ماذا تكتم المخابرات؟

20 أغسطس 2022
ماذا تكتم المخابرات؟

المحامي عبد الكريم الكيلانيعلى النقطة الحدودية الاردنية السورية ، استدعاني ضابط الامن الاردني ، و سألني مستوصحا عن رزمة  من الكتب ، تشعر عناوينها بمادة سياسية ( حزب البحر ، حزب الامام النووي  ، وهكذا ) فاجبته انها كتب اذكار و ادعية، وسميت احزابا للدلالة على الاعتصام بالله، و التقوي بذكره  على الطاعة

اذن لي الضابط بالمغادرة مع احزابي، على ان اراجع دائرة المخابرات في موعد محدد .و بالفعل التقيت جنرالا امنيا ، وكان اللقاء ابعد ما يكون عن التحقيق ، واقرب ما يكون الى حوار  حول مسائل من المتفق عليه و المختلف عليه .

القناعة التي تشكلت  لدي عن طبيعة الدائرة ، ان ما تكتمه الدائرة من معلومات اكبر بكثير مما يطفو على السطح  .

وان امكانياتها في تقصي المعلومات ، تجاوزت ومنذ امد بعيد ، دور الاخبار، فالمعلومة التي  ترد يتم تحليلها وربط خيوطها ، وصولا الى التوصية الامنية المبنية على مصادر متعددة وحتى لا يكون المقال انطباعات شخصية  ساسرد شاهدا لم يعد مكتوما  من ارشيف العمل الاستخباري الاردني

في ستينيات القرن الماضي انطلقت المظاهرات الصاخبة في السموع ، تدعو الجيش الاردني للتدخل العسكري ، ضد عدوان اسرائيلي غاشم ، تسبب في استشهاد عدد من ابناء البلدة الابر ياء .

المظاهرات كانت تزداد حدة وترتفع وتيرة ، وسببت قلقا لدى الحكومة الاردنية ، فالصمت عن مجرزة الاحتلال يزيد الجموع غليانا ، و الاشتباك مع المحتل من شانه ان يخرق هدنة غير معلنه، و يقحم الجيش في معركة محسومة العواقب .

الامر الذي استدعى تحقيقا استخباريا سريا حول الدوافع و الظروف التي تقحم الجيش في خوض حرب بتوقيت غير ملائم لا من حيث الامكانيات ولا الاستعداد و لا الجاهزيةو مآلات الامور.

فماذا كشف التحقيق الاستخباري ؟

لقد تبين للمحققين السريين ، ان من يقف وراء هذا التهييج للشارع عدد من المخاتير ، الذين اجتمعوا سرا ، بدبلوماسي اجنبي  ، يقيم على الارض الاردنية في الضفة الغربية ، و قد تلقى هؤلاء المخاتير مبالغ مالية ، من الدبلوماسي الاجنبي  ، لكي يقوموا بتهييج الشارع و اجبار الدولة على خوض معركة مع الاحتلال تحت ضغط الشارع المتصاعد .

رفعت التقارير الاستخبارية الموثقة الى المرجعيات العليا في الدولة .

وكان الرد الملائم ، بطرد الدبلوماسي الأجنبي ، ومنحه مهلة قصيرة لحزم امتعته و العودة من حيث جاء .

لقد عرضت في مقالات سابقة، ان هناك حقائق على الأرض تدركها الأجهزة الامنية ،قد لا يسمح الظرف المعاصر بالكشف عنها و لكن حتما ستكشفها الأيام ، معززة بالو ثائق التي تبرهن على الدوام ان الاجهزة الامنية تعمل ونصب اعينها الاستخبارية ، اولوية قصوى ، المحافظة على الاوطان  .

ان منعة النطام الامني الاردني ، لم تات من فراغ ، او مواقف ضبابية ، لكنها منعة كانت على الدوام ، تستمد قوتها من عقيدة راسخة ، في الحفاظ على الاوطان ، ثم كتمان امني عالي السرية ، و هذا الوطن محروس ، بامر ربه ، ثم دأب رجال مخلصين احتملوا الكثير  ،فالشواهد على كفاءة العمل الامني لا تحصى و لاتعد ،  ستذكرها اجيال لا تنسى اذى العدو ، و يتوارثها سدنة مخلصون لبيت المقدس واكناف بيت المقدس يصونون مكانته في القلوب جيلا فجيلا