وطنا اليوم – كشف مسؤول عراقي سابق في عهد الرئيس الراحل “صدام حسين”، أنه بعد احتلال الأمريكان للبلاد عام 2003 وارتكابهم الفظائع الشديدة، قام باللجوء إلى مسقط رأسه في مدينة راوة الحدودية ومن ثم دخل سوريا التي رحب مسؤولوها وعلى رأسهم بشار الأسد به، ثم ما لبث أن خانه وسلمه للقوات الغازية بعد أيام فقط. وبحسب لقاء له مع صحيفة “الشرق الأوسط” قال وزير التجارة العراقي الأسبق ووكيل الديوان الرئاسي (محمد الراوي) إنه ذهب إلى مسقط رأسه في راوة قرب الحدود السورية ثم دخل البوكمال ودير الزور ومنها إلى دمشق، حيث استقبله رئيس الاستخبارات آنذاك “آصف شوكت” ورحّب به نيابة عن بشار الأسد، طالباً منه أن يحضر عائلته كلها إذا كان يرغب بذلك.
وأشار الراوي إلى أنه ظن أن الأسد ومسؤولوه سيرحّبون به كثيراً، ولا سيما أنه كان من مهندسي عودة العلاقات بين البلدين في السنوات الأولى التي تلت رئاسة الأسد الابن، حيث كُلِف من قبل صدّام بملف سوريا، لكنه فوجئ بإعادته إلى الحدود العراقية وتسليمه مباشرة للجنود الأميركيين (يداً بيد).
ويضيف المسؤول السابق أنه بعد احتلال بغداد، اتصل بهم سكرتير أمانة مجلس الوزراء وأبلغهم بأن الوزراء يمكنهم أن يذهبوا إلى المكان الذي يرغبون فيه، حيث توجّه إلى مدينته راوة مع عائلته وعندما وصل أشاروا عليه بالذهاب إلى سوريا لفترة أسبوعين ومراقبة الموقف.
ولفت إلى أنه توجه في اليوم التالي لسوريا مع أخيه (مزهر) ومستشار الرئاسة (عصام عبد الرحيم الراوي) ولم يكن لديه قلق من موقف المسؤولين هناك بسبب العلاقات الجيدة معهم وعلى رأسهم الأسد، حيث استقبله “آصف شوكت” وأبلغه أن يحضر عائلته إذا رغب، فأجابه أنه سيبقى فقط لأسبوعين وبعدها سيعود للعراق، كما إنه أبلغ مدير الاستخبارات في دير الزور بذلك أيضاً.
الوزير العراقي أنه علم وقتها أن قرار تسليمه إلى الأمريكان قد اتُخذ، فطلب مباشرة العودة إلى العراق، ولكن مخابرات نظام الأسد فرّقتهم بعد يومين كما اعتُقل أخوه في دير الزور، أما هو فاحتُجز بالإقامة الجبرية في “قرى الأسد” برفقة خمسة ضباط لمراقبته.
وأردف الراوي أنه قام بعد ذلك بكتابة رسالة إلى “بشار الأسد” يشرح فيها صفته الرسمية وأنه جاء إلى سوريا لمدة أسبوعين فقط، كما شكره على حسن الضيافة، طالباً العودة إلى العراق وإعلامه عن مصير شقيقه الذي فقده في اليوم الثالث لمجيئه، وذلك في 21 نيسان من عام 2003، أي قبل يومين من تسليمه.
وعقب الرسالة جاءه عميد يُدعى “يونس” بتكليف من آصف شوكت وأخبره أنه جاءت موافقة من سماه (السيد الرئيس) على العودة، حيث غادر دمشق ظهراً ووصل قرب دير الزور، عندها طلب التوقف في المدينة قليلاً كي يرى أخيه الذي يظن أنه اعتقل هناك.
وعند وصوله إلى البوكمال طلب من العميد يونس أن يسمح له بدخول العراق فمدينة القائم أصبحت قريبة جداً فأجابه أن المنفذ الرسمي خطر وسيأتي ضابط آخر لإيصاله إلى الحصيبة عن طريق مهربين، فاستغرب الراوي من الكلام، طالباً معرفة السبب ليضيف يونس بعدها بأن التوجيهات هكذا.
وتابع الراوي حديثه بالقول إنه خرج بالسيارة إلى الصحراء مع العميد ركن نصيح ويعمل لدى الاستخبارات في دير الزور، وبعد 20 دقيقة وصلوا لنقطة معينة فتم إطفاء الأضواء والمشي في الظلام ثم دخلوا منخفضاً صغيراً وخرجوا منه إلى الأراضي العراقية، حيث كان ينتظرهم سبعة جنود أميركيين وقاموا باعتقاله.
وأكد المسؤول العراقي في حديثه للصحيفة، أن العميد “نصيح” سلمه للأمريكان، حيث قاموا بتقييده ووضعوا قبعة على رأسه ونقلوه إلى إحدى القواعد بطائرة عسكرية (تشينوك) قرب الحدود الأردنية، ومن هناك تم ترحيله إلى بغداد، مضيفاً أنهم حققوا معه 5 ساعات.
وأوضح أنه في الصباح جاءه شخص وسأله لماذا عدت؟ فأجاب أنه طلب من السلطات السورية أن أرجع إلى بلده، فسأله مجدداً مَن ذهب معك؟ فأشار بالنفي ولم يبلغ عن زملائه أبداً لكن المفاجأة كانت عندما استدعاه رئيس المحققين وأكد له أن واشنطن منزعجة جداً لأنه كذب.
واستفهم “الراوي” من المحقق عن سبب الاعتقاد بأنه يكذب فأجابه: أنت تقول إنك ذهبت لوحدك لسوريا ولكن في الرسالة التي أرسلتها إلى (بشار الأسد) كنت تسأل عن مصير أخيك (مزهر مهدي صالح) وأراه الرسالة، مضيفاً “حتى رسالتي إلى بشار الأسد وصلت إلى الأميركيين وعرضوها عليّ”.