بقلم الدكتور رعـد محمود التـل*
تشكل أسعار السلع الأساسية حجر الزاوية في استقرار الاقتصادات، وعندما يشهد سوق هذه السلع ارتفاعًا، ينعكس ذلك بشكل واضح على توقعات النمو الاقتصادي. فارتفاع أسعار السلع يعني زيادة في تكاليف المعيشة، مما يقلل من قدرة الأفراد على الإنفاق على السلع والخدمات الأخرى، مما يؤثر سلبًا على الاقتصاد.
كما يزيد التضخم الناتج عن ارتفاع أسعار السلع من تعرض الاقتصاد للتقلبات، حيث يؤدي إلى انخفاض استقرار العملة وتحديات اقتصادية مستمرة. كما أن رتفاع تكاليف الإنتاج يضع ضغطًا اضافياً على القطاع الخاص، مما يقلل من إمكانية الاستثمار وخلق فرص العمل، مما يعكس تأثيرًا سلبيًا على النمو الاقتصادي.
إن ارتفاع أسعار السلع الأساسية بالضروة له تأثير على ميزان المدفوعات للدول والتي تعتمد بشكل كبير على وارداتها، وقد يتسبب ذلك في زيادة العجز التجاري، حيث تضطر الدول إلى دفع مبالغ أكبر لاستيراد السلع الأساسية. هذا يمكن أن يكون له تأثير سلبي على القدرة التنافسية للصادرات ويقلل من الإيرادات النقدية. كما أن ارتفاع أسعار السلع الأساسية يمكن أن يدفع الحكومات إلى زيادة الاستدانة لتلبية احتياجات المواطنين ودعم القطاعات الحيوية. وفي حالة استمرار الديون العامة في الارتفاع، يمكن أن يؤثر هذا على تصنيف الائتمان ويعقد الوضع المالي للدولة. كما قد يقلل ارتفاع أسعار السلع الأساسية من جاذبية البلدان للاستثمار الأجنبي المباشر، فالشركات الدولية قد تتردد في الاستثمار في بيئة اقتصادية غير مستقرة بسبب التوترات الناتجة عن ارتفاع التكاليف، مما يقلل من فرص النمو الاقتصادي المحتمل.
يمكن للحكومات تحفيز التوازن بين العرض والطلب عبر سياسات متنوعة، مثل تنظيم الأسعار وتعزيز الاستثمار عن طريق رفعة كفاء السوق التنافسية، وذلك لتعزيز استقرار الاقتصاد وتعزيز النمو. فارتفاع الأسعار السلع بشكل كبير على الفئات الفقيرة، سيزيد من التباين الطبقي في المجتمعات مع زيادة نسب الفقر.، وبالتالي يجب على السياسات الاقتصادية أن تركز على تحقيق التوازن وتعزيز العدالة الاجتماعية.
مع تزايد تحديات ارتفاع أسعار السلع الأساسية في ظل التقلبات في المنطقة حالياً، يصبح من الضروري تبني سياسات اقتصادية متوازنة ومستدامة، مما يتطلب جهودًا تعاونية بين القطاعين العام والخاص لتعزيز الاستقرار والنمو الاقتصادي.
رئيس قسم الاقتصاد – الجامعة الاردنية*