بقلم الدكتور قاسم جميل العمرو
تفاعل الأردنيون مع تقريري ديوان المحاسبة وهيئة النزاهة ومكافحة الفساد الأخيرين، بشكل كبير وغير مسبوق، وكانت الصدمة من حجم المخالفات التي تم رصدها في التقريرين الرقابيين، خصوصا تلك التجاوزات الكبيرة على المال العام؛ وتلك التي تمس غذاء الأردنيين من حيث خطورتها وحجم الفساد في إدخالها على موائد الأردنيين.
أجهزة الرقابة قامت بدورها، واعدت التقارير ورصدت حجم المخالفات، حيث وصل عدد صفحات احد التقارير اكثر من700 صفحة وسُلمت للجهات المختصة لمتابعة تلك المخالفات وتصويبها وجزء منها بطبيعة الحال منظور امام القضاء.
بعض المخالفات تحتاج الى إجراءات اكثر شدة واكثر حزما لان الموضوع يتعلق بحياة الناس وطعامهم وشرابهم ويجب ان لا يمر ذلك بسهولة ويجب ان لا يسقط الجرم بالتقادم، لان ذلك يعني تعميق أجواء عدم الثقة بالحكومة وبالأجهزة الرقابية في جديتها بملاحقة هؤلاء المتنفذين من التجار؛ ومن البيروقراط الفاسد الذي يتآمر مع هؤلاء الجشعون عبدة الدرهم والدينار؛ الذين يبحثون عن نفايات الطعام واستيرادها لتحقيق مكاسب مالية ضخمة.
الملاحظة التي جلبت انتباهي ان تقرير الهيئة لم يتضمن أي إشارة الى المتواطئين مع التاجر ولم يوضح كيف دخلت الشحنة وكيف تم تبخير السمسم والحمص واستهلاكه في السوق دون أي رقابة، وكيف اكتشفت الهيئة مثل هذه المخالفات التي مضى عليها سنوات، وأيضا من هي الشركة المستوردة وكم مرة أدخلت شحنات فاسدة ومشبوهة لان من تعود على هذه الاعمال لن يتوقف ولن يصحى ضميره الا اذا واجه عقاباً حاسماً بحجم مخالفته وتجاوزه القانون.
في الحقيقة نحن بحاجة الى تشديد الرقابة من خلال فرض عقوبات صارمة رادعة والا سنكون في كل مرة امام قضية تهز الشارع ويفلت منها المجرمون.
السؤال الذي يراود كل مواطن بما اننا دولة لديها كل سبل القوة والامكانيات لمنع مثل هذه التجاوزات هل لنا ان نعرف اين الخلل ومن يقف وراء مثل هذه التجاوزات وهل أصحاب الثروة قادرون على اسكات رجال السلطة وتمرير صفقاتهم بتبريرات واهية نكتشفها بعد فوات الأوان نتيجة تضارب المصالح .
الوطن يحتاج الى همة ووضوح ومتابعة ومراقبة ونحن نسمع كل يوم قصص وحكايات التهرب الجمركي وقضايا المعسل المقلد والدجاج الفاسد والغش كما يجب قض مضاجع الغشاشين والمتآمرين على قوت الفقراء ويجب ان لا يحلموا بالراحة وان يدفعوا ثمن خيانتهم.
أستاذ العلوم السياسية جامعة البترا
ناشر موقع وطنا اليوم الاخباري