هذا ماسيقوله الائمة على المنابر غدا الجمعة

13 سبتمبر 2023
هذا ماسيقوله الائمة على المنابر غدا الجمعة

 

وطنا اليوم – هذا عنوان خطبة الجمعة الموحدة

..بسم الله الرحمن الرحيم
(يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرًا كثيرًا)
(ملزم)
معززا بالشواهد من الكتاب والسنة بالإضافة إلى المادة العلمية المساندة والمساعدة
29 صفر 1445هـ الموافق 15/9/2023م
عناصر الخطبة (مُلزم)
من كمال الإيمان أن يستحضر العبد جلال الله وعظمته وقدرته، وكل صفات الكمال والجلال له تعالى، وأن يستذكر أسماءه الحسنى ، وصفاته العليا.
لا شك أن القلوب تحيا وتسعد بذكر الله تعالى في كل أحوالها، فمنْ ذَكرَ اللهَ تعالى من العباد أعانه الله تعالى بتوفيقه وتأييده له عندما يتوجه بقلبه إلى ربه ويستغيثه لتحقيق مطلبه.
السيرة النبوية تزخرُ بالشواهد على أن ذكر الله تعالى من أسباب رفع البلاء والنصر على الأعداء، ولا ريب أن الذاكرين الله كثيراً والذاكرات هم الثابتون إذا انتشرت الفتن ، وكثرت الزلازل والمحن؛ لأن قلوبهم المطمئنة بذكر الله تعالى تثبتهم على ما قدره الله تعالى.
إن ذكر الله تعالى هو سبب من أسباب الرزق وطول العمر ، وما إلى ذلك من نعم الله التي لا تحصى؛ لأن الذاكرين الله تعالى هم الذين يتوكلون على الله وحده.
خير زاد يتزود به الإنسان في رحلة الحياة، وخير رفيق مؤنس له في الآخرة هو زاد ذكر الله ، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن كثرة الذكر دليل على محبة لقاء الله تعالى، ومنْ أحبَّ لقاء الله أحب اللهُ لقاءه.
لا تنسوا الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن أُبي بن كعب – رضي الله عنه- : (أنّ من واظبَ عليها يكفى همه ويُغفر ذنبه)، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا”، وصلاة الله على المؤمن تخرجه من الظلمات الى النور.
قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ ﴾الأحزاب:43، ومن دعا بدعاء سيدنا يونس عليه السلام: ﴿ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ استجاب الله له، ومن قالها أربعين مرة ، فإن كان في مرض، فمات منه ، فهو شهيد، وإن برأ برأ وغفر له جميع ذنوبه، ومن قال: “سبحان الله وبحمده في اليوم مائة مرة، حُطَّتْ خطاياه ، وإن كانت مثل زَبَد البحر”، ومن قال: ” لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب ، وكُتِبَتْ له مائة حسنة ، ومحيت عنه مائة سيئة ، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي”.
وعليكم أيضاً بــ ( كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن وهما سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم) قدر المستطاع.

فهرس الآيات
الآية
السورة ورقم الآية
﴿ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَٰالَمِينَ ﴾
[الفاتحة : 2]
﴿ وَلِلَّهِ ٱلْأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ فَٱدْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُواْ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِىٓ أَسْمَٰٓئِهِۦ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾
[الأعراف : 180]
﴿وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ﴾
[البقرة : 165]
﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾
[البقرة : 152]
﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾
[الأحزاب : 41]
﴿ وَلَا يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا﴾
[النساء: 142]
﴿ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ ٱللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ﴾
[الرعد : 28]
﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَٱثْبُتُواْ وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾
[الأنفال : 45]
﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَٱسْتَجَابَ لَكُمْ ﴾
[الأنفال : 9]
﴿ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾
[الطلاق : 3]

فهرس الأحاديث النبوية الشريفة
نص الحديث
تخريجه
( إن لله عز وجل تسعاً وتسعين اسماً من حفظها دخل الجنة)
متفق عليه
“لا يزال لسانك رطباً من ذكر اللَّهِ تَعالى”
رواه الترمذي.
«مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لاَ يَذْكُرُ رَبَّهُ، مَثَلُ الحَيِّ وَالمَيِّتِ»
صحيح البخاري
«ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والورق وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم قالوا: بلى، قال : ذكر الله»
سنن الترمذي
” يَا أَيُّهَا النَّاسُ، قُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تُفْلِحُوا ”
سنن الدارقطني

ملخص الخطبة (مُلزم)
من كمال الإيمان أن يستحضر العبد جلال الله وعظمته وقدرته، وكل صفات الكمال والجلال لله تعالى، وعليه أن يستذكر أسماء الله الحسنى وصفاته العلى ، ففي الحديث: ( إن لله عز وجل تسعاً وتسعين اسماً من حفظها دخل الجنة) متفق عليه، ( منْ أحصاها دخل الجنة) ، أي: ” كل منْ عرف أسماء الله تعالى، واعتقدها ومات على ذلك فهو من أهل الجنة “.
لا شك أن القلوب تحيا وتسعد بذكر الله تعالى في كل أحوالها، ومنْ ذَكرَ اللهَ تعالى من العباد أعانه الله تعالى بتوفيقه وتأييده له عندما يتوجه بقلبه إلى ربه ويستغيثه لتحقيق مطلبه، والحق أن ذكر الله سبحانه هو خير دواء لعلاج الداء مهما كان الداء عضالاً، والأدلة في هذا المعنى كثيرة في القرآن الكريم والحديث الشريف والسيرة النبوية، قال الله تعالى:﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَٱثْبُتُواْ وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ .
السيرة النبوية تزخرُ بالشواهد على أن ذكر الله تعالى من أسباب رفع البلاء والنصر على الأعداء، ولا ريب أن الذاكرين الله كثيراً والذاكرات هم الثابتون إذا انتشرت الفتن وكثرت الزلازل والمحن؛ لأن قلوبهم المطمئنة بذكر الله تعالى تثبتهم على ما قدره الله تعالى، وأن ما أصابهم لم يكن ليخطئهم، لأنهم حققوا العبودية لربهم سبحانه.
إن ذكر الله تعالى هو سبب من أسباب الرزق وطول العمر ، وما إلى ذلك من نعم الله التي لا تحصى؛ لأن الذاكرين الله تعالى هم الذين يتوكلون على الله، قال تعالى: ﴿ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ الطلاق:3، فالتوكل ثمرة من ثمرات الذكر لله تعالى.
خير زاد يتزود به العبد في حياته لما بعد مماته هو زاد ذكر الله تعالى، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن كثرة الذكر دليل على محبة لقاء الله تعالى، ومنْ أحبَّ لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن أحبه الله تعالى ، فله الحسنى وزيادة، والحسنى : الجنة، والزيادة هي النظر إلى وجه الله الكريم، وأَكْرِمْ بها من زيادة، جعلنا الله تعالى من الذاكرين كثيراً الذين يحبون لقاء الله تعالى لنكون عنده في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
لا تنسوا الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن أُبي بن كعب – رضي الله عنه -: (أنّ من واظبَ عليها يكفى همه ويُغفر ذنبه)، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا”، وصلاة الله على المؤمن تخرجه من الظلمات الى النور، قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ ﴾الأحزاب :43، ومن دعا بدعاء سيدنا يونس عليه السلام: ﴿ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ استجاب الله له، ومن قالها أربعين مرة فإن كان في مرض فمات منه فهو شهيد وإن برأ برأ وغفر له جميع ذنوبه، ومن قال: “سبحان الله وبحمده في اليوم مائة مرة، حُطَّتْ خطاياه وإن كانت مثل زَبَد البحر”.
ومن قال: ” لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكُتِبَتْ له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي”، وعليكم أيضاً بــ ( كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن وهما سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم) قدر المستطاع.

 

أركان الخطبة (مُلزمة)
«إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ(1) نحمده ونَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَسْتَنْصِرُهُ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ»، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحده لا شريك له، وَأَشْهَدُ أَنَّ سيدنا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ(2) ، اللهم صلِّ على سيِّدَنا محمَّدٍ(3) وعلى آله وصحابته والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى ولزوم طاعته(4): لقوله تعالى(5) {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما}(6).
وتتكرر أركان الخطبة الأولى في الخطبة الثانية، ويُضاف إليها الدعاء لعموم المسلمين في نهاية الخطبة الثانية(7): «اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات وأصلح ذات بينهم، وألف بين قلوبهم، واجعل في قلوبهم الإيمان والحكمة، وثبتهم على ملة نبيك، وأوزعهم أن يوفوا بالعهد الذي عاهدتهم عليه، وانصرهم على عدوك وعدوهم».
_______________________________________________
(1) الركن الأول: الحمد لله والثناء عليه: ودليله ما رواه الإمام مسلم في صحيحه (867) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس، يحمد الله ويثني عليه بما هو أهله».
(2) التشهد: ودليله ما رواه النسائي (3277) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه: «علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد في الصلاة، والتشهد في الحاجة»، وما رواه أبو داود (4841) عن أبي هريرة رضي الله عنه: «كل خطبة ليس فيها تشهد، فهي كاليد الجذماء».
(3) الركن الثاني: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: ودليله أن كل عبادة افتقرت إلى ذكر الله تعالى افتقرت إلى ذكر نبيه لما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (31687) عن مجاهد مرسلاً في تفسير قوله تعالى (ورفعنا لك ذكرك)، أي: «لا أذكر إلاّ ذُكِرتَ»، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا علي من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة علي» رواه أبو داود في السنن.
(4) الركن الثالث: الأمر بتقوى الله تعالى: ودليله فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وما تضمنته من الآيات الكريمة بالوصية بتقوى الله تعالى، ولأن القصد من الخطبة الموعظة والوصية بتقوى الله تعالى فلا يجوز الإخلال بها.
(5) الركن الرابع: قراءة آيات من القرآن الكريم، لما رواه أبو داود (1101) عن جابر بن سمرة: «كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قصدا، وخطبته قصدا، يقرأ آيات من القرآن، ويذكر الناس».
(6) الأحزاب: 71.
(7) الركن الخامس: الدعاء للمسلمين: ودليله، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يواظب الدعاء للمسلمين في كل خطبة، ولما رواه البزار في مسنده برقم (4664) عن سمرة بن جندب رضي الله عنه: أنه «كان يستغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات كل جمعة»

(يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً)
(المادة العلمية المقترحة)

افتتح الله تعالى كتابه العزيز بـ ﴿ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَٰالَمِينَ ﴾[ الفاتحة : 2]، ليُعلِّمَنا الأدبَ معه سبحانه ، فتذكره ألسنتُنا بمجامع الحمد تعبيراً عما في قلوبنا من ثناء على الله تعالى الذي يرجع إليه الحمدُ كله، ولِعظم مقام الحمد في هذه الآية الكريمة ﴿ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَٰالَمِينَ ﴾، جعلها بعض العلماء توازي ( لا إله إلا الله) في تحقيق معاني التوحيد.
فالعبد حينما يَحْمدُ ربه سبحانه وتعالى، عليه أن يستحضر جلال الله وعظمته وقدرته، وكل صفات الكمال والجلال لله تعالى، وعليه أن يستذكرَ أسماء الله الحسنى ، وصفاته العلى ، ففي الحديث ” إن لله عز وجل تسعاً وتسعين اسماً من حفظها دخل الجنة”متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم 🙁 منْ أحصاها دخل الجنة) ، أي ” كل منْ عرف أسماء الله تعالى ، واعتقدها ومات على ذلك فهو من أهل الجنة “. والدعاءُ بالأسماء الحسنى ذكرٌ لله تعالى بأسمائه جل جلاله، قال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ ٱلْأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ فَٱدْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُواْ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِىٓ أَسْمَٰٓئِهِۦ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾[الأعراف :180]، وكل اسم من الأسماء الحسنى له معنى يثبت الإيمان في قلب الذاكر، وكلما أكثر المسلم من ذكر الله تعالى رفع الله درجته ، وجعله من المقربين؛ لأن المحب إنما يكثر من ذكر منْ أحبه، قال الله تعالى : ﴿وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ﴾ [البقرة : 165] ،وكلما ذكرنا الله تعالى ارتقى مقامُنا عنده سبحانه وتعالى لقوله: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾ [البقرة : 152].
قال أبو حفص النسفي – رحمه الله تعالى – في تفسير قوله سبحانه: ﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ [الأحزاب : 41] شكراً له على النعم ،والكثير: الذي لا ينقطع … وقيل: ما كان عن إخلاص ، فيُقبَل ويَكثُر ثوابه، فأما ما لا إخلاص فيه ، فقد قال الله تعالى في حقه: ﴿ وَلَا يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [النساء: 142].
إن الله تعالى خلقنا في أحسن تقويم، وجعل القلوب مركز الحياة، وحياتها إنما تكون بذكر الله تعالى: ﴿ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ ٱللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ﴾ [الرعد : 28] ، والقلوب المطمئنة هي قلوب الذاكرين الله كثيراً.
إنَّ ذكر اللسان يقال له : (ذِكْر) بكسر الذال، وذكر القلب المطمئن يقال له: (ذُكْر) ، فالضمة أقوى من الكسرة في لسان العرب ، وذكر اللسان إنما ترجمان عن ذكر القلب الخاشع، جاء رجلٌ إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فسأله: يا رسول الله، إنَّ شرائع الإِسلام قد كثرتْ عليّ، فأخبرني بشيء أتشبث به، فقال -صلى الله عليه وسلم-: “لا يزال لسانك رطباً من ذكر اللَّهِ تَعالى” رواه الترمذي.
ولا شك أن القلوب تحيا ، وتسعد بذكر الله تعالى في كل أحوالها، قال صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لاَ يَذْكُرُ رَبَّهُ، مَثَلُ الحَيِّ وَالمَيِّتِ» صحيح البخاري، ومنْ ذَكرَ اللهَ تعالى من العباد أعانه الله تعالى بتوفيقه وتأييده له، عندما يتوجه بقلبه إلى ربه ويستغيثه لتحقيق مطلبه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم ، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق ، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم قالوا: بلى، قال : ذكر الله» سنن الترمذي.
والحق أن ذكر الله سبحانه هو خير دواء لعلاج الداء مهما كان الداء عضالاً، والأدلة في هذا المعنى كثيرة في القرآن الكريم والأحاديث الشريفة والسيرة النبوية، قال الله تعالى: ﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَٱثْبُتُواْ وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الأنفال: 45]، فإذا استغاث العبد ربه سبحانه وتعالى استجاب له ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَٱسْتَجَابَ لَكُمْ ﴾ [الأنفال : 9].
والأحاديث النبوية الشريفة التي تدعو إلى الإكثار من ذكر الله تعالى كثيرة، ومن قول النبي صلى الله عليه وسلم:” يَا أَيُّهَا النَّاسُ، قُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تُفْلِحُوا “سنن الدارقطني، ومنْ كانت كلمة التوحيد ( لا إله إلا الله محمد رسول الله) خاتمة كلامه دخل الجنة.
والسيرة النبوية تزخرُ بالشواهد على أن ذكر الله تعالى من أسباب رفع البلاء والنصر على الأعداء.
ولا ريب أن الذاكرين الله كثيراً والذاكرات هم الثابتون إذا انتشرت الفتن ، وكثرت الزلازل والمحن؛ لأن قلوبهم المطمئنة بذكر الله تعالى تثبتهم على ما قدره الله تعالى، وأن ما أصابهم لم يكن ليخطئهم؛ لأنهم حققوا العبودية لربهم سبحانه وتعالى.
إن ذكر الله تعالى هو سبب من أسباب الرزق ، وطول العمر ، وما إلى ذلك من نعم الله التي لا تحصى؛ لأن الذاكرين الله تعالى هم الذين يتوكلون عليه ﴿ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق : 3] ، فالتوكل ثمرة من ثمرات ذكر الله تعالى.
وخير زاد يتزود به العبد في حياته لما بعد مماته هو زاد ذكر الله سبحانه ،والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن كثرة الذكر دليل على محبة لقاء الله تعالى، ومنْ أحبَّ لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن أحبه الله تعالى فله الحسنى وزيادة، والحسنى : الجنة، والزيادة هي النظر إلى وجه الله الكريم، وأَكْرِم بها من زيادة.
وذكر الله تعالى يُعين على التخلص من العادات السيئة كالتدخين مثلاً، والذي يعرض الإنسان فيه نفسه ومن حوله الى الخطر والامراض والهلاك، قال الله تعالى: ﴿ وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ النساء﴾: [النساء: 29]، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم:”لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ” رواه أحمد وابن ماجه، فالمواظبة على ذكر الله تعالى خير عون لك على ترك التدخين، وحتى تستطيع أن تذكر الله تعالى، لا بُدّ أن تفوح من فمك رائحة طيبة حتى لا يضجر منك المصلون، وكذلك الملائكة لأنها تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم، فعلى كل ذاكر لله تعالى أن يطيب فمه بالفرشاة أو باستخدام السواك فهو مطهرة للفم ومرضاة للرب كما بين لنا ذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم.
جعلنا الله تعالى من الذاكرين كثيراً الذين يحبون لقاء الله تعالى ؛ لنكون عنده في مقعد صدق عند مليك مقتدر. اللهم آمين
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، سيدنا محمد ، وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ آل عمران:102.
لا تنسوا الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن أُبي بن كعب – رضي الله عنه- (أنّ من واظبَ عليها يكفى همه ويُغفر ذنبه)، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا”، وصلاة الله على المؤمن تخرجه من الظلمات إلى النور، قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ ﴾الأحزاب :43، ومن دعا بدعاء سيدنا يونس عليه السلام: ﴿ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ استجاب الله له، ومن قالها أربعين مرة ، فإن كان في مرض ، فمات منه فهو شهيد ، وإن برأ برأ وغفر له جميع ذنوبه، ومن قال: “سبحان الله وبحمده في اليوم مائة مرة، حُطَّتْ خطاياه وإن كانت مثل زَبَد البحر”.
ومن قال: ” لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب ، وكُتِبَتْ له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي”، وعليكم أيضاً بــ ( كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن وهما سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم) قدر المستطاع.
سائلين الله تعالى أن يحفظ الملك عبد الله الثاني ابن الحسين وولي عهده الأمين الحسين بن عبد الله، وأن يوفقهما لما فيه خير البلاد والعباد، إنه قريب مجيب.
والحمد لله ربّ العالمين