الحرب الباردة العربية الإيرانية

11 يوليو 2022
الحرب الباردة العربية الإيرانية

محمود أو هلال
يغيب الحديث ويعود حول تحالف أمريكي إيراني، وذلك حسب درجة التسخين التي تضبط حرارتها أمريكا بدقة من خلالها مباشرة أو من خلال حلفائها، لدرجة أصبح الأمر مستهلكا، مما يجعلنا نتردد كثيرا قبل أن نكتب بذاك الاتجاه، لتكرار ذات التكهنات والتأويلات التي تصب باتجاه مفاده: أن أمريكا تتحالف مع إيران ضد العرب، متعللين بالتسلسل الزمني للأحداث ابتداء من التعاون بين أمريكا وإيران في الحرب على أفغانستان والعراق، وما حدث في سوريا، وكيف أن أمريكا تركت إيران تدعم النظام السوري بأريحية تامة وكذلك في اليمن من خلال الحوثيين!، وعمليات المد والجزر إزاء الاتفاق النووي.
كل هذا قد يجعل مسألة الكتابة أو إبداء الرأي باتجاه آخر مجرد صفاقة، ولكن فى لا بأس من بعضها.. فسيان حين تختلط الأمور.
الصداقات تُبنى على توافق المصالح، ويُبنى التعاون أو التحالف المرحلي على تقاطع المصالح والتقائها في نقطة أو نقاط لتحقيق هدف أو أهداف ما. فيما التحالف الاستراتيجي يقوم على الشراكة الكاملة لحماية المصالح والأهداف الواحدة آنية وبعيدة المدى.
فلو سلمنا بأن ما بين أمريكا والعرب هي مجرد صداقات بنيت على توافق المصالح وأن أمريكا من الممكن أن تعيد حساباتها وفق لمصالحها وتقلب ظهر المجن للعرب فإنه من غير المنطقي أن تنقلب أمريكا على “إسرائيل” حليفها الاستراتيجي وتقوم بتسليم المنطقة لإيران أو للعرب، مما يجعل أمنها أي “إسرائيل” مهددا!.
ووفق هذا المنظور قد نكون مخطئين حين نقول أن ما بين أمريكا وإيران تحالف استراتيجي والأصح هو تعاون أو تحالف مرحلي وآني والتقاء مصالح وليس أكثر من ذلك.
فلم يكن بإمكان الولايات المتحدة أن تخوض حربا في أفغانستان دون تعاون أو تحالف مرحلي مع إيران، ذات الشيء كان في الحرب على العراق فكان تعاون مرحلي أيضا.
إيران مستهدفة من أمريكا و”إسرائيل” كما العرب تماما، فبعد انتهاء حرب الخليج الأولى بين إيران والعراق تم رصد تطور تكنولوجي وتقدم في البنية التسليحية لدى البلدين المتحاربين وقد يشكل خطرا على أمن “إسرائيل” مما جعل القضاء على القوتين مطلب لتحقيق الأهداف الإستراتيجية التي يشرف عليها اليمين المتصهين في الولايات المتحدة بالشراكة مع “إسرائيل”.
في الحرب على العراق التقت المصالح بين أمريكا وإيران ولكن بقي العداء، فكان التحالف وما تلاه من تحالفات مرحلي وتقاطع مصالح فقط مع بقاء العداء كما هو. ومع دخول المنطقة بما يسمى الربيع العربي وما أحدثه من اقتتال داخلي تضاءلت فكرة الدخول في حلف عربي اسرائيلي لتوجيه ضربة عسكرية لإيران. فكان خيار جر إيران لحرب استنزاف في عدة مناطق في الإقليم أهمها العراق هو أحد الأهداف من جهه، ولإيجاد مسوغ للأنظمة العربية التي تنضوي تحت الراية الأمريكة بدخول في حلف أو علاقة من نوع ما مع “إسرائيل” من جهة أخرى، بعد وأد ما سمي بالربيع العربي طبعا.
بالتوازي أبقت أمريكا سلاح العقوبات والاتفاقات النووية كحالة ابتزاز غب الطلب، وأبقت على الخلايا النائمة غرب إيران وربما وسطها وكذلك عودة “طالبان”، وتركت أقدام إيران تغوص في رمال الاقتتال الطائفي المتحركة، والتي غذتها أنظمة عربية تعمل تحت الراية الأمريكية.
كل المؤشرات تفيد بأن إرهاصات حدث عسكري أو تحرك محدود قادم، الهدف الأساس منه هو خدمة “إسرائيل” وهذا ما عبر عنه بايدن مؤخرا بشكل واضح وجلي.
أختم بأن إيران ذاتها ساهمت بما جرى ويجري حين تركت أحلام القومية والنفوذ والسيطرة على المنطقة تقودها إلى حيث يراد لها فاندفعت نحو مقتلها ومقتلنا.