تقرير: حرب غزة كشفت الضعف الإسرائيلي.. والدولة الفلسطينية قادمة

2 نوفمبر 2023
Palestinians wave their national flag and celebrate by a destroyed Israeli tank at the Gaza Strip fence east of Khan Younis southern Saturday, Oct. 7, 2023. The militant Hamas rulers of the Gaza Strip carried out an unprecedented, multi-front attack on Israel at daybreak Saturday, firing thousands of rockets as dozens of Hamas fighters infiltrated the heavily fortified border in several locations by air, land, and sea and catching the country off-guard on a major holiday. (AP Photo/Yousef Masoud)

 

توقع موقع إسرائيلي أن تضطر إسرائيل وحلفاؤها إلى تقديم تنازلات في المرحلة المقبلة لصالح الفلسطينيين، ضمن تسوية سياسية رجح أن تفضي إلى دولة فلسطينية، مؤكدًا أن حرب غزة كشفت جوانب من الضغف العسكري والسياسي في الجانب الإسرائيلي.

ووصف موقع “إسرائيل ديفينس” الحرب على غزة، التي أطلق عليها الجيش الإسرائيلي “السيوف الحديدية”، بأنها “حرب محاور”.

وذكر الموقع الإسرائيلي المختص بالقضايا العسكرية أن إسرائيل التي تنتمي للمحور الأمريكي-الغربي “في حاجة إلى الالتزام بالقيم والأخلاق والاقتصاد والثقافة المعتمدة في البيت الأبيض وأوروبا”.

وانتقد الموقع، في تقرير نشره أمس الأربعاء، النزعة القومية (تقودها أحزاب الصهيونية الدينية) التي طغت على لغة الخطاب الإسرائيلي، وقال “إن بقاء إسرائيل يعتمد على عمق تحالفها مع الغرب، وإنه يتعين تخفيف تلك النزعة (المتطرفة)”.

وذهب إلى أنه “رغم أن الحديث لا يجري حاليًّا عن حرب عالمية على غرار الماضي، فإن ثمة قواسم مشتركة، لأن الحرب الإسرائيلية الحالية تُعد حربًا من أجل القيم والأخلاق والثقافة والاقتصاد، كما إن كلَّا من المحور الغربي والمحور المعادي له يعملان من أجل امتلاك أكبر قدر ممكن من النفوذ حول العالم”.

وقدَّر أن البعد الدولي للحرب على غزة هو أن “محور إيران وروسيا والصين وحماس وحزب الله والحوثيين وجميع أنواع الوكلاء الآخرين بمختلف أنواعهم في الشرق الأوسط أو أفريقيا، يريد أن يطبق على العالم مجموعة من القيم والأخلاق والثقافة والاقتصاد التي تختلف عن تلك التي تميز معظم العالم اليوم في ظل الهيمنة الأمريكية”.

واشنطن لا تدعم بالمجان

وتابع أن حاملات الطائرات والسفن الحربية الأخرى وقاذفات القنابل الإستراتيجية الأمريكية “لم تأتِ إلى المنطقة منذ الـ7 من تشرين الأول/ أكتوبر فحسب، ولم تأتِ فقط على خلفية المذبحة في غلاف غزة التي تتناقض مع مجموعة القيم الغربية، وتعد عملًا غير أخلاقي محظور، ولم يكن كل ذلك هو السبب الوحيد لمجيئها، حتى مسألة ضمان بقاء إسرائيل لم تكن السبب الوحيد.

وعلَّل ذلك بأن الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وغيرها، “أرسلت قوات عسكرية إلى المنطقة وتدعم إسرائيل سياسيًّا على الساحة الجيوسياسية، من منطلق أن هجوم حماس على إسرائيل، إلى جانب الغزو الروسي لأوكرانيا والتهديد الناجم عنه على دول أوروبا بمثابة الأحداث المجتمعة التي تكدست لتصنع كتلة حرجة تهدد المحور الغربي”.

في المقابل، يعتقد الموقع أن الدعم الروسي والصيني والإيراني لحماس “لا ينبع من حرصها (الدول الداعمة) على الفلسطينيين، وإنما جاء من باب انتهاز الفرصة”. وفسر ذلك بأن إسرائيل التي أظهرت ضعفًا عسكريًّا أمام حماس، ومن ثم نشأت حلقة ضعيفة في المحور الغربي بأسره شجعت المحور الآخر على محاولة استغلال الموقف”.

وقارن التقرير الوضع الحالي برؤية كارل فون كلاوسوفيتش (جنرال ومؤرخ حربي بروسي، توفي في عام 1831)، الذي كتب أنه “إذا اكتشفت نقطة ضعف في الجدار، فعليك تعبئة القوات بسرعة من أجل زعزعة العدو”، مضيفًا: “أدرك البيت الأبيض ذلك بالفعل صباح السابع من أكتوبر، وأصدر بيانًا تحذيريًّا لمحور الشر، وحوَّل القوات باتجاه إسرائيل”.

وصم حماس بداعش

ورأى الموقع أن تفسير كل ذلك من زاوية إسرائيل هو أن “السيوف الحديدية” ليست حربًا إقليمية أخرى يستطيع الجيش الإسرائيلي التعامل معها بمفرده، بل إنها “حرب تفتح حقبة أخرى من حروب المحاور، في وقت تقف فيه إسرائيل في محور الغرب، ومن ثم لم تأت حاملات الطائرات الأمريكية بالمجان، وسيكون على إسرائيل الانضمام إلى مجموعة القيم والثقافة والمصالح في العالم الغربي، حتى تتمكن من النجاة من الحروب، سواء حاليًّا أو في المستقبل”.

ومضى قائلًا إن وصم حماس بأنها داعش “يخدم المحور الغربي ويعزز من مهمة تشكيل تحالف عسكري وسياسي، كما حدث في السنوات الأخيرة في العراق وسوريا، مضيفًا: “حتى يومنا هذا، تقاتل قوات التحالف ضد تنظيم داعش في الشرق الأوسط، ومن ثم لا يمكن أن يعارض محور الغرب بقيادة الولايات المتحدة الحرب على حماس، بينما يقاتل ضد داعش، طالما أن المنظمتين تشكلان التهديد ذاته”.

أهداف التحرك الأمريكي

وقدَّر أن التحرك الأمريكي لحشد القوات في الشرق الأوسط “إنما يهدف إلى استعادة نفوذ واشنطن بعد سنوات من التراجع منذ الانسحاب من العراق وأفغانستان. التحرك جاء ليبقى”.

ومن النواحي التاريخية، يقول الموقع: “يريد الحزب الجمهوري (عكس إدارة بايدن الديمقراطية) العناية بالداخل الأمريكي بدلًا من إهدار المال العام في الخارج”، مضيفًا: “إن الإبقاء على قوات ضخمة في الشرق الأوسط يكلف أموالًا طائلة، ويبدو أن هذا الوجود الكبير والرادع سيبقى على الأقل حتى نهاية ولاية بايدن الحالية، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024”.

وفي ما يتعلق بالبعد السياسي، توقع أن تزداد الضغوط الأمريكية لنقل السيطرة على غزة إلى السلطة الفلسطينية، لافتًا إلى أن واشنطن “صرَّحت بالفعل أنها ترغب في تطبيق حل الدولتين سريعًا، في وقت يحظى فيه الموقف الأمريكي بدعم سعودي، وسيُرهَن اتفاق محتمل بين الرياض وتل أبيب بتقديم الأخيرة تنازلات إقليمية بشأن الضفة الغربية، منها تركيز المستوطنين في الكتل الاستيطانية الكبرى وفرض رقابة شُرَطِية صارمة على عنفهم، وإزالة البؤر الاستيطانية؛ ما يعني أن حاملات الطائرات لم تأتِ بالمجان”.

وتوقع الموقع ألا يستقيل نتنياهو في ظل وجود أغلبية في الكنيست تعمل لصالحه، وتريد الحفاظ على مقاعدها، ومن ثم سيصعب حجب الثقة عنه، لكنه توقع أن يواجه ضغوطًا شديدة من واشنطن والاتحاد الأوروبي لدفع المفاوضات بشأن التسوية الدائمة مع الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، وما سينجم عن ذلك من ذهاب قسم كبير من ناخبي الائتلاف الحالي في الاتجاه القومي المتمسك بضم الأراضي بالضفة؛ ما سيعني تفاقم أوضاع الفلسطينيين وعرب الداخل.

الدولة الفلسطينية قادمة

ومن النواحي العسكرية، يرى الموقع أنه يتعين على إسرائيل إجراء تحقيق سريع بشأن ما حدث في المؤسسة العسكرية وأدى إلى الفشل الكبير في السابع من أكتوبر وتصحيحه فورًا، متوقعًا صدور قرارات صعبة، تشمل إقالة مسؤولين كبار، وإجراء تغييرات هيكلية في الأجهزة الأمنية، وتغييرات في آليات المخصصات المالية وإعادة بناء الحدود بين قطاع غزة وجنوب لبنان.

وبيَّن أن نتنياهو “ربما لن يتمكن من إحداث توازن، وأنه في الوقت الذي لا تتوقف فيه واشنطن عن إرسال الأسلحة لدعم إسرائيل فإنها تسير على طريق صياغة اتفاق سياسي بالتشاور مع مصر والأردن والخليج لتسوية الأزمة”.