تصريحات لابيد بشأن دولة فلسطينية تثير انتقادات الفلسطينيين وغضب اليمين الإسرائيلي

23 سبتمبر 2022
تصريحات لابيد بشأن دولة فلسطينية تثير انتقادات الفلسطينيين وغضب اليمين الإسرائيلي

وطنا اليوم –  أثار رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد حنق اليمين الإسرائيلي وتشكيكا بين النخبة السياسية الفلسطينية عندما أكد تأييده إقامة دولة فلسطينية “مسالمة”، ولو من دون اقتراح استراتيجية لإعادة إطلاق عملية السلام.

وفي خطابه الأول، وربما الوحيد أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، حضّ لابيد المجتمع الدولي على اتخاذ موقف صارم تجاه إيران، وهو موقف يشاركه فيه جميع القادة الإسرائيليين تقريبا في السنوات الأخيرة، لكنه أعاد تأكيد دعمه لإقامة دولة فلسطينية، وهو موقف يواجه تعقيدات.

وقال لابيد في خضم حملة الانتخابات التشريعية المقررة في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر، إنه على الرغم من وجود “عوائق”، إلا أن إبرام “اتفاق مع الفلسطينيين يقوم على حل دولتين لشعبين هو الخيار الصائب لأمن إسرائيل واقتصادها ولمستقبل أولادنا”.

وتابع إن “غالبية كبيرة” من الإسرائيليين تدعم حل الدولتين، و”أنا واحد منهم”.

لكنه لم يدعُ إلى إجراء محادثات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (87 عاما) ولم يتحدث عن خطة سلام.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي “لدينا شرط واحد: أن تكون الدولة الفلسطينية الموعودة مسالمة”.

ووصف الرئيس الأميركي جو بايدن الذي زار إسرائيل والأراضي الفلسطينية بعد توليه السلطة، هذه التصريحات بأنها “شجاعة”.

وأكد بايدن دعمه “حل الدولتين”، فلسطين قابلة للحياة إلى جانب إسرائيل.

واتهم زعيم المعارضة الإسرائيلية رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، زعيم حزب الليكود اليميني، خصمه السياسي لبيد بإعادة “الفلسطينيين إلى مركز الساحة الدولية وإعادة إسرائيل إلى الحفرة الفلسطينية”.

وقال “اليوم يريد (لابيد) أن يمنح الفلسطينيين دولة إرهابية في قلب إسرائيل، وهذه الدولة ستهددنا. لكن دعني أخبرك سيد لابيد، شركائي وأنا لن نسمح لكم بذلك”.

وانتقدت شخصيات يمينية أخرى بمن فيها رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت المتحالف مع لابيد، هذه التصريحات.

وتحتل إسرائيل القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلة حيث يعيش ما يقرب من 700000 مستوطن إسرائيلي إلى جانب الفلسطينيين، منذ العام 1967، ما يجعل مشروع إقامة دولة فلسطينية صعب المنال إلى حدّ بعيد.

استطلاعات الرأي

وستشهد إسرائيل التي تمرّ بأزمة سياسية، انتخابات تشريعية هي الخامسة في أقل من أربع سنوات في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر.

ويسعى بنيامين نتنياهو الذي أُجبر على التنحي عن السلطة العام الماضي لصالح تحالف متنوع بقيادة لابيد الوسطي، تحفيز اليمين من أجل العودة إلى رئاسة الحكومة.

ويتقدّم الليكود، بحسب استطلاعات الرأي، على الأحزاب الأخرى. وهناك مؤشرات على إمكانية حصوله على الأغلبية مع حلفائه من الأحزاب المتدينة واليمينية المتطرفة.

وتحتل مجموعة يائير لابيد الوسطية “يش عتيد” (يوجد مستقبل) المرتبة الثانية، وتعتمد أكثر على دعم اليسار والعرب المنتخبين ويمين الوسط، من أجل محاولة البقاء في السلطة.

ولم يخفِ لابيد يوما دعمه لحل الدولتين. وبهذا، يمكن لخطابه الذي ألقاه في الأمم المتحدة أن يعزّز شعبيته بين “ذوي الميول اليسارية” الذين يفكرون في الانتقال إلى الوسط، وفق ما ترى داليا شيندلين المتخصصة بالعلوم السياسية واستطلاعات الرأي لوكالة فرانس برس.

وتضيف “بعيدا عن مسألة استطلاعات الرأي، يعطيه هذا الخطاب صورة جيدة لأنه يتخذ أخيرا موقفا واضحا وشجاعا وصريحا”، مشيرة إلى أن “إحدى نقاط ضعفه الكبرى كانت أن مواقفه غامضة أو فارغة من وجهة نظر أيديولوجية”.

محمود عباس

بالنسبة إلى النائب سامي أبو شحادة من فلسطينيي 1948 والمقرب من الطبقة السياسية الفلسطينية، فإن خطاب يائير لابيد في الأمم المتحدة يثير العديد من التساؤلات. وكتب في سلسلة منشورات في حساباته عبر منصات التواصل الاجتماعي “هل ستصادق الحكومة الإسرائيلية على حل الدولتين؟ لم تفعل أي حكومة إسرائيلية ذلك من قبل (…) ماذا سيكون وضع القدس؟ (…) هل ستقبل أن تكون عاصمة فلسطين.. القدس الشرقية”.

وأكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمام الأمم المتحدة الجمعة بأن إسرائيل تعرقل عمدا التقدّم باتجاه التوصل إلى حل الدولتين ولم يعد من الممكن اعتبارها شريكا يمكن الوثوق به في عملية السلام.

وقال “بالأمس، استمعت إلى ما قاله الرئيس الأميركي جو بايدن، ورئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، وغيرهما من قادة العالم بشأن الموقف المؤيد لحل الدولتين، وهذا أمر إيجابي”، مضيفا “الاختبار الحقيقي لجدية ومصداقية هذا الموقف هو جلوس الحكومة الإسرائيلية إلى طاولة المفاوضات فورا لتنفيذ حل الدولتين على أساس قرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة، ومبادرة السلام العربية، ووقف كل الإجراءات الأحادية الجانب التي تقوض حل الدولتين”.

وأضاف “إسرائيل التي تتنكّر لقرارات الشرعية الدولية قرّرت ألا تكون شريكا لنا في عملية السلام”.

وأكد “أننا لا نقبل أن نبقى الطرف الوحيد الذي يلتزم باتفاقات وقعناها مع إسرائيل عام 1993، اتفاقات لم تعد قائمة على أرض الواقع، بسبب خرق إسرائيل المستمر لها”.

وقال قتيبة حمدان، من سكان رام الله حيث مقرّ السلطة الوطنية الفلسطينية “أنا كفلسطيني أرى أن خطاب لابيد في الأمم المتحدة لم يقدم شيئا للفلسطينيين، هو لم يتحدث عن الاستيطان الذي يستنزف الأراضي الفلسطينية، لم يتحدث عن جرائم الاحتلال في الضفة، لم يتحدث عن كثير من الأمور. هو تحدث أمام مجلس يعترف للفلسطينيين بدولتهم. إذن هي شعارات فقط”.

وقال صبحي الخزندار، من أبناء غزة “أعرب لابيد عن أمله ونيته في إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح على حدود الدولة الإسرائيلية. لكنه في النهاية متأكد من أنه رئيس وزراء مؤقت. مدى جدية حديثه ومدى قوة كلامه وتأثيره على الجانب الإسرائيلي، لا قيمة له في الوضع الحالي”.

أ ف ب