وطنا اليوم:تواجه الذئاب وهي بنظر كثر من أقرب الأجناس إلى البشر لناحية السلوك الاجتماعي ورمز للحرية في المخيلة الأمريكية، خطرا محتملا بسبب قرار أصدرته إدارة دونالد ترمب أخيرا بسحب الذئاب الرمادية من قائمة الحيوانات المحمية في الولايات المتحدة.
وكانت الذئاب قد وُضعت على هذه القائمة في سبعينات القرن الماضي بعدما كانت على شفير الانقراض في الولايات المتحدة.
وتقول ماغي هاول مديرة مركز حفظ الذئاب الذي يتخذ مقرا له في ولاية نيويورك، لوكالة فرانس برس إن “الذئاب لم تعد للظهور إلا في ما يقرب من 10 % من أراضي انتشارها التاريخي”.
وتذكّر بأن تخفيف التدابير المتخذة لحماية هذا النوع الحيواني في بعض الولايات في السنوات الماضية أدى إلى القضاء على أعداد كبيرة منها بفعل عمليات الصيد.
ويخشى الناشطون البيئيون على مصير حوالى ستة آلاف ذئب تنتشر في أنحاء الولايات المتحدة، بعد دخول القانون حيز التنفيذ في كانون الثاني.
وبعد إطلاق هاول هتافا، يتردد في أرجاء الموقع عواء ثلاثة ذئاب تشكّل “سفيرة” المركز وتؤدي دورا محوريا في توعية السكان الذين في إمكانهم متابعة حركاتها على مدار الساعة من خلال كاميرات مراقبة تبث محتواها عبر شبكات التواصل الاجتماعي لمئات الآلاف من محبي هذه الحيوانات.
وتؤوي المنظمة حاليا 40 ذئبا من أجناس مهددة للغاية، بينها خصوصا ذئاب مكسيكية تقتصر أعدادها حاليا في الطبيعة على حوالى مئتي ذئب فقط، إضافة إلى ذئاب حمراء وهي فصيلة مهددة بخطر انقراض بالغ مع حوالى عشرين حيوانا فقط منها في الطبيعة.
– حملة إبادة –
في الأوضاع العادية، يشكّل سحب أي فصيلة من قائمة الأجناس الحيوانية المهددة مؤشرا إلى نجاح مساعي إعادتها إلى الطبيعة.
لكن في هذه الحالة، شكّك خبراء مستقلون مفوّضون من الحكومة الأمريكية بالأسباب العلمية لهذا القرار، كما ندد علماء بيئيون بما اعتبروه هدية مجانية للصيادين.
وفي ولايات مينيسوتا وميشيغن وويسكونسن التي يُمنع فيها الصيد منذ 2014، قد تُستأنف هذه النشاطات بموجب التشريع الجديد ما يهدد بالقضاء على مئات الذئاب سنويا وفق منظمة بيئية.
وكانت الولايات المتحدة تضم ما يقرب من 250 ألف ذئب قبل وصول المستوطنين الأوروبيين في القرن السادس عشر حين وانطلاق ما يشبه حملة الإبادة لهذه الحيوانات.
ويقول حارس الغابات ريك ماكينتاير وهو مؤلف كتب عدة عن الذئاب “من أولى الأمور التي فعلها الحجاج في مستوطنات ماساتشوستس كانت تخصيص جائزة مالية ترتفع قيمتها مع ازدياد عدد الذئاب التي يُقضى عليها”.
في المقابل، تعايش السكان الأصليون بتناغم تام مع الذئاب لآلاف السنوات، وقدّموا لها التكريم مدركين بوضوح أهميتها البيئية.
وأكدت دراسات حديثة الدور المحوري لهذه الحيوانات في التحكّم بحجم قطعان أيائل الإلكة التي تستهلك كميات كبيرة من العشب، ما يجنّب القضاء على مساكنها الطبيعية.
ويدرس ماكينتاير سلوك الذئاب منذ سنوات، خصوصا في متنزه ييلوستون الوطني حيث أعيدت هذه الحيوانات إلى الموقع في 1995.
وتبدأ هذه الذئاب يومها بنشاطات تبيّن ترابطا عاطفيا قويا، إذ تنسج الروابط في ما بينها ويظهر كلّ منها شخصية مستقلة.
كما يتعامل بعض الذئاب برأفة مع القطعان المعادية، فيما البعض الآخر يظهر سلوكا دمويا، ويحبّ البعض أيضا المغامرات فيما يبرز لدى ذئاب أخرى ميل إلى الاستقرار.
ويشكّل التعاون عنصرا أساسيا لبقاء هذه الذئاب لدى اصطيادها الطرائد، خصوصا لكون الأخيرة تكبرها حجما ومن بينها حيوانات البيسون.
وخلافا للمعتقدات السائدة، فإن الإناث من هذه الحيوانات هي التي تقرر موقع إقامة مخبئها وطرق التنقل وماهية الطرائد، وليس الذكور وفق اكتشافات ريك ماكينتاير.
– طريق طويل –
وتحققت بعض المكاسب على صعيد حماية الذئاب الرمادية بفضل برامج مثل ذلك المعتمد في متنزه ييلوستون، لكن الذئاب المكسيكية والحمراء لا تزال في وضع حرج أكثر.
ويشارك مركز حفظ الذئاب ببرنامج حكومي لتربية الذئاب بهدف ضمان استمرار هذين الجنسين.
وقبل أسابيع، أرسلت المنظمة ذئبين أحمرين مولودين سنة 2018 في تينيسي ومينيسوتا، للتكاثر مع شركاء محتملين.
وترمي الخطوة إلى إعادة التنوع الجيني المفقود منذ فقدان الفصيلة موقع عيشها الطبيعي سنة 1980، وإعادة إدخال جراميز صغيرة إلى القطعان البرية.
وتقول ماغي هاول “من الصعب دائما توديع” هذه الحيوانات، “لكننا نشعر دائما بالحماسة عندما ندرك أنها ستتكاثر”.