين المتحاربين بعدم اتخاذ المنشآت المدنية كالمنشآت النفطية ومصافي البترول ومحطات الكهرباء والمياه والمدارس والمستشفيات وغيرها من الأعيان المدنية ساحات قتال، والامتناع عن استخدامها للأغراض العسكرية.
تقع مصفاة الخرطوم الشهيرة بمصفاة الجيلي، بمنطقة الجيلي – التي اتخذت منها اسمها – على بُعد 70 كيلومتراً شمال العاصمة. تأسست في العام 1997م، وبدأت عملياتها في العام 2000م، وهي مناصفة بين الحكومة السودانية ممثلة في وزارة الطاقة، والشركة الوطنية للبترول الصينية. تُعد من أكبر المصافي في السودان وترتبط بخط أنابيب للتصدير بميناء بشائر على ساحل البحر الأحمر شرقي السودان بطول 1610 كيلومترات. كما ترتبط بآبار النفط في ولايات غرب وجنوب كردفان. لكن سيطرة “الدعم السريع” على عدد من الحقول في هذه الولايات، بينها حقل بليلة في ولاية غرب كردفان، أسهم بشكل ملحوظ في تقليص إمداد الخام للمصفاة وتراجع سعتها التكريرية. وقبل الحرب، كان إنتاج المصفاة يغطي 60% من احتياجات السودان من البنزين، و48% من احتياجات الغازولين “الديزل”، و50% من احتياجات غاز الطهي. كما تعرضت المصفاة لقصف وغارات وحرائق متكررة، كما دارت بمحيطها معارك شرسة بين الطرفين المتحاربين.
إلى جانب مصفاة الجيلي، يملك السودان ثلاث مصافٍ بترولية أخرى صغيرة تأثرت إنتاجيتها جميعاً بسبب الحرب، وهي مصفاة بورتسودان بولاية البحر الأحمر، ومصفاة أبو جابرة بولاية شرق دارفور، ومصفاة الأبيض بولاية شمال كردفان.