الشمايلة يكتب: العقل وليس النقل هو قطار الإسلام

20 أغسطس 2022
الشمايلة يكتب: العقل وليس النقل هو قطار الإسلام

أ.د. عادل يعقوب الشمايلة

“وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا” الاسراء ٣٦.
هذه آية العقل في القرآن. هذه هي decision making rule اي آلية اتخاذ القرارات من قبل رجل الدولة والقائد العسكري والباحث الاكاديمي ورب الاسرة ومجلس إدارة الشركات وكل مُتخذ قرارات.
التثبت والتأكد بالحصول على المعلومات أولا ثم تحليلها وتقييمها ووزنها واختيار البديل الأفضل من بين البدائل المتاحة والممكنة يجب أن يسبق اتخاذ القرار والتنفيذ.
“لا تقف” أي لا تتبع، لا تصدق، لا تُسَلِمْ وبالتالي لا تقم بأي عمل الا بعد التثبت.
وسائل التثبت حسب الآية القرآنية هي أولا : السمع، ثانيا الابصار والمشاهدة. ولكن السمع والابصار مقيدان بالعقل. لأن كلمة فؤاد في القرآن تعني العقل.
باختصار: عليك أن تقيس قبل ما تغيص. أي ابحث واجمع المعلومات إما بالاستفسار من الناس واهل الخبرة والاختصاص والعلم، وإما أو بالإضافة، الى التأكد بالمشاهدة، أي الوقوف على واقع الحال. أي لا تركن للاستفسار واراء الناس اذا كان بإمكانك ان تتأكد وترى بعينك.
السمع والبصر هما وسيلتان من وسائل جمع المعلومات ولكنهما ليستا مخولتان بتفسير المعلومات واستخلاص النتائج واتخاذ القرارات.
اذا القرآن يعلمنا بأن التفسير والتحليل critical thinking هي وظيفة العقل بلا منازع ولا منافس.
ويعلمنا القرآن ان السمع والبصر والعقل عرضة للمساءلة وللمحاسبة. أي لا يكفي ان تقول سمعت او رأيت او هيك فكرت.
السماع العَرضي او المشاهدة الزائغة أي التي لا تدقق يعطيان معلومات غير دقيقة ومضللة مما قد يؤدي الى اسوأ النتائج. ولذلك يقع على العقل مسؤولية تقييم ووزن ما يصله من معلومات عن طريق السمع والبصر.
لقد حذرت زرقاء اليمامة قومها من الغزاة الذين رأتهم ببصرها الحاد. الا أن قومها لم يشاهدوا ما شاهدت بنفس الدقة، ولم يقبلوا بتقييمها لدرجة المخاطر، وقيموا هم بأنفسهم بناءً على المعلومات القاصرة التي قدمتها اعينهم.
هذا ما وقع فيه جمال عبدالناصر في حرب ١٩٦٧ اذ لم يصدق التحذيرات التي وصلته ومن ضمنها التحذيرات الاستخبارية الأردنية. ولم يقيمها التقييم العقلاني الصحيح.
وهذا ما وقعت به إسرائيل أيضا في حرب ١٩٧٣. ووقعت به أمريكا قبيل تفجيرات نيويورك.
وظيفة الجواسيس ودوائر المخابرات والاستخبارات وقوات الرصد على الحدود واقسام الرصد الإعلامي في أجهزة الاعلام الرسمي ومراكز البحث و الثنك تانكز. جميعها تتركز أساسا على السمع والنظر، أما التحليل واتخاذ القرارات فهي مسؤولية الإدارة والقيادة أي العقل المركزي. وقد أصبحت هذه الالية متبعة في الشركات الكبرى ومراكز الأبحاث والتطوير.
أخيرا، هذا هو موقف القرآن. هذا امر الله. ولأن الامة اهملت، أو لم تفهم امر الله، أو لأن جماعة العلم النقلي الذين حاربوا الله بحربهم للعقل وتسليمهم المطلق للأقوال غير المثبتة وغير القابلة للإثبات فقد وصلت الى ما هي عليه من هوان وتخلف وجهل وتبعية وانعدام الامن والاستقرار.
نص هذا الآية نقطة مركزية في القرآن وفي الإسلام وهي ملزمة وهي ضمانة السير على الطريق المستقيم المؤدي وحده للجنة في الاخرة والتقدم والتفوق والامن في الدنيا. والإسلام لا شيء سوى الصراط المستقيم.
هذه الآية تؤكدها آية أُخرى: “يَٰدَاوُۥدُ إِنَّا جَعَلْنَٰكَ خَلِيفَةً فِى ٱلْأَرْضِ فَٱحْكُم بَيْنَ ٱلنَّاسِ بِٱلْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ ٱلْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ ۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌۢ بِمَا نَسُواْ يَوْمَ ٱلْحِسَابِ”. سورة ص آيه ٢٦.