وطنا اليوم:أجبر تفشّي فيروس كورونا الأردن على اعتماد التعليم الإلكتروني، وهو ما دفع أولياء الأمور في المدارس الخاصة إلى الاحتجاج على اضطرارهم إلى دفع الرسوم رغم عدم حضور أولادهم إلى المدارس
يرى أهالي التلاميذ أنهم وأبناءهم الخاسر الأكبر في عملية التعلم عن بعد (التعليم الإلكتروني). وتزداد شكاوى هؤلاء في مدارس القطاع الخاص، بعدما فرض كورونا تغيّرات كثيرة. وكإجراء احترازي لمكافحة الوباء، اتخذت الحكومة الأردنية قراراً في 4 مارس/ آذار الماضي بالإغلاق الشامل للمدارس والتحوّل إلى التعلّم عن بعد، وهو قرار طاول أكثر من مليوني تلميذ على مقاعد الدراسة، 28 في المائة منهم في القطاع الخاص. وقبيل بدء العام الدراسي الجديد، تعهدت الحكومة للمواطنين بإعادة فتح المدارس مع مراعاة إجراءات التباعد الاجتماعي والوقاية لضمان حق التلاميذ في التعليم في الموعد المحدد. لكن وبعد أسبوعين من بدء العام الدارسي، عادت وأغلقت أبوابها بحجة الوباء. في هذا الإطار، اعتبر الكثير من الأهالي أن الحكومة خدعتهم لصالح المستثمرين في القطاع.
يعدّ هذا القطاع بالغ الأهمية، إذ يعمل في التعليم الخاص ما لا يقل عن 40 ألف معلّم وإداري، ما يمثل 32 في المائة من المعلمين في الأردن. كذلك، يضم القطاع نحو 600 ألف تلميذ، أي ما يزيد عن ربع التلاميذ الأردنيين، موزعين على أكثر من ثلاثة آلاف مدرسة بنسبة 46 في المائة من مدارس الدولة. تقول ريم العبادي، وهي أم لتلميذين، إن “الحكومة خدعت أولياء الأمور. فما الفائدة من تسجيل التلاميذ في مدرسة خاصة، علماً أنهم يدرسون في المنزل من خلال التلفزيون أو جهاز الحاسوب”، لافتة إلى أن الحكومة حاولت الحفاظ على هذا القطاع على حساب المواطن صاحب الدخل المتوسط.
وتسأل: “لماذا ندفع رسوماً للمدارس الخاصة، ونحن من يتولّى التدريس صباحاً ومساءً؟ وهل دفع الرسوم للمدارس الخاصة هو بمثابة هبة؟ منصات هذه المدارس لا تقدم أكثر مما تقدمه منصة درسك الحكومية. كما أن توفير أجور المعلمين والمعلمات العاملين في القطاع الخاص مهمة هذه المدارس والحكومة وليس المواطن”.
من جهته، يرى محمد يوسف أن خسارة المواطن هي في اتجاهين: “الأول والأهم هو أن الأبناء لم يتعلموا أي شيء مهم خلال الفترة الماضية. فالتعليم عن بعد بلا قيمة حقيقية”، مضيفاً أن التعليم وجهاً لوجه هو التعليم الحقيقي. يتابع أن الخسارة الثانية هي خسارة الرسوم الدراسية، لافتاً إلى أن قسط ابنيه هو نحو 280 دينارا شهريا (حوالي 400 دولار)، في مدرسة متوسطة المستوى، موضحاً أن مبادرة وزارة التربية لحسم 15 في المائة من الأقساط غير كافية. يضيف أنه دفع ثلث الرسوم عند التسجيل، وأقساطاً لشهرين. لكنه يرى أن المدرسة لا تستحق هذا المبلغ.
ويقول نقيب أصحاب المدارس الخاصة في الأردن منذر الصوراني، إن “كل القطاعات الخاصة مظلومة، وقد تضرر قطاع المدارس الخاصة بشكل كبير. والمفروض أن تتكفل المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي بجزء معين من رواتب المعلمين في المدارس الخاصة. والمطلوب أيضاً من وزارة التربية والتعليم إصدار بيان لأولياء الأمور يوضح أن الأقساط المدرسية هي مستحقات بغض النظر عما إذا كانت الدراسة عن بعد أو وجهاً لوجه، فالأقساط ليست فقط رواتب، بل تكاليف إجمالية”. يتابع: “بالإضافة إلى الرواتب، لدى المدارس تكاليف أخرى، منها بدلات الإيجار، الضرائب، المياه، الكهرباء، بدل المواصلات، بالإضافة إلى ترخيص وتأمين الحافلات. وكلّها بالمجمل نفقات إضافية”، لافتاً إلى أن غالبيىة الأهالي لا يدفعون الرسوم المستحقة. كما أن الأقساط التي يدفعها أولياء الأمور لا تغطي في عدد كبير من المدارس أكثر من 20 في المائة من رواتب الكوادر التعليمية.
ويرى أنّه في حال عدم وجود تعهّد رسمي، ولم يدفع المواطنون الأقساط المستحقة عليهم، من خلال إلزامهم من قبل الجهات الرسمية، ستكون الأمور عبثية، وتبقى معلقة، مطالباً بأن يكون هناك نص واضح يُلزم أولياء الأمور بدفع مستحقات المدارس، وعدم تصديق وثائق التلاميذ قبل الحصول على الرسوم المقررة. ويقول: “تُطالب الحكومة المدارس الخاصة بتسليم الرواتب، ودفع الضمان، والمستحقات والضرائب، وعدم حجز ملف التلميذ الذي لم يدفع الأقساط المدرسية، أو إيقاف المنصة المدرسية”. ويسأل: “ما هي الوسيلة لحصول المدارس على حقوقها؟”، معتبراً أن اللجوء إلى المحاكم، والتقدم بدعاوى من أجل تحصيل الحقوق أمر غير معقول، ويحتاج إلى وقت.
وحول حسم 15 في المائة من الأقساط المدرسية بحسب قرار حكومي، يوضح أنها مبادرة، للفصل الأول والدراسة عن بعد، لكنه يقول إن المدارس لا تستطيع منح الحسم إذا لم تحصل على المستحقات. يضيف أن بعض الأهالي يقولون إننا لم نستفد من الدراسة عن بعد ولن ندفع، مضيفاً أنه منذ مارس/ آذار الماضي، وبعد انتشار كورونا وتعطيل المدارس، أصبحت حقوق المدارس الخاصة مهدورة، وأولياء الأمور لا يدفعون. كما يلفت إلى أن وزارة العمل رفعت يدها عن قطاع التعليم “فكل مدرسة تحاول أن تحل مشاكلها بنفسها”، مشيراً إلى أنه في حال بقيت الأوضاع كما هي في الفصل الثاني، ستكون هناك أزمة كبيرة تواجه قطاع المدارس الخاصة.
وفي سياق متصل، دعت الحملة الوطنية للعودة إلى المدارس، التي أطلقت في 9 ديسمبر/ كانون الأول الحالي، إلى عودة التلاميذ إلى المدارس. وبحسب استطلاع للرأي أجرته الحملة بالتعاون مع اللجنة الوطنية لشؤون المرأة، أظهرت النتائج حالة من عدم الرضى العام عن نتائج التعليم عن بعد، وتراجعاً في المستوى الأكاديمي للتلاميذ، فضلاً عن ارتفاع نسب التوتر والعنف داخل العائلات بنسبة 55 في المائة. كما أشار 31 في المائة من التلاميذ في المدارس الخاصة إلى عدم قدرتهم على دخول المنصة بانتظام، و70 في المائة من أولياء الأمور المستجيبين يفضلون التعليم في المدرسة. كذلك، أشار نحو 56 في المائة من المسؤولين عن متابعة تعليم التلاميذ من أولياء الأمور أنهم يقومون بالمساعدة في حل الامتحانات لهم عبر المنصات الإلكترونية.