الصحفي جمال البواريد
جاءت الزيارة الملكية السامية لجلالة الملك عبدالله الثاني وولي العهد سمو الأمير الحسين، الى محافظة مادبا لتثبت وبالدليل القاطع ان القيادة الهامشية هي الأقرب للمواطن وهمه الشعب وتلمسها لمطالب واحتياجات المواطنين ودوما تضع مطالبهم على الطاولة من اجل بدء العمل بها من قبل الحكومات والتي تحدث اثرا اقتصاديا مباشرا على جميع أبناء المحافظة.
بالأمس كان لقاء منتظرا وحميميا مع نخبة من أبناء محافظة مادبا ولواء ذيبان مع قيادتنا الهاشمية التي يتوق الى لقائها كل أبناء الوطن على اختلاف توجهاتهم ومشاربهم الفكرية فهم المظلة للجميع والاقرب للجميع وهذا ما يميز وطننا عن غيره من الأوطان، فالعلاقة ابوية وعاطفية قبل ان تكون علاقة حاكم بمحكوم.
بالأمس قالها جلالة الملك بصراحة وبدون مواربة ان مادبا تتميز بانها سياحية وزراعية وتمتلك كل المقومات في هذين القطاعين، وهي ميزات كفيلة بتوفير فرص عمل وفيرة للشباب وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين، وهذه الميزات هي محور حديث أبناء المحافظة منذ سنوات ولكنها لم تلقَ أذنا صاغية من الجهات الحكومية المعنية وبقي العمل في هذين القطاعين فرديا ومبعثرا دون نظرة شمولية تامة.
التوجيه الملكي كان واضحا بالمباشرة بوضع خطة شاملة لتطوير قطاعي السياحة والزراعة واشراك المواطنين بهذه الخطة لضمان نجاعتها وتحقيق الأهداف المرجوة، فلكم أن تتخيلوا أن سهول مادبا وذيبان تم استغلالها وزراعتها بالقمح والحبوب، خاصة ان عنصر المياه بوجود سدي الوالة والموجب متوفرا، ماذا ستكون النتيجة، ستكون حتما كبيرة تتعدى محافظة مادبا لتعود بالنفع على الوطن والاسهام في تحقيق الامن الغذائي والذي يحتاج الى فكر ونظرة استراتيجية بعيدة المدى.
وكذلك قطاع السياحة، كان على سلم أولويات الزيارة الملكية السامية فقد زار جلالة الملك موقع مكاور الذي يحتل مكانة دينية وتاريخية متميزة، وهو أحد مواقع الحج المسيحي المعتمدة، ولكن لم يتم العمل في الموقع فلا زال اعداد الزوار للموقع متواضعا، وهنا جاءت الزيارة الملكية للفت النظر الى هذا الموقع والتوجيه بوضع خطة لتطويره وفي مقدمتها ربطه مع موقع المغطس الديني وضرورة الاعتناء به وحمايته.
وتعد السياحة في مادبا فرصة ذهبية للتنمية حيث تشهد ازديادا في اعداد الزوار بشكل غير مسبوق ولكن الأثر الاقتصادي على المواطن لا زال محدودا ولم ينخرط المواطن البسيط بالنشاط السياحي، لغياب رؤية واضحة تمكّن المواطن من الاستفادة من العدد الكبير للسواح بالتركيز على التنوع في البرامج السياحية وتجويد الخدمات للسياحة وتنويع المنتج السياحي من اجل إطالة امد إقامة السائح في مادبا.
ولم تغفل الزيارة الملكية زيارة قصص نجاح يشار لها قامت بمجهود يقدر على مستوى الوطن فقد زار جلالته وولي العهد مشروع نساء بني حميدة للنسيج في قرية مكاور، هذا المشروع الذي يحافظ على حرفة النسيج وصناعة البسط البدوية التقليدية، التي تحافظ على الهوية لسكان قرى بني حميدة، وبنفس الوقت اسهم في تحقيق التنمية في المنطقة وتوفير فرص عمل للسيدات، وتصدير هذا المنتج الذي ينقل الهوية الأردنية وطابعها الجمالي التراثي.
وهذا المشروع المستدام الذي تشرف عليه مؤسسة نهر الأردن يشكل مثالا حيا لاستغلال التراث الشعبي من مطرزات ومنتجات تصنع يديويا ومأكولات شعبية ودمجه مع البرنامج السياحية وتقديمه للسياح الذي بدوره يسهم في انخراط المواطن في المنتج السياحي ويسهم في زيادة اعداد السياحة وينعكس إيجابيا على المستوى المعيشي للمواطن.
هذه الزيارات الملكية في المحافظات فعلاوة على أنها سنة هاشمية في التواصل مع أبناء الشعب، وتؤكد حقيقة دامغة ضعف البرامج الحكومية والعمل العشوائي في المحافظات دون نظرة شمولية تستغل ميزات كل محافظة، وهو ما يوجه جلالة الملك دوما اليه من اجل تحقيق التنمية الشاملة ورفع مستوى المعيشة للمواطن واشراكه في الخطط التنموية لضمان نجاحها وديمومتها.
هذا الواقع أدركته قيادتنا الهاشمية وأقدمت على مشروع إصلاحي كبير في مساراته الثلاث، تحديث منظومة الحياة السياسية، ورؤية التحديث الاقتصادي، والتحديث الإداري، التي من شأنها تغيير نهج إدارة الدولة بشكل شامل.
وهنا نؤكد اننا كمواطنين مطالبون بالتفاعل مع هذه الرؤية الملكية والانخراط بالمشروع الإصلاحي الكبير وخصوصا السياسي من خلال الانخراط في الأحزاب والتي هي بوابة الإصلاح في الدول المتقدمة التي تكون قادرة على اعداد برامج تنفيذية تقدم نفسها من خلالها للمواطن والوصول الى مجلس النواب، وصولا الى ان يصبح التنافس على البرامج ومن يقدم افضل للوطن والمواطن.
سيدي أبناء محافظة مادبا ولواء ذيبان في غاية السعادة بتشريفكم يوم أمس واللقاء بابنائها، وسنبقى على عهد الوفاء والإخلاص والولاء.
حفظكم الله سيدي جلالة الملك وولي عهدكم، وحفظ الله الأردن وشعبه الكريم.