وطنا اليوم:أكد خبراء ومختصون أن الاستغلال الخاطئ للثورة التكنولوجية وسوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أدى إلى زيادة العديد من الجرائم، خاصة الجرائم المالية.
وأضافوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أنه على الرغم من فعالية هذه الوسائل وتأثيراتها الإيجابية، إلا أن هناك أيضًا بعض الآثار السلبية، حيث أصبح الإنترنت بيئة خصبة للاحتيال، ويعتبر التسول الإلكتروني إحدى تلك الجرائم، لما له من أثر سلبي على المجتمع ككل.
وقالت الخبيرة النفسية والتربوية الدكتورة أمل الجراح، إنه بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة وانتشار ظاهرة التباهي بالمال واتساع الفوارق الطبقية وبسبب العوامل الاجتماعية والسياسية وغيرها، يحاول البعض مواكبة أسلوب الحياة الجديد بطرق مختلفة، حيث يعد التسول أحدها.
وأشارت إلى أن التسول أصبح مهنة لدى بعض الأشخاص، حيث يمكنهم من كسب المال دون أن يحركوا ساكناً، وعندما يخير المتسول بين المساعدات الغذائية ذات القيمة أو المال الذي تقل قيمته عن ثمن المعونة الغذائية، فإنه يختار فوراً المساعدات المالية، علماً أن أبرز نتيجة تخلفها جميع أشكال التسول هي العامل السلبي للبطالة، إلى جانب أن المتسولين عبئًا على المجتمع، فإنهم يفتقرون أيضًا إلى المساهمة.
من جهته، قال الخبير النفسي والتربوي الدكتور حمدان الخطيب، إن هناك تعاطفا مستمرا وقويا لدى معظم أفراد المجتمع مع محنة المتسولين، وعدم وجود رادع قوي من قبل سلطات الرقابة الاجتماعية، ووجود عصابات محترفة، لافتاً إلى أن للتسول آثاراً اجتماعية واقتصادية، فعندما تقوم بعض الأسر بتشجيع أفرادها على التسول قد يؤدي ذلك إلى انحراف الأحداث ودخولهم في العديد من العلاقات المختلة، التي قد تؤدي بهم إلى ارتكاب الجرائم أو ترويج المخدرات.
وأضاف أن ثقة المتبرعين اهتزت بعد الكشف عن حالات تبين فيها أن هناك بعض الجهات لا تستحق التبرع، حيث يستخدمون التكنولوجيا في التسول مدعومة بقصص كاذبة وتقارير رسمية كاذبة، وأشار إلى أن الفرق بين التسول الإلكتروني والتقليدي، هو أن المتسول يكون مجهول الهوية ولا يمكن معرفة اسمه وعمره الحقيقي وحالته الاجتماعية، وذلك تجنبا للعار الذي قد يعاني منه المتسولون التقليديون.
بدوره، وأوضح الطبيب النفسي الدكتور شرف الدين بني عامر، أنه في التسول التقليدي يمكن تمييز المتسول من انشغاله بالحاجات، فالمتسولون المحتالون المحترفون، يجيدون استخدام العبارات والكلمات الجميلة والقوية، بينما المتسول المحتاج لا يستخدم مثل هذه العبارات لأنه قلق أو خجول ومتردد، كما أن المتسول المحتال عادة ما يكون لديه مهارة اختيار مكان استراتيجي جيد يحصل من خلاله على عوائد جيدة، بينما المتسول المحتاج لا يفكر في الاختيار حيث تكون رغبته في الاختباء والابتعاد عن الأنظار، بحيث يختار المكان المناسب لأنه نظراً لأعراف وتقاليد المجتمع فهو لا يحب أن يعرف الناس شخصيته، ويسعى دائماً للتنكر، ليتجنب التعرف عليه أو أن يتم اكتشافه، وغالباً ما يكون راضياً عن تلبية احتياجاته الصغيرة.
وقالت أخصائية الاجتماع سندس البشتاوي، إن إحدى وسائل التسول الإلكتروني تتمثل بقيام المتسولين بإرسال رسائل خاصة إلى مستخدمين متعددين، يطلبون منهم تقديم مساعدات مالية أو عينية، وشرح ظروفهم الخاصة، بل إن البعض يرفقون صورا تثبت أن حالتهم الاقتصادية وظروفهم المعيشية سيئة، موضحة أن معظم الحالات تكون بمثابة عمليات احتيال، لأن الرسائل لا تحتوي على أي معلومات شخصية دقيقة، وبدلا من ذلك يمتنع المتسول عن الإجابة على الأسئلة التي توجه له للتأكد من صحة ادعائه بالطلب.
ولفتت، إلى أن ظاهرة التسول الافتراضي، مريحة للمتسولين فهي طريقة يتخفى خلالها المتسول عبر حساب وهمي، حيث يرفع عنه التخفي أي حرج اجتماعي قد يشعر به في حال التسول الواقعي، كما أن التخفي قد يجعله بعيدا نوعا ما عن الملاحقة القانونية، إلا في حال اشتكى المستخدم الذي تلقى الرسائل منه.
وأضافت أن الميزة الثانية والمهمة هي أن التسول الافتراضي يعبر الحدود والقارات، وأن العديد من المقيمين في مختلف البلدان قد يرسلون رسائل تسول إلى مستخدمين في بلدان أخرى، وهو ما يمثل فرصة أكبر ، لافتة إلى أن البعض يستغل أسماء دول تعاني من حروب أو كوارث لاستدرار عطف الناس.
ودعت بشتاوي، إلى ضرورة أن يكون الإنسان أكثر وعياً حتى لا يقع فريسة لمثل هذه العمليات من النصب والاحتيال.
بدورها، قالت وزارة التنمية الاجتماعية، إنه سيتم خلال الفترة المقبلة عقد لقاءات مع وزارة العدل والمعهد القضائي، ومديرية الأمن العام، وجميع الشركاء المعنيين، لتوحيد الجهود للتعامل مع هذه الظاهرة.
وأضافت الوزارة في ردها على استفسارات وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، عن دورها في ردع مثل هذه السلوكيات، أنه سيتم وضع آليات للتعامل مع التسول الإلكتروني، والتحديات التي تواجه عمل الجهات الحكومية لضبط هذه الظاهرة، خصوصًا بما يتعلق في ضبط الأحداث.
وقالت إن عدد ممتهني التسول الذين تم ضبطهم منذ بداية العام وحتى نهاية الشهر الماضي بلغ 5471 متسولا.
وبينت، أن ظاهرة التسول أصبحت مهنة وبشكل منتظم عند البعض، ويندرج بعضها أحيانًا إلى الاتجار بالبشر، الأمر الذي يتطلب تضافر الجهود وتعاون المواطنين، للحد من هذه الآفة، مشيرة إلى أن غالبية المتسولين الذين يتم ضبطهم قادرون على العمل ومن أصحاب السوابق.
وأوضحت الوزارة أن تعاطف المواطنين مع المتسولين، يعد من أبرز التحديات التي تواجه عمل مديرية مكافحة التسول، معولةً على وعي المواطنين وعدم إعطائهم ما يريدون.
وثمنت، دور الإعلام في التوعية والتثقيف للحد من ظاهرة التسول الدخيلة على المجتمع، داعية المواطنين للإبلاغ عن أماكن التسول من خلال أرقام الوزارة التالية، الخط الساخن 0793344330 أو من خلال خدمة الواتس آب على الأرقام التالية: 0790777660 أو 0770044033 أو 0780777660.