اللواء المتقاعد/ عوده ارشيد شديفات
تنشغل الدول كثيرا ً عند نشوب الحروب البينية ، و يتم توجيه القوات المسلحة و الأجهزة الأمنية و كل قوى الدولة للتعامل مع الحرب أيا ً كانت ، و تتحول كل الاهتمامات في الدولة تجاه هذه الحرب ، و توجه كل إمكانيات الدولة المادية و البشرية و المعنوية لدعم الحرب، مما يشكل فرصا ً ذهبية للجماعات المتطرفة و الارهابية لتعزيز قدراتها و استثمار مخرجات الحرب و تبعاتها، وهذا يعطيها نوعا ً ما قبولا ً في بعض الأحيان توهم من خلاله الآخرين بأنها في صف الدولة و حريصة على أمنها و أمان مواطنيها ، و لكن الذي يجري في الخفاء مغاير تماما ً لعواطفها الجياشة و تباكي اتباعها و أعضائها على أمن أهلها ، فكلما سنحت الفرصة انقلبت هذه الجماعات كيدا ً و مكرا ً و إرهابا ً و نفثت سمومها في كل الاتجاهات و الشواهد كثيرة و في مختلف قارات العالم من أفغانستان إلى إيران و العراق و سوريا و اليمن و القارة الافريقية و الكثير من الدول التي تشهد المزيد من الانقلابات و الحروب و التفجيرات بين الحين و الآخر ، مما يعطي الجماعات الارهابية الوقت المناسب و الظروف المواتية التي تستثمرها لمزيد من بناء قدراتها و التغلغل بشكل أكبر في المجتمعات لنشر أفكارها و ايديولوجياتها ،و تنفيذ أجندتها في تأجيج الصراع و خلق مزيد من الحروب ضد البشر ، و هذه الجماعات أكبر مصادر تمويلها هي تجارة المخدرات و تجارة البشر و استغلال البطالة و العوز و الجوع و الحرمان لنشر مزيد من الادمان و عدم المبالاة ،و هذا يسهل عليها تجنيد المزيد من الشباب لنشر الفكر المتطرف، مما يجعل العالم برمته أهدافا ً مشروعة لهذه الجماعات التي لا دين و لا وطن و لاهوية تردعها عن الغلو و التطرف و التكفير ، فهمها الوحيد نشر الفوضى و تقويض الأمن و هي تستثمر أيضا ً و بشكل ملفت مخيمات اللجوء في الدول التي تتنامى فيها الحروب و الانقلابات في بقاع شتى من العالم.
هذه الجماعات و في ظل الصراعات الدائرة في العالم، ستهدد الأمن الشامل من خلال معرفتها الآن بأبرز الحروب التي يعيشها العالم و التي قدمت لها على طبق من ذهب ،فمن سيمنعها عن خلق حروب الطاقة و الغذاء و المعلومات و الاعلام و الأمن السيبراني، و المياه و المسيرات و غيرها الكثير من الحروب التخريبية التي قد تشغل العالم و تخوضها هذه الجماعات من اوكارها المنتشرة في كل الأرجاء دون الحاجة للدبابات و البنادق و الطائرات و المتفجرات.
العالم أمام تحديات جسام و على الدول و المنظمات أن تأخذ بحسابها أن مزيدا ً من الحروب بينها سيخلق المزيد من هذه الجماعات التي ستتغذى على مصائب الآخرين .
