اللواء م الدكتور رضا البطوش
مدير الاستخبارات العسكرية الاسبق
ما نشاهده بأعيننا ويتعرض له اشقائنا الفلسطينيين يدمي القلب، وهو تطهير عرقي وإبادة جماعية تديره عصابات أقل ما يمكن وصفها بالفاشية مدعومة للأسف من قوى الظلم والظلام في الغرب المتوحش وهو وصمة عار في جبين الإنسانية، حيث يماط اللثام عن الوجه البشع لتلك الدول التي أدمنت التباكي على حقوق الإنسان والطفل والمرأة والديموقراطية، واليوم تسقط بشكل مروع يندى له الجبين في وحل الكيان الصهيوني الغاصب، الذي جعل من قطاع غزة سجن مفتوح بشكل ممنهج ومخطط له لتحويله إلى معسكر إبادة عندما تتطلب الضرورة الأمنية ذلك، فحجم التظليل والتشكيك الذي يمارسه البعض حول أرقام الضحايا الفلسطينيين من جراء القصف الإسرائيلي الهمجي لقطاع غزة مقزز ويستحق الإدانة، وما يمارس على قطاع غزة سيتم ممارسته على الضفة الغربية في مراحل قادمة، لتصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار وانعكاسات ذلك على أمننا الوطني.
ان أخطر ما سمعناه على هامش الأزمة اقتراح الرئيس الفرنسي ماكرون تشكيل تحالف دولي لمواجهة الإرهاب المتمثل في حركة المقاومة الإسلامية “حماس” على غرار التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة بهدف هزيمة “داعش”، حيث أن هذا الاقتراح يستحق الإدانة أيضاً في ظل الوعي الجمعي لما يحاك لفلسطين والحقوق التاريخية لأشقائنا الفلسطينيين فيها، هذا الوعي الجمعي العربي والإسلامي يدرك تماماً مشروعية النضال الفلسطيني في التحرر والاستقلال وبكافة الوسائل والآليات، وحركة حماس في الضمير العربي والإسلامي هي حركة تحرر وطني وهي مركز الثقل والأمل في هذا الوعي، فشتان بين حماس وداعش ومن الظلم والعار أن تنعت بالإرهاب، فهل الهدف لا قدر الله دخول السلطة الوطنية الفلسطينية إلى قطاع غزة على ظهر دبابة إسرائيلية لاستبدال حماس من أجل تعميق الانشقاق الفلسطيني تمهيداً لتصفية القضية الفلسطينية، بعد أن أضعفت إسرائيل السلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة الغربية بشكل ممنهج ومدروس مستغلة اتفاقية أوسلو منعا لحل الدولتين، أجزم بأن هذا السيناريو لن يكون خياراً مقبولاً لأشقائنا الفلسطينيين في محنتهم، ولن يلوثوا تاريخ نضالهم المشرف تحقيقا لأهداف كيان غاصب وغرب حاقد تحكمه شريعة الغاب.
الولايات المتحدة الأمريكية تلتقط الفرصة في أعقاب عملية طوفان الأقصى للتعويض عن الفشل الذريع في ملف أوكرانيا من أجل تعزيز فرص النجاح للرئيس بايدن في انتخابات 2024 من جانب ومن جانب آخر منع الانهيار للكيان الصهيوني ذراع الغرب في المنطقة العربية حيث كشفت عملية طوفان الأقصى ضعف لا بل وهن هذا الكيان، لكن السؤال الذي يطرح نفسه أين العرب من التقاط الفرصة لتحقيق مصالحهم في ظل ما يجري في الإقليم؟
إن التورط العلني في ملف قطاع غزة من قبل الغرب سيكون له انعكاسات خطيرة على أمن الشرق الأوسط، لأن هذا الملف سيتطور لدخول دول على المستوى الدولي والإقليمي تتقاطع مصالحها في هذا الملف مع مصالح الغرب، فعندما كنا نتحدث في الأزمة السورية وفي بداياتها قبل دخول روسيا وايران وحزب الله بشكل رسمي في الأزمة السورية، كنا نقول في تقييمنا وتحليلاتنا بأن سوريا بالنسبة لإيران وحزب الله ذرعها القوي في المنطقة هي مسألة حياة أو موت وكذلك الأمر بالنسبة لروسيا، لنرى فيما بعد المشاركة الفعلية لهذه القوى في القتال على الأرض السورية من منطلق مصالحها الحيوية، واليوم أجزم بأن هذا السيناريو سيتكرر في أزمة قطاع غزة اذا أقدم الكيان الصهيوني على الغزو البري للقطاع، وستدخل روسيا وإيران ضمن سيناريو تقاطع المصالح وبدعم منقطع النظير إلى حزب الله، حرب بالوكالة ستدار في منطقتنا العربية وانعكاساتها ستكون خطيرة على أمننا الوطني.
سنبقى صوت للحق مهما كان حجم الاستهداف وعلت التضحيات، أحرار لا أذلة، طوبى لكم أهلنا في غزة وفلسطين التاريخية، وجزاكم الله عنا خير الجزاء ورحم الله شهداءكم وشافى جرحاكم “قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين”
حمى الله الوطن وشعبنا الطيّب وقيادته الهاشمية الفذّة