جانبيك في “مواجهة النفس”

16 أكتوبر 2022
جانبيك في “مواجهة النفس”

 

وطنا اليوم – كتب زهدي جانبيك تحت عنوان

“مواجهة النفس”:  ما زلنا عاجزين عن مواجهة انفسنا، والاعتراف باننا خلال 70 عاما لم نتمكن من معالجة مشكلة (أردني، فلسطيني) داخل المجتمع الأردني…

وما زالت العقلية ذاتها تسيطر على الموقف، التوجه نحو: المنع، والحل، هو اريح وأسرع الحلول لدينا… حل الجهابذة اليوم هو حل وإغلاق الوحدات والفيصلي… وكأن المشكلة في الناديين… بئس الحل وبئس التفكير.

هل لدينا أردنيين من أصل فلسطيني؟
هذه هي المشكلة التي نواجهها في الأردن ، وما لم نواجهها ونتعامل معها بشكل مباشر فلن نتمكن من الوصول إلى حل حقيقي يحفظ لنا الأردن ويحفظ لنا فلسطين…

الوحدات ليس وحيدا
نفترض جدلا اننا قمنا بإغلاق الوحدات والفيصلي… ماذا سنفعل بالبقعة والرمثا؟؟
واذا مشينا في هذا الطريق واغلقنا البقعة والرمثا… ماذا سنفعل بنادي الجليل ونادي الحسين إربد؟؟؟… إلى متى سيستمر مسلسل الحل والاغلاق… والى متى سيستمر عجزنا عن مواجهة انفسنا ومناقشة مشكلتنا الحقيقية… متى سنعيد الثقة بأنفسنا، ومتى سيتقبل كل فريق وجود الفريق الاخر كالأذين والبطين في القلب… متى؟

النداءات لحل الناديين واغلاقهما، نداءات فارغة قادمة من عقلية عرفية لم ولن ولا تعرف معنى التعددية والديموقراطية، والمعنى الحقيقي لتقبل الاخر…من كلا الطرفين.

نفترض جدلا منع اي مجموعة من الأردنيين ذوي الأصول الفلسطينية من تأسيس نادي… أين سنكون من قصص الحقوق المنقوصة التي لا يستطيع طرف ان يثيرها ولا يستطيع طرف ان يتقبلها…

الدولة الأردنية تأسست على التعددية العرقية والدينية والقومية ، وكان هذا احد اسباب قوتها… لسنا اول الناس، ولا آخرهم، سبقتنا دول على شاكلتنا وتعاملت مع فروعها بجذر قوي واصل واحد صلب قادر على حمل كل الفروع…

قديما ، قامت الدولة الإسلامية بقيادة الرسول عليه الصلاة والسلام متعددة الاعراق والديانات والأصول…

فقام اليهود باثارة الفتنة بين الاوس والخزرج فأطفأها رسول الله وتحدث إليهم عن محاسن اجتماعهم ومساوئ اقتتالهم حتى بكوا جميعا وتعانقوا…وانتهت اعراض الفتنة.

ثم أحدث عبدالله بن أبي بن سلول فتنة بين المهاجرين والانصار فعالجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديثه مع كبارهم من جهة… واشغال عامتهم بما يصلح دنياهم ودينهم ويبعدهم عن الفتنة … فاختفت اعراضها أيضا.

في الحالتين، تعاملت الدولة الإسلامية مع اصل الخلاف، وليس مع أعراضه، فعالجة المرض وعندها فقط اختفت اعراض المرض…

ما لم نتناول اصل المشكلة بين الأردنيين والفلسطينيين أو ان شئتم ، بين الأردنيين من أصل فلسطيني والاردنيين من شرق الأردن فلن تذهب وتختفي اعراض هذه المشكلة التي نراها في الرياضة، وفي التحديث السياسي، والإصلاح الاقتصادي والإداري، والانتخابات وغيرها…

يوم فتح مكة كان سعد بن عبادة يقود جيش الأنصار… وكان الزبير بن العوام يقود جيش المهاجرين… وكان الرسول عليه الصلاة والسلام في كتيبته الخضراء من مهاجرين وانصار… ولم ينكر الرسول عليهم جيشاً لكل فئة من المهاجرين والانصار ، بل شجعهم على الفخر باصولهم في ظل جيش الدولة،

دروس التاريخ كثيرة، فهل سنتعظ ونحافظ على قوة الأردن بتنوعه، وتعدديته،… ام سنعلن الاحكام المعرفية؟؟؟