وطنا اليوم:بعد 6 سنوات من القطيعة بينها وبين حكومة السراج، بدأت مصر تُقدم مؤشرات على تغيير سياستها ومواقفها تجاه الأزمة الليبية، وذلك بعد زيارة الوفد المصري لليبيا، نهاية الأسبوع الماضي.
وحملت زيارة الوفد المصري لليبيا، الذي يضم كلاً من وكيلي وزارة الدفاع والخارجية ونائب رئيس جهاز المخابرات، العديد من ردود الأفعال الإيجابية والحذِرة، خصوصاً أن الزيارة كانت للعاصمة طرابلس، وهي الأولى منذ سنة 2014.
وكانت مصر في السنوات الأخيرة داعمةً لتمرُّد الجنرال المتقاعد خليفة حفتر على حكومة الوفاق الشرعية، في أبريل/نيسان 2019، والذي انتهى بهزيمته في يونيو/حزيران الماضي، قبل أن يعاود قبل أيام قليلة التهديد بإقامة حرب جديدة.
زيارة الوفد المصري لليبيا
بعد أسبوع من لقاء اللواء عباس كامل، رئيس المخابرات المصرية، بالجنرال المتقاعد خليفة حفتر، جاءت زيارة الوفد المصري لليبيا، وبالضبط إلى العاصمة طرابلس، هذه الزيارة التي حملت إلى حكومة الوفاق رسائل إيجابية من القاهرة.
وكشف مصدر دبلوماسي بحكومة الوفاق أن “زيارة الوفد المصري لليبيا تضمنت اعتذاراً ضمنياً من الحكومة المصرية لحكومة الوفاق، إذ أكد رئيس الوفد المصري اللواء أيمن بديع، وكيل المخابرات العامة رئيس اللجنة المصرية المختصة بالشأن الليبي، لوزير الخارجية الليبي محمد الطاهر سيالة، أن مصر لم ولن تدعم الأعمال العسكرية بليبيا”، مشيراً إلى أن “الرئاسة المصرية تود أن تكون على مسافة واحدة من جميع الأطراف، الأمر الذي اعتبرته حكومة الوفاق اعتذاراً ضمنياً لها”.
الباحث في الشؤون السياسية والاستراتيجية، محمود مختار إسماعيل الرملي، قال إن “زيارة الوفد المصري لليبيا تعكس تغيُّراً كبيراً في سياسة الدولة المصرية، هذه الأخيرة التي قدمت مؤشرات عن إمكانية تغيير موقفها الداعم كلياً لخليفة حفتر، إلى إمكانية الحوار مع حكومة الوفاق”.
وأضاف المتحدث في تصريحه أن “زيارة الوفد المصري لليبيا أظهرت أن مصر بدأت تتخلى عن الجنرال خليفة حفتر، الذي ينتهج مبدأ السلاح، سعياً لاحتضان مبدأ السياسة القائم على أسس عدم التدخل في الشؤون الداخلية”.
“انقلاب” على حفتر
من بين الرسائل التي حملها الوفد المصري إلى العاصمة الشرعية طرابلس، أن مصر لن تدعم ميليشيات حفتر، ولا الحرب التي يدعو لها، رغم التحذيرات الأُممية والدولية بمخاطرها الإقليمية.
وحسب المعلومات ، فإن وفداً من المخابرات المصرية ببنغازي اجتمع مع عدد من قادة الميليشيات المحسوبين على قبيلة العواقير والمغاربة، بمقر جهاز المخابرات المصرية بقاعدة بنينا العسكرية في بنغازي.
مصدر عسكري تابع لحفتر قال إن “الاجتماع جاء بعد لقاء اللواء أيمن بديع بخليفة حفتر في الرجمة، الذي أبلغه رسالة رئيس جهاز المخابرات العامة عباس كامل، التي مفادها أن التحركات العسكرية في ليبيا ستؤدي إلى انفجار لسنا بحاجة إليه”.
وأضاف المصدر ذاته أن “الاجتماع مع قادة ميليشيات حفتر كان على خلفية توضيح الرؤية المصرية للملف الليبي مستقبلاً، إذ إن الوفد المصري طلب من قادة الميليشيات تخفيف حدة التوتر في المنطقة الشرقية، وعدم الانجرار وراء دعوات إقامة الحرب، في إشارة إلى دعوات خليفة حفتر خلال عيد الاستقلال الليبي”.
وتابع المصدر ذاته أن الوفد المصري ركز على دعم العملية السياسية في ليبيا، بقيادة رئيس برلمان طبرق عقيلة صالح، بالتحركات الاجتماعية من قبائل المنطقة الشرقية.
فرنسا تُحذر
من جهتها، دعت فرنسا يوم الإثنين، 28 ديسمبر/كانون الأول 2020، اللواء المتقاعد خليفة حفتر إلى “الامتناع عن استئناف الأعمال العدائية، والتركيز على الجهود لإيجاد حل سياسي في ليبيا، وتشكيل حكومة جديدة، وتنفيذ الاستحقاقات الانتخابية المرتقبة في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021، وفق مقررات المنتدى السياسي الليبي تحت إشراف الأمم المتحدة”.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية: “لا حل عسكرياً في ليبيا، الأولوية لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، الذي ينُص على خروج القوات الأجنبية والمرتزقة الأجانب، واستكمال العملية السياسية بإشراف الأمم المتحدة”.
ويرى المحلل السياسي عمر التهامي أن “مصر لم تنقلب على خليفة حفتر، وإنما ستتخلى عن دعمه حال إصراره على تنفيذ عملية عسكرية جديدة”، مشيراً إلى أن “مصر لا تحتاج خليفة حفتر لتحقيق مصالحها المشروعة في ليبيا”.
وأضاف التهامي، أن “دخول مصر لليبيا من بابها يطرح عدة تحديات مهمة لرئيس المجلس الرئاسي فايز السراج، أهمها استمرار التواصل في كل الملفات التي تخص البلدين، وملف مكافحة الإرهاب، ودعم الاستقرار في ليبيا لحفظ الأمن القومي المصري”.