وطنا اليوم – في مثل هذا اليوم من عام ١٩١٨، وقعت معركة حد الدقيق في الطفيلة بين قوات عربية والدولة العثمانية، وهذه المعركة واحدة من أبرز معارك الثورة العربية الكبرى. بعد تحرير العقبة من الحكم العثماني في منتصف عام ١٩١٧، بدأت قوات الثورة تخطط للتقدم نحو الشمال حتى تتمكن من قطع خطوط الإمداد العثمانية.
كانت حامية الطفيلة تتألف من ( 150 ) جندياً و ضابطاً تركيا ، ولكن موقف الحامية كان مرهونا بموقف أهل البلدة وجرت مفاوضات مع قائد الحامية ويدعى زكي الحلبي ويحدث الضابط صبحي العمري عن ذلك قائلا : ” وأخيرا قرر قائد الحامية الاستسلام ، وهكذا دخلنا الطفيلة دون قتال يوم ( ١٥ ) كانون الثاني ١٩١٨ م ، وفي يوم (16) كانون الثاني وصل الطفيلة الأمير زيد وبمعيته القائد جعفر العسكري وبرفقتهم سرية مشاة ومدفع جبلي، ويضيف سليمان الموسى القول : « وهكذا نرى أن الثورة امتدت إلى الطفيلة عن طريق أهلها ورغبتهم في ذلك ، ولو صمم أهل الطفيلة على المقاومة وتعاونوا مع الحامية التركية لغدت مهمة قادة الثورة عسيرة للغاية ، كما أن القوة التي كانت مع الشريف ناصر لم تكن لتستطيع دخول البلدة عنوة واقتداراً. . . وقد انضم أهل الطفيلة بأسرهم إلى الشريف . . وكان ذياب العوران قد كتب للأمير فيصل يبلغه باستعداده لتسليم الطفيلة إلى أول واحد من الأشراف يصل إليها، هذا وقد بادر الأمير زيد فعيّن زكي الحلبي حاكماً إداريا للطفيلة.
الأمير زيد في الطفيلة
ومن الجنوب قدم الامير زيد إلى البلدة ، وفي إقامته اتخذ مستقر له في خاصرة الطفيلة الجنوبية شمال نبع ماء يُسمّى ( عين حاصده ) ، وهناك بنى خيامه في أرض عشيرة البَحرات . . ويصف عبد المهدي بن محمود –أحد رجال الطفيلة – الحال في تلك الفترة . ومن مذكراته : ” ما أن وصلتنا أخبار تواجد الأمير زيد حتى عادت الذاكرة لتحملنا إلى أيام لنا مع الأمير فيصل في ديارالشام فهزتني النخوة ، وقلت لأخي إبراهيم بن محمود شيخ عشيرة البحرات؛ عليك يا أخي أن تلتقي الشريف ، وتقوم بواجب الضيافة العربية ، فالشريف في أرض عشيرتك ، واسمح لي أن أرافقك فاستجاب، ولما وصلنا المخيم رحّب بنا الأمير ولم أخبره عن علاقتي بأخيه ، حاول أخي دعوته للعشاء؛ ثم شكر أخي قائلاً : من بعد . . من بعد ؛ ” أي لاحقا ” فأنا لا أقيم دائماً في المخيم ، الأمر يتطلب مني الحذر . . . فأنا جوال و ( راعي إشداد )، وعند المساء أقبل شيخ قرية صنفحة – محمود بن موسى الشبطات ومعه ثلاثة رجال مسلحين ، وأدركت بالحدس أن الأمير مدعو للعشاء وربما البيات في ” صنفحة “، ذلك هو أول لقاء أشاهد فيه هذا الأمير واستطعت أن ألمح فيه أخلاقيات القائد العسكري والسياسي الفطن رغم صغر سنه ؛ ومنذ ذلك الوقت فإن أهل الطفيلة يطلقون على خاصرة المكان ( وادي زيد ) وعلى الكتف المطل عليه بـ ( الأميرية ) تخليداً للذكرى ، ومن نافلة القول فإن المنحدرات التي تطل على تلك المواقع هي ( المياسر ) وهي من دياربني عذرة تلك القبيلة العربية المشهورة
وما دام الأمير زيد جوّال فقد ذهب في إحدى الليالي إلى وادي موسى ، فهو كما قال ( راعي إشداد) ، وهذا مصطلح تراثي وكلمة ( إشداد ) ترتبط بالجمل ، وهي تشبه في المعنى السرج للحصان؛ أي أن الأمير كان دائم التنقل على ظهر جمل وتحته الشداد ، فهو راعي إشداد دائماً ، يتنقل على ظهر راحلته .
وتاليا قائمة الشهداء و الجرحى من أبناء مدينة الطفيلة في معركة حد الدقيق 1918 م كما وردت في أغلب المراجع .
سجل شرف قوائم الشهداء و الجرحى في معارك الطفيلة ( معركة حد الدقيق ) 1918 م