بقلم: د. ذوقان عبيدات.
في مثل ظروف الحرب، تكثر الإشاعات، وكل طرف فيها يمارس حربًا نفسية، وهذا مفهوم، في العُرف العسكري والمدني. ويمكن مقاومته بالتفكير المنطقي، ومعرفة نوايا الناطقين باسم أطرافها! لكن ما يهمنا هو موقف الجمهور من هذه الإشاعات، كيف يتداولها؟
(١)
ففي تفسير الإشاعات، هناك نوعان منه: إشاعات خطيرة يجب الرد عليها، وأخرى متهافتة بذاتها لا تحتاج ردّا! ولكن حين يُعكس الوضع، يحتار المتلقي، ويفسر النوعين تفسيرا سلبيّا!
أما طريقة الرد؛ فيجب أن تكون واضحة، لا تحتمل تفسيرين! فما معنى أن يقول النافي لإشاعة خطيرة: نؤكد أننا لم ننقل دعمًا واحدًا إلى العدو؟ هل يعني أنه نقل أطنانًا وأنواعًا من الدعم! وليس نوعًا واحدًا؟
والأجدر أن يتم النفي بالقول: لم ننقل أي دعم من أي نوع .
والنقطة الثالثة هي من هو النافي؟
قد يتصدى مسؤول كبير لنفي إشاعة متهافتة، بينما يُكلَّف شخصٌ مغمورٌ بنفي إشاعة خطيرة! هنا يميل المتلقي إلى تصديق الإشاعة! كما أن من ينفي يجب أن يكون ذا صلة بالإشاعة، فلا يجوز أن ينفي وزير التربية إشاعة صحية عما حدث في مستشفًى ما! هنا يميل المتلقي إلى تصديق الإشاعة.
الذي ينفي الإشاعة، يفترض أن تتوافر فيه ما يأتي:
– أن يكون موثوقًا من المجتمع، ولا يجوز تكليف شخص معروف بتكسّبه أو عدم نزاهته بهذه المَهمة.
-أن يكون مرتبطًا بالحدث، فلا ينفي متحدث عسكري إشاعة في وزارة العمل أو العكس.
-أن يمتلك مهارات مخاطبة الجمهور وخاصة لغة الجسد المناسبة.
-أن يقدم أدلة على صدق كلامه
وليس مجرد نفي الخبر.
-أن يتابع النفي، أو يتبعه بحملة
إعلامية تجهز على مترتبات الإشاعة.
(٢)
المداقرة لا تنفي الإشاعة!!
يمتلك كثيرون في أيام الحرب روحًا رغائبية، فيتمسكون بقوة، أو يرفضون بقوة، وليسوا مستعدين لسماع نفي، أو تأكيد إلّا ما يتوافق مع ما يعتقدون. فيرفضون كل خبر معاكس لتوقعاتهم، ويقبلون كل ما يتوافق معها. وهنا تتعقد الأمور، فالصورة لم تعد تكفي!
وما حدث مع أبراج اتصالات العدو في شمال فلسطين المحتلة دليل بسيط على ذلك! حيث يرى أنصار حزب الله أنّه تم القضاء على معظم اتصالات العدو ذات الصلة ، بينما يرى أعداء الحزب أنها ملهاة متفق عليها بين حزب متآمر، وعدوّ ماكر!! ومن أمثلة تكذيب الصورة ما حدث في فيلم إسرائيلي حول تحرير رهينة، حيث اتفق الطرفان على تهافت الفيديو!
وعودة إلى المداقرة ؛ دخل اليمن مباشرة في الأحداث، وكذلك بعض القوى العراقية! ولم يصدق كثيرون ذلك،! هتف كثيرون في رام الله
شكرًا لهذه القوى بوضوح؛ إلّا أن ذلك لم يكن كافيًا لقبول الخبر، (إنها لمداقرة) حتى النصر. ومع ذلك، اتصل أحدهم قبل ثلاثة أيام فرِحًا وقال: دخلت إسرائيل إلى كل غزة،! فماذا سيفعل نصر الله في خطابه الجمعة، لقد وقّتَ خطابه بالاتفاق مع إسرائيل، حتى تعفيه من التدخل!
(٣)
المنطق واللا منطق!
– ما حدث في السابع من أكتوبر
لا منطق فيه، بل هو محض خيال إبداعي إيماني غير مسبوق.
– وما حدث بعده من تأييد الولايات المتحدة وأوروبا لهمجية إسرائيل لا منطق فيه أيضًا.
– وموقف النظام العربي وعجزه
لا منطق فيه أيضًا وأيضًا.
– وتدمير غزة، ووحشية إسرائيل
لا منطق فيه.
أما المنطق الوحيد-وهو أشد لا منطقية مما سبق، فهو:
الحكمة التي تبرع فيها عُقّال عرب، يلومون (حماس) لتوريطها غزة والشعب الفلسطيني في معركة الكف والمخرز!!
نعم ! الانهزامية منطق وحكمة!
مشكلة هؤلاء أنهم يحاكمون اللا منطق بالمنطق، ويبيعون الأدنى بالأعلى!
لا نريد منطقهم!! (فهمت عليّ جنابك)؟!