في زمن تتقاذف فيه الأمم أمواج التحديات والأزمات، وتتشابك فيه الأجندات الدولية بما يهدد السيادة والاستقلال، يبرز السؤال الجوهري عن مكانة الوطن في قلوب أبنائه وعن دورهم في حماية وصون تلك السيادة. لكل أردني، ينبغي أن تكون الإجابة صريحة وواضحة: الوطن ليس مجرد مساحة جغرافية نعيش عليها، بل هو هوية تسكن في الروح، وعرق يجري في الأوردة، ونبض يتردد في القلوب مع كل دقة.
أي وطن في محيطنا العربي والإقليمي يعيش تحت وطأة التحديات، يجب أن يجد في أبنائه السند والحصن. لا يمكن لأي دولة أن تنهض وتزدهر في ظل الشكوك والانتقادات الهدامة التي تفت في عضدها، أو في ظل نخب سياسية تبحث عن مصالحها الذاتية على حساب الوطن. لكن، ماذا عن الأردن، هذه الدولة التي ظلت صامدة كصخرة متينة في وجه العواصف؟
الأردن، بتاريخه العريق وحضارته الغنية، بآبائه وأجداده الذين زرعوا بدمائهم وتضحياتهم بذور الأمان والاستقرار، يستحق من أبنائه أن يقفوا كالأسوار المنيعة في وجه كل من تسوّل له نفسه المساس بسيادته ووحدته. الأردنيون، بجيشهم العربي الباسل، وشهدائهم الأبرار، ونشاماهم الأوفياء، هم درع الوطن وسيفه البتار.
إن الحفاظ على الوطن وصون كرامته لا يكون بالشعارات الرنانة ولا بالمواقف الانتهازية التي تتخذ من الأزمات جسورًا لتحقيق مكاسب ضيقة. بل يكون باليقظة والوعي والاستعداد للتضحية والعطاء دون حدود. يتطلب من كل أردني أن يكون حارسًا أمينًا على قيم الوطن ومبادئه، رافضًا لكل أشكال الفتنة والتفرقة التي تهدف إلى زعزعة استقراره.
ليس الوطن محطة عبور أو بضاعة تُباع وتُشترى في سوق المصالح الدولية. الوطن هو السكن والمأوى، الهوية والفخر، العزة والكرامة. يجب على الأردنيين أن يعتصموا بحبل الوحدة الوطنية الغليظ، وأن يرفعوا راية الأردن عاليةً خفاقة، معلنين للعالم أجمع أنهم، بالرغم من التحديات والصعاب، قادرون على الحفاظ على أمن واستقرار وسيادة وطنهم.
إن التحدي الأكبر الذي يواجهه كل أردني ليس فقط في التصدي للأخطار الخارجية، بل وأيضًا في مواجهة الأفكار الهدامة والسلوكيات السلبية التي قد تنبع من داخل النسيج الوطني نفسه. يتطلب ذلك العمل المشترك والحوار البنّاء، وتعزيز ثقافة النقد الهادف الذي يسهم في الارتقاء بالمجتمع وتحصينه ضد كل محاولات الهدم والتفكيك.
الأردن بحاجة إلى أبنائه، إلى كل فرد يؤمن بقيمة الوطن ويعي دوره في حماية هذا الكيان وتعزيز مكانته. لا بد من التأكيد على أن المشاركة الفعالة في الحياة العامة والإسهام في النقاشات الوطنية بروح من المسؤولية والوعي يمثل ركيزة أساسية لبناء مستقبل أفضل.
على الأردنيين أن يدركوا قوة التحديات التي تواجه الأمة، وأن يتحلوا بالعزم والإرادة لتجاوزها. يجب أن يكون الوطن هو البوصلة التي توجه كل تصرفاتهم وقراراتهم، فالأردن ليس مجرد مكان يعيشون فيه، بل هو القصة التي يكتبونها بأيديهم، الحلم الذي يسعون لتحقيقه، والوعد الذي يجب أن يحافظوا عليه للأجيال القادمة.
في النهاية، يقف الأردن، بكل تاريخه وتراثه وثقافته، كشاهد على قوة الإرادة الإنسانية والقدرة على التغلب على الصعاب. لكل أردني، تقع مسؤولية عظيمة في حماية هذا الإرث وضمان أن يبقى الوطن، بكل ما يمثله من قيم ومبادئ، قويًا وموحدًا ومزدهرًا. فلنعمل جميعًا، بكل ما أوتينا من قوة وعزم، لنحقق هذا الهدف ونجعل من الأردن مثالاً يحتذى به في الوحدة والتقدم والرخاء..
ا د هاني الضمور