أبوعربي إبراهيم أبوقديري
إن تردي الأداء الرسمي العربي ( عجزاً أو تخاذلاً أو تواطؤاً) يستدعي موقفاً شعبياً ثورياً انقلابياً لتصويب
الواقع على مستوى البناء والممارسة، تنهض به قوى الشعب العربي الحية الواعية
المؤثرة كل حب مجاله وقدراته.
وهنا أستأذن القارئ الكريم أنني خالفت بناء المقالة فنياً
فجئت بالخاتمة قبل المقدمة
والمناقشةنسجاماً مع العنوان واستجابة لمقتضى الحال.
أُنشِئت جامعة الدول العربية بداية من سبع دول تلبية لطلب بريطانيا على لسان وزير خارجيتها (إيدن) الذي
كرر تصريحه مرتين نداءً موجهاً للحكام العرب من أجل (صيغة) تجمع تلك الدول …! فكانت ولادة جامعة الدول العربية عام ١٩٤٥ م.
ولعل الحس الشعبي العارم حينها المتعطش إلى الوحدة
كان قوياً لا يمكن تجاهله، ولكن تم التحايل عليه ومغازلته بل ، ومخادعته بهيكل في تسميته وظاهره الوحدة وفي جوهرحقيقته
يكرس التجزئة التي رسمها
سايكس بيكو.
وعليه فإننا لا نتفاجأ برفض الجامعة للمقترح السوري الذي طالب حينها بجواز السفر العربي جنسية موحدة
… ثم رفض الجامعة أيضأ للمقترح العراقي بشأن فكرة
الدينار العربي، عِملةً موحدة لكل العرب.
أما المواقف الحكومية الرسمية (السلبية) من قضية فلسطين فكثيرة. ومنها : موقف اللجنة الملكية التي هدأت ثورة ١٩٣٦ وفكت الإضراب وطمأنت الناس بحسن نوايا (الصديقة بريطانيا) في حل المشكلة
لصالح أبناء فلسطين… يلي
ذلك المبادرة العربية الأولى
عام ١٩٤٦ حيث عرضت الجامعة توقيع اتفاقية مع
الوكالة اليهودية، رحب الصهاينة بالعرض ولكنهم اشترطوا أن يكون التوقيع
مع كل دولة عربية على انفراد… ثم جاء الموقف العربي الرسمي في ما عرف
بجيش الإنقاذ عام ١٩٤٨ أدنى بكثير مما يجب مع افتراض حسن الظن… يلي ذلك إجهاض حكومة عموم فلسطين التي تم الإعلان عنها في غزة ١ / ١٠ /١٩٤٨
… وقائع يطول سردها حتى
المبادرة العربية الأخيرة وانتهاء بالتطبيع والديانة
الإبراهيمية….والموقف الراهن مما يتعرض له أبناء
فلسطين من إبادة.
وعلى صعيد العلاقات العربية
البينية فشلت جامعة الدول العربية عمليا في معالجة الخلافات وفشلت في تطوير علاقات التعاون المشترك بما يخدم الأمن القومي وعملية التنمية والتقدم والازدهار
والتكامل في مختلف المجالات رغم الصيغ النظرية
ورقيا التي بقيت مجرد هياكل لا حياة فيها.
ولم تُعنَ الجامعة في ما يخص تقييم العلاقات الخارجية مع الدول، وآلية
تحدد المواقف العربية منها
بما يحقق مصالح الأمة.
كما أن جامعة الدول العربية
مع الأسف أثبتت أنها جامعة
أنظمة حُكم تقع تحت نفوذ الضغوط والمجاملة حتى على حساب الدول إرضاء
لبعض أنظمة الحكم لدرجة
إن بعض القرارات الخطيرة والكبيرة ربما تخالف ميثاق
الجامعة نفسها أحياناً.
وهنا يجب أن تبرز مصلحة الشعب العربي الكبير لأنه هو
وحده المتضرر الأكبر من واقع الجامعة وممارساتها التي لا تلبي المصلحة الشعبية وطموحات الأمة
في الوحدة والقوة والسيادة
والازدهار، والحياة الحرة الكريمة اللائقة بالإنسان
و بإرث أمتنا ودورها
التاريخي والحضاري والإنساني العريق.
وعليه فإن المصلحة العربية العليا تستوجب أن تتنادى جميع قوى الشعب العربي من المحيط إلى الخليج رغم َ
الحدود وأن تصافح كلها وتتعاضد ( الأحزاب النقابات
والجمعيات والنوادي الاتحادات…. والمفكرون والعلماء…..و… إلخ) لتشكيل ( اتحاد قوى الشعب العربي)
القادر على الفعل والمبادرة
لتصويب خلل تلك الهياكل وقصور هذه الممارسات
بما يحقق مصلحة الأمة داخليا ويعيد النظر في علاقات أمتنا الخارجية
بناء على مواقف تلك الدول الأجنبية من قضايا أمتنا على
قاعدة التكافؤ والاحترام بلا
همينة ولا تبعية.
٣ / ١١ / ٢٠٢٣ م