الأردن يستعد للمصادقة على اتفاقية دولية تكافح التحرش والعنف في بيئة العمل

9 أكتوبر 2022
الأردن يستعد للمصادقة على اتفاقية دولية تكافح التحرش والعنف في بيئة العمل

وطنا اليوم:يستعد الأردن خلال الأيام القليلة القادمة للمصادقة على الاتفاقية الدولية رقم 190، المتعلقة بـ«القضاء على التحرش والعنف في بيئة العمل»، ليكون أول دولة عربية تصادق عليها رسمياً بعد ثلاث سنوات على تبني منظمة العمل الدولية لها.
ووضعت منظمة العمل الدولية معايير عالميّة جديدة تهدف إلى إنهاء العنف والتحرش في عالم العمل، وتعترف الاتفاقية 190 بالحق الأساسي في عالم خالٍ من العنف والتحرش القائم على النوع الاجتماعي.
وشرعت وزارة العمل بإجراءات المصادقة على اتفاقية 190، ليصبح عدد الاتفاقيات التي تبنتها منظمة العمل الدولية وصادق عليها الأردن 27 اتفاقية.
وعرضت الاتفاقية على اللجنة الثلاثية لشؤون العمل في اجتماع عقد نهاية حزيران الماضي وبحضور أطراف الإنتاج الثلاثة التي قررت أن تسير الوزارة بإجراءات المصادقة عليها.
وبيّنت الوزارة أنها بصدد إنهاء الإجراءات المتعلقة بالاتفاقية لغايات عرضها على مجلس الوزراء للموافقة عليها، مشيرة الى أنه سنداً لأحكام المادة 33 من الدستور التي تنص على «المعاهدات والاتفاقيات التي يترتب عليها تحميل خزانة الدولة شيئاً من النفقات أو مساس فـي حقوق الأردنيين العامة أو الخاصة لا تكون نافذة إلا إذا وافق عليها مجلس الأمة».
وبناء عليه، وحسب ما ورد في الاتفاقية من أحكام فلا يلزم عرضها على مجلس الأمة وإنما نشرها في الجريدة الرسمية بعد الموافقة على المصادقة.
ومع أن الاتفاقية تهدف إلى الحد من العنف والتحرش في بيئة العمل لجميع العاملين والعاملات، إلا أنها تعزز من وضع المرأة بخاصة وتحميها بصفتها أكثر فئات العاملين تعرضا للعنف وللتحرش.
وأكدت الأمينة العامة للجنة الوطنية لشؤون المرأة مها العلي، أن هذه الاتفاقية تنسجم وتتفق مع نهج الدولة الأردنية ومسعاها في اتخاذ خطوات في الاتجاه الصحيح لحماية حقوق مواطنيها وصونها.
كما تنسجم، وفق علي، مع مبادئ الدستور الذي ينص على: «تكفل الدولة تمكين المرأة ودعمها للقيام بدور فاعل في بناء المجتمع بما يضمن تكافؤ الفرص على أساس العدل والإنصاف وحمايتها من جميع أشكال العنف والتمييز»، وكذلك القوانين الوطنية وبخاصة قانون العمل، وقانون العقوبات، الذي يجرّم جميع أشكال التحرش ويعاقب على هذا الفعل وفق المواد 305 و306 و320.
وأكدت العلي أن اللجنة توصي بالمصادقة على الاتفاقية التي تؤكد على حق العمال والعاملات في بيئة خالية من ظواهر العنف والتحرش والتنمر في عالم العمل وتوفير حماية واسعة تنطبق على العاملين في القطاعين العام والخاص، والاقتصاد المنظم وغير المنظم في جميع المحافظات، وتعزيز مفهوم العمل اللائق وكرامة المرأة والرجل معا.
مفوضة الحماية بالوكالة في المركز الوطني لحقوق الانسان الدكتورة نهلا المومني، أشارت إلى أن الدستور الأردني كفل حماية المرأة من العنف، بموجب المادة السادسة منه التي أضيفت إليها فقرة جديدة بموجب التعديلات الدستورية عام 2021.
وأما على صعيد المعايير الدولية لحقوق الإنسان، فتشير إلى أن الأردن قد صادق على اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة.
وتفصل المومني بالقول: «كما نعلم أن التمييز يعد شكلاً من أشكال العنف، كما أقرت الأمم المتحدة إعلان القضاء على العنف ضد المرأة، وكذلك وضعت منظمة العمل الدولية الاتفاقية رقم ١٩٠ بشأن العنف والتحرش في العمل التي تهدف إلى القضاء على هذه الأفعال ووضع حد لها في نطاق العمل، والتي نأمل أن يصادق عليها الاردن قريباً».
وتلفت المومني إلى إقرار عدة سياسات للحد من العنف، منها صدور قرار مجلس الوزراء عام 2021 بالموافقة على الخطة التنفيذية لمصفوفة الأولويات الوطنية لتعزيز منظومة الحماية من العنف المبني على النوع الاجتماعي والعنف الأُسري وحماية الطفل للأعوام (2021-2023)، والتي تهدف إلى تعزيز منظومة حماية الأسرة والحد من العنف الأسري.
وتؤكد أنه بالرغم من هذه التطورات، إلا أننا ما نزال نحتاج إلى مراجعة المنظومة التشريعية بما يضمن تغليظ العقوبة في حالات العنف الواقعة على المرأة ووضع نصوص قانونية خاصة بحالات العنف الواقعة على النساء، وإضافة تعريف وتجريم التحرش الجنسي في قانون العقوبات وفي قانون العمل أيضاً.
ومع أن مشكلة العنف ضد المرأة لها أبعاد اجتماعية وثقافية، تركز المومني على أهمية العمل على رفع الوعي المجتمعي حيال ماهيّة العنف وآليات الحماية منه وتعزيز أطر ومنظومة الاستجابة لحالات العنف من قبل القطاعات كافة ذات العلاقة، وبناء نظام شكاوى فعال فيما يتعلق بالعنف الواقع على المرأة بمختلف أشكاله سواء وقع في نطاق الأسرة أو العمل أو أي نطاق آخر.
مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية أحمد عوض يؤشر إلى أن أي اتفاقية دولية لها علاقة بالعمل هي تمثل ما وصل إليه التفكير الإنساني ومعايير العمل الدولية، وبالتالي نشجع الحكومات على المصادقة على الاتفاقيات التي تشكل دليلا لتحسين وتطوير تشريعات العمل.
ويشدد عوض على أهمية هذه الاتفاقية؛ لأن العنف والتحرش هما من أبرز الأسباب التي تحول دون انخراط المرأة في سوق العمل، حيث لا يتم الاعتراف بهذ المشكلة رغم وجودها.
ويأمل عوض بالمصادقة على هذه الاتفاقية وانعكاس ذلك على قانوني العمل والعقوبات، بحيث يتم إجراء التعديلات المناسبة التي تعكس مضامين الاتفاقية، وعلى الحكومة المصادقة عليها ونشرها في الجريدة الرسمية، وكذلك إجراء تعديلات على التشريعات من روح الاتفاقية، وتطبيق بنودها على أرض الواقع