وطنا اليوم:نظمت بعثة الاتحاد الأوروبي في الأردن جلسة حوار لمناقشة تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا التي دخلت شهرها الثامن عشر، وتأثيرها على الأمن والاستقرار الإقليميين، وإمدادات الطاقة والأمن الغذائي.
وأكدت القائمة بالأعمال في بعثة الاتحاد الأوروبي أنجيلا مارتيني، على مدى تأثير تداعيات الحرب خارج حدود أوروبا؛ “سواء كان ذلك بسبب تأثيرها على إمدادات الغذاء والطاقة، وعلى الأمن العالمي والاستقرار الإقليمي، وعلى المعلومات”.
وأوضحت أن هذه الحرب تؤثر على حياة الأشخاص في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والأردن، وتعيد تشكيل العالم، والنظام العالمي.
السفيرة الأوكرانية في الأردن ميروسلافا شيرباتيوك، قالت إن الحرب الروسية على بلدها تسببت في تفكك النظام العالمي للعلاقات الدولية، موضحة أن روسيا قوضت دعائم القانون الدولي وارتكبت جرائم حرب امتد تأثيرها المباشر إلى دول محيطة ودول آسيا والشرق الأوسط.
وأضافت خلال الجلسة النقاشية أن روسيا اعتدت على دولة عضو في مجلس الاتحاد الأوروبي وتسعى للحد من التحاق أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وأشارت إلى أن الحرب جزء من استراتيجية روسية أوسع، قائلة، إن روسيا تشن حربًا عالمية، جغرافيًا داخل أوكرانيا. وشمل استمرار منطقي للحرب في سوريا، والعدوان على جورجيا، والتعدي على ليبيا ودول إفريقية أخرى.
وقال الناطق الرسمي للاتحاد الأوروبي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لويس ميغيل بوينو، إن أوكرانيا كانت في المرتبة الأولى عالميا في تصدير زيت عباد الشمس، والثالثة في تصدير الشعير والرابعة في تصدير الذرة والسادسة في تصدير القمح، قبل الحرب الروسية على أراضيها.
وأضاف أن الحرب الروسية في أوكرانيا أدت إلى رفع الأسعار بشكل فوري، موضحا أن القمح سجل ارتفاعا بنسبة 60% والذرة بنسبة 20%، مما انعكس سلبا على كثير من الدول المعرضة للمخاطر على مستوى الأنظمة الغذائية.
وأشار بوينو إلى ارتفاع عدد الأشخاص المعرضين لانعدام الأمن الغذائي الحاد إلى 349 مليونا في العالم بعد الحرب الروسية في أوكرانيا.
وأضاف أن الاتحاد الأوروبي استجاب لهذه الأزمة الغذائية على مجموعة مستويات؛ الأول من خلال دعم مبادرة البحر الأسود لتصدير الحبوب مكنت أوكرانيا من تصدير 33 مليون طن من الحبوب لأكثر من 45 دولة ما أدى إلى انخفاض في الأسعار بنسبة تصل 25%، داعيا إلى استئنافها في أسرع وقت.
وتابع: بفضل هذه المبادرة، شكلت حبوب أوكرانيا 80% من جميع الإمدادات الأممية لصالح الدول الأكثر تضررا في العالم (أفغانستان، الصومال، أثيوبيا، كينيا، السودان واليمن) في حين “كانت مساهمة روسيا فيها صفرا”.
وأوضح بوينو إلى أن روسيا استفادت من هذه المبادرة بشكل واضح من خلال تصدير 56 مليون طن من حبوبها حققت من خلالها إيرادات تصل إلى قرابة 41 مليار دولار، موضحا أن الصادرات الروسية من الحبوب زادت بنسبة 27% من 2021 إلى 2022، ولا تزال أكثر بكثير مما كانت عليه قبل الحرب.
وأشار إلى أن روسيا قصفت الصوامع والحقول والبنية التحتية في أوكرانيا لمنعها من تصدير منتجاتها، مما يعني أن “روسيا تتعمد استخدام الغذاء كسلاح في هذه الحرب”.
وحذرت شيرباتيوك قائلة إن احتلال روسيا لمنطقة تضم مفاعل تشيرنوبل النووي يهدد المنطقة والعالم بأسره، موضحة أن “التهديد باستخدام الأسلحة النووية يضعنا أمام سيناريو مختلف”.
وأشارت إلى أن “أوكرانيا على حافة كارثة ديمغرافية” موضحة أن الكثير من أطفال أوكرانيا نقلوا لمناطق روسيا أو احتلتها، وتمارس ضدهم وذويهم جرائم تعذيب.
وعن تغطية الإعلام للحرب في روسيا، قالت السفيرة، إن وسائل الإعلام العربية التزمت الحياد قدر الإمكان في موقفها بين طرفي الحرب، مشيرة إلى أن أوكرانيا تستعين بمختلف قنوات ووسائل الإعلام المحتلفة للتعبير عن مواقفها وسرد الرواية من أرض المعركة.
وقال سفير بولندا لدى الأردن لوسيان كاربينسي، حذر من حرب “معلومات مضللة” التي تشنها روسيا خلال حربها على أوكرانيا، موضحا أن البروباغندا الروسية أثرت على الكثير من وسائل الإعلام في العالم؛ بما فيها منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وأضاف “عندما شنت روسيا في 24 فبراير 2022 حربا واسعة النطاق في المدن الأوكرانية تزامن معها نطاق غير مسبوق من حرب المعلومات سرعان ما غطت العالم بأكمله تقريبًا” مشيرا إلى أن العدوان الروسي “وحشي وغير مبرر” ويخالف ميثاق الأمم المتحدة ويناقض القوانين الدولية.
وقال مدير مركز القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي، إن الحرب الروسية الأوكرانية، أحدثت تغييرا في مفاهيم وأوضاع في المنطقة، موضحا أن “الاصطفاف العربي خلف الولايات المتحدة انتهى”.
وعن البروباغندا الروسية في المنطقة، قال، إن “تأثير بروباغندا الصين وروسيا أضعف من تأثير الإعلام الغربي في الدول العربية”.
وانتقد ازدواجية المعايير لدى دول الاتحاد الأوروبي في التعامل الإعلامي والرسمي بين قضتي العدوان الإسرائيلي واحتلاله للأراضي الفلسطيينة والحرب الروسية واحتلالها للأراضي الأوكرانية.
وعن حلول الأزمات، قال: “لا مبادرات جادة من الدول الكبرى لحل الأزمات، وإنما تعمل على تسكينها، مما ينذر بوضع كارثي قد يولد انفجارات مقبلة”.
“بالإضافة إلى تأثيرها في زيادة حدة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن وبسبب جائحة كورونا في العديد من بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أحدثت الحرب في أوكرانيا تغييرا واضحا في ديناميكيات القوة بين دول المنطقة” وفق الرنتاوي.
وحث محلل العلاقات الدولية في المعهد الأوكراني للمستقبل المقيم في كييف إيليا كوسا، أوكرانيا والغرب على تعزيز تحالفاتهم وتعاونهم مع دول الشرق الأوسط للحصول على دعم إضافي ولمواجهة النفوذ الروسي المحتمل في المنطقة، قائلا: “إن روسيا تستخدم الشرق الأوسط كأداة لشن حربها الشاملة، وينبغي للغرب أن يعزز وجوده وتعاونه مع دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”.
بوينو، أشار إلى أن التضامن الأوروبي تجاه أوكرانيا طبيعي ويختلف عن التضامن تجاه قضايا أخرى عند المقارنة مع القضية الفلسطينية، موضحا أن الاتحاد الأوروبي لا يزال ملتزما بدعم الفلسطينيين والسلطة الفلسطينية ووكالة أونروا، وموقفه تجاه المستوطنات الإسرائيلية بأنها “غير قانونية وتخالف القانون الدولي”.
وبين أن الاتحاد الأوروبي أطلق مبادرة “ممرات التضامن” لدعم الصادرات الأوكرانية من خلال تسهيل الإجراءات الهيكلية الضرورية المرتبطة بعبور السلع من أوكرانيا إلى التكتل الأوروبي، موضحا أن هذه المبادرة أسهمت في تسهيل تصدير 44 مليون طن من الحبوب الأوكرانية للعالم، بما يمثل 60% من صادرات أوكرانيا في المجمل.
وقال بوينو، إن الاتحاد الأوروبي قدم أيضا دعما ماليا بقيمة 18 مليار يورو للدول الأكثر احتياجًا في العالم؛ مليار يورو في منطقة الساحل في إفريقيا و633 مليون يورو لمنطقة القرن الإفريقي و600 مليون يورو لإفريقيا جنوب الصحراء و225 مليون يورو لصالح منطقة الشرق الأوسط.
وأضاف: “استجاب الاتحاد الأوروبي للأزمات الغذائية الناجمة عن العدوان الروسي على أوكرانيا، من خلال إنشاء (مرفق الغذاء والقدرة على الصمود) الإقليمي بقيمة 225 مليون يورو؛ للتخفيف من تأثير ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع في شركاء الجوار الجنوبي، بما في ذلك الأردن