مزارعون في وادي الأردن: القطاع في وضع “حرج”

9 ديسمبر 2020
مزارعون في وادي الأردن: القطاع في وضع “حرج”

وطنا اليوم:رغم المعاناة المزمنة التي يعيشها القطاع الزراعي في وادي الأردن منذ عقود، غير أن الموسم الزراعي الحالي يعد الأسوأ خلال الأعوام الـ10 الأخيرة، وفق مزارعين، موضحين أن استمرار تدني أسعار بيع المنتوجات منذ ما يزيد على الشهر بأقل من الكلفة ينذر بانتكاسة جديدة.
ويرى عدد من المزارعين أن استمرار هذه الأوضاع خلال الفترة المقبلة سيكبدهم خسائر فادحة قد يعجز معظمهم عن تجاوز آثارها، لافتين إلى أن انهيار أسعار بيع المنتوجات الزراعية في الوادي إلى ما دون الكلف، سيراكم عليهم ديونا جديدة، ما يجعل من مواصلتهم العمل بالقطاع ضربا من الجنون.
ويصف المزارع سعد النعيمات، وضع القطاع الزراعي بـ”الحرج”، عازيا ذلك إلى أن الأسعار الحالية لا تكفي ثمنا للعبوات وأجور النقل فقط، فيما يضطر المزارع لتحمل كلف القطاف ورسوم الأسواق وعمولة تجار الكمسيون، ما سيضطره عاجلا أو آجلا إلى التوقف عن جني المحصول لتقليل الخسائر.
التحدي الأكبر، كما يرى النعيمات، أن استمرار الأوضاع الحالية سيحول دون تمكنهم من الوفاء بالتزاماتهم للشركات الزراعية التي مولت كلف زراعة أراضيهم، الأمر الذي قد يضعهم في مواجهة السجن أو بيع ممتلكاتهم لسداد الديون، مضيفا أنه يزرع أرضه منذ عقود، إلا أنه لم يشعر بالضيق سوى في هذا الموسم، رغم أنه في بدايته؛ إذ إنه بات عاجزا عن دفع أجور العمال وشراء الأسمدة والمبيدات للحفاظ على المحصول.
ويؤكد عبدالكريم الشهاب أنه لا يوجد أي توجه أو خطط منتظمة للخروج بالقطاع من أزمته المستمرة منذ أعوام، ومن الواجب اتخاذ إجراءات عاجلة وسريعة لإنقاذ المزارع، مشددا على ضرورة تحديد سعر البيع بالحد الأدنى لحماية المزارع من الخسارة كخطوة أولى للبدء بمعالجة المشاكل.
ويضيف “لا يجوز أن تبقى الحكومة في موقف المتفرج، بل عليها التدخل لإيجاد الحلول اللازمة للخروج من الأزمة بدءا من إيجاد تشريعات ناظمة لإدارة القطاع وفرض النمط الزراعي، خاصة وأن لدينا عجزا في بعض المحاصيل كالبصل والثوم والحبوب”، مبينا أنه لا يمكن للمزارع وحده العمل على النهوض بالقطاع الزراعي في ظل وجود الكثير من التحديات، خاصة فيما يتعلق بالتسويق.
ويرى المزارع وليد الفقير، أن تدني أسعار البيع إلى مستويات مفزعة في ظل ارتفاع كلف الإنتاج يشكل ضربة قاصمة للمزارعين، لافتا إلى أن المزارع مجبر على الاختيار بين أمرين أحلاهما مر، إما الاستمرار بقطف المحصول وتوريده للسوق وتحمل الخسائر على أمل أن تتحسن الأوضاع أو التوقف للحد من تكبد خسائر إضافية، وفي كلتا الحالتين يبقى هو الخاسر الوحيد.
ويبين تاجر المواد الزراعية نواش العايد، أن جميع محال المواد الزراعية تتحمل عبء الكلف التشغيلية من أجور عقارات وعمال من جيبها الخاص، لافتا إلى أن عمليات البيع شبه متوقفة، لعدم وجود سيولة لدى المزارع، فيما لا يستطيعون هم المجازفة بتزويدهم بالمستلزمات بالدَّين، موضحا أن القطاع الزراعي مكون من سلسلة تعتمد كل حلقة منها على الأخرى، وأي ضرر يلحق بإحداها يؤثر على بقية الحلقات التي تضررت جميعها إلى الآن.
ويقول رئيس اتحاد مزارعي وادي الأردن عدنان الخدام “إن تراجع القطاع الزراعي في وادي الأردن، بشكل خاص، مرده الرئيسي إلى عدم وجود خطط واستراتيجيات واضحة للنهوض به، وعدم جدية الحكومات المتعاقبة لوضع الخطط والدراسات اللازمة لذلك، ما جعل من المزارع الضحية والحلقة الأضعف بين حلقات الإنتاج الزراعي”، مشيرا إلى أن الموسم الحالي هو أسوأ موسم يشهده وادي الأردن منذ عشرات الأعوام.
ويوضح أن ما يجري حاليا في الأسواق المركزية هو جريمة بحق المزارع الذي أفنى عمره في العمل والإنتاج، متسائلا لماذا تقوم الحكومة بوضع سقوف سعرية عند ارتفاع أسعار الخضار ولا تضع حدودا دنيا للبيع لحماية المزارع من الخسارة؟.
ويشير إلى أن الخسائر الكبيرة لم تقتصر على المزارع فقط، إنما طالت جميع أطراف القطاع الزراعي، بدءا من التاجر إلى المصدر، وتاجر المواد الزراعية، والشركات الزراعية والمصانع وقطاع النقل، إضافة إلى الانعكاسات الخطيرة على العمالة الزراعية الأردنية.
وبدوره، أكد مدير سوق العارضة المركزي المهندس أحمد الختالين، أن آمال المزارعين بالحصول على أسعار أفضل مع هذا التراجع لم تفلح بسبب انعدام التصدير إلى الأسواق الخارجية وتراجع القدرة الشرائية محليا بسبب تداعيات جائحة كورونا، مبينا أننا لم نعهد استمرار تدني الأسعار في السوق لمدة تزيد على شهر.
ويلفت إلى أن الموسم ما يزال في بدايته والكميات الحالية لا تعبر عن حجم الإنتاج الحقيقي والمتوقع أن يرتفع بشكل مضاعف بداية العام، ما يضع المزارعين في مأزق حقيقي، إما المجازفة بالاستمرار في توريد إنتاجهم للأسواق المركزية رغم الخسائر التي يتكبدونها على أمل أن تتحسن الأوضاع أو إنهاء الموسم والتوقف عن الإنتاج، وفي كلتا الحالتين سيكون الوضع كارثيا لهم.
وينوه إلى أن ما يقارب من 90 % من واردات السوق حاليا هي من محصول الخيار، الذي كان خلال المواسم الماضية يصدر إلى الدول الأوروبية عبر تجار عرب 48، إلا أن تداعيات جائحة كورونا حرمت المزارعين من المنفذ الوحيد المتاح أمام منتوجاتهم.
ويشير إلى أنه ورغم تدني الكميات الواردة إلى السوق والتي تتراوح ما بين 200 و250 طنا يوميا، إلا أن أسعار البيع ما تزال متدنية؛ اذ يتراوح سعر بيع صندوق الخيار 10 كغم ما بين 70 قرشا ودينار، والباذنجان ما بين نصف دينار وثمانين قرشا للصندوق، والكوسا ما بين 1 و2 دينار، والفلفل ما بين 1 و1.5 دينار.
يذكر أن القطاع الزراعي يعاني تحديات جسيمة أثقلت كاهل المزارعين وأرهقتهم منها المناخية والسياسية، إضافة الى الاختناقات التسويقية وارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج وارتفاع أجور العمالة والمياه والكهرباء.