بقلم محمد جمعة الخضير
يقف شباب البادية الأردنية على أعتاب المشاركة بالتحول الديمقراطي برغبة مترددة بين المستقبل وأصفاد تجارب تطفئ توقد طاقاتهم بما أُغرقت فيه سابقا من أفكار غدت بواقع أعمالها بالحياة وهم يكبل آمالهم وتطلعاتهم في خوض تجربة جيلهم بأفكار وأدوات وآليات عصرهم الذي يعيشونه ويأملون برسم مستقبلهم المنشود فيه.
وبقدر ما أن ثقافة البادية غنية بالقيم الاجتماعية النبيلة في إطارها الاجتماعي ، غير أنها غير ناجعة كمحرك للسلوك السياسي بأن تكون منطلقا وحيدا للمشاركة السياسية ، نتيجة طبيعية لما طرأ من اختلاف في الأدوات وتغير بالأدوار والمهام والوظائف التي نبتت في مناخها دوافع الإنسان بالتفاعل بالمشاركة بعملية صناعة القرار وفق نمط تقليدي أصبح قاحلا مجدبا غير قادر على التجدد ولا يمتلك المقدرة على بعث الحياة بذات الأفكار المتصلبة التي شكلت قارب يقل طموحات فئة “شاخت بمواقع السلطة ” دون غيرها .
كما ولعبت مجموعة المفاهيم والأفكار الراكدة والبنى التقليدية دورا خطيرا تجلى تاريخياً بتصعيد فئة دون غيرها لمصوغ يتكيء على الأوضاع الاجتماعية من ناحية ، وما تفرضه من أدوار من ناحية أخرى اقتضتها طبيعة الأشياء ، وساعدها تأثير ظروف ضرورتها المتوافق عليها من العموم في إطارها الاجتماعي ،
إلا أنه تم تحوير دور الضرورة بتسييسه فحضرت فيه نزعة تخدم فئة قليلة وأضرت بالفئة الأكبر بل أقصتها لصالح الأولى وأنتجت حالة من التوريث السياسي منبثق من ذات التربة الاجتماعية القاحلة سياسياً والمراد أن تبقى كذلك ، ولنا في المئوية الأولى دروس وعبر لذاتنا وللآخرين كيف كان لتمثيلهم السياسي بُعد أفقي عوضاً ، عن العامودي الجاثم على صدور أبناء البادية بفعل الثالوث .
وتم تجذير حالة استمرارية الثالوث لغياب الفكر السياسي عن ثقافة المشاركة السياسية كدافع لها ، بالإضافة إلى حالة انكفاء الفرد على ذاته لصالح شرعية موروث تراث تراتبية الدور الاجتماعي ، الذي تآكلت جدوى وظائفه وشرعيته مع مقتضيات مشروع التحديث السياسي وما يتطلبه المستقبل.
وشكلت كل تلك العوامل وتأثيراتها سالفة الذكر في مخيلة جيل شباب البادية الطامح بالتغيير حالة من الترقب في هذه الأوقات رغم وجود الرغبة المترددة إلا أنه هناك بالافق ثمة امل يتأتى بما غلب عليهم من مزاج عام من التمرد على معادلة الثالوث التي أفقرت فرصهم بالتنمية في سبيل التنفع وتصعيد الأبناء ولاحفاد.
وهذه المعادلة باعتقادي بدأت تنحسر فلم يعد يستقيم مستقبل وجودها مع بارقة الأمل التي أشعلها المزاج المتمرد بوعيه المنبثق من واقعه الذي لابد أن تبلوره إرادة البحث عن مكان بالمستقبل برؤى ناجزة تتأتى من خلال الانخراط بالعملية السياسية فكراً وممارسة باعتبارها طريقا واداء أمثل لتغيير قوى الوضع القائم سياسياً ، وإحلال قارب العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص ليقل آمال وطموحات هذا الجيل الواعد بتمرده …