صحيفة إسرائيلية.. من “باريس الشرق الأوسط”.. إلى قمامته:تايتنك لبناني دون موسيقى

21 ديسمبر 2020
صحيفة إسرائيلية.. من “باريس الشرق الأوسط”.. إلى قمامته:تايتنك لبناني دون موسيقى

وطنا اليوم – بينما واصل العالم الانشغال بالتحليل وشجب تصفية رئيس البرنامج النووي الإيراني، محسن فخري زادة، الرجل الذي سعى لوضع قنبلة نووية في أيدي آيات الله في طهران، أزيل قناع آخر عن وجه زعيم حزب الله حسن نصرالله وانكشف وجهه الحقيقي.

 

فقد أدانت المحكمة الدولية، التي تشكلت لمحاكمة المتهمين بقتل رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري في شباط 2005 بالجريمة، المسؤول الكبير في حزب الله سليم عياش. ولم يمتثل المدان وباقي المتهمين في القضية في المحاكمة، ولم تكلف الشرطة اللبنانية نفسها بالفعل عناء البحث عنهم.

 

لا يتصور أحد في لبنان أو خارجه أن يكون عياش قد صفى الحريري بمبادرته أو بمفرده؛ فالواضح للجميع أنه تنظيم حزب الله، ونصر الله على رأسه، هم الذين قرروا تصفية الخصم العنيد والأصعب الذي وقف في طريقهم للسيطرة على لبنان. وبالفعل، فإن تصفية الحريري تركت الساحة اللبنانية تحت رحمة نصر الله دون أن يكون لأي من السياسيين في لبنان -تلك العصبة الفاسدة التي تدير شؤون الدولة- القدرة أو الرغبة التي كان رفيق الحريري يرتكز عليها في وجه حزب الله.

 

الاتحاد الأوروبي الذي سارع لشجب تصفية “أبو القنبلة الإيرانية”، ملأ فمه بالماء، كي لا يغضب أحداً في بيروت أو طهران.

 

إن إدانة حزب الله بالقتل لم تبعث -لشدة المفاجأة- أي صدى، لا في داخل لبنان ولا في العالم الواسع أيضاً. فالاتحاد الأوروبي الذي سارع لشجب تصفية “أبو القنبلة الإيرانية”، ملأ فمه بالماء، كي لا يغضب أحداً في بيروت أو طهران.

 

في السنة الماضية خرج آلاف الشبان في بيروت ومدن أخرى في الدولة للتظاهر احتجاجاً على الفساد والتعفن اللذين تفشيا في الساحة السياسية في لبنان. ودعوا إلى التغيير وإلى الثورة ورفع بلدهم إلى طريق جديد. ولكن صوت هؤلاء الشبان صمت عندما نشر قرار المحكمة وكأنهم لا يفهمون العلاقة الوثقى بين الضائقة الفظيعة التي علقت فيها الدولة، وقبضة الخناق التي أمسكهم بها نصر الله وحزب الله، ومن خلفهما إيران، الذين يتحملون المسؤولية المباشرة عن هذه الضائقة. يخيل أن هذا هو الوجه الحقيقي للبنان. وجه دولة لا يتجرأ أبناؤها، وربما أيضاً لا يرغبون في أخذ مصيرهم بأيديهم.

 

كل هذا يحصل في الوقت الذي تقفز فيه المزيد من الدول العربية على عربة السلام مع إسرائيل. تتحرك القافلة إلى الأمام بينما، معارضو السلام والتطبيع في الخلف. هكذا نشأ شرق أوسط جديد لدول تريد السلام وتسعى إلى إنقاذ نفسها من الضائقة الاقتصادية و تلقت وراءها أقلية آخذة في التقلص من الدول، مثل سوريا ولبنان، وجهتها نحو الماضي، نحو الحروب والإرهاب، والعنف والتطرف. كلها دول فاشلة على شفا الانهيار الاقتصادي والاجتماعي. فبعد كل شيء، كان وزير الخارجية الفرنسي هو الذي صرح قبل بضعة أيام بأن “لبنان مثل تايتنك التي توشك على الغرق، ولكن دون موسيقى على دكتها”.

 

وحتى فرصة الوصول إلى اتفاق مع إسرائيل على ترسيم الحدود البحرية، يسمح للبنان باستخراج الغاز وتصديره… يلقي اللبنانيون بها على ما يبدو إلى سلة المهملات. ومن يتذكر أزمة القمامة التي المت بلبنان قبل بضع سنوات، بسبب الخلاف في الحكومة اللبنانية على كيفية توزيع أرباح إخلاء القمامة بين أعضائها، سيستنتج بأن هذه الدولة كلها تحولت باختيارها، وبفضل حزب الله، من باريس الشرق الأوسط إلى سلة قمامته.

 

بقلم: ايال زيسر