الأردن ما بعد حادث العقبة : تحقيقات وتداعيات وإقالات في الطريق

29 يونيو 2022
الأردن ما بعد حادث العقبة : تحقيقات وتداعيات وإقالات في الطريق

وطنا اليوم:تمكنت الجهات والسلطات الأردنية المختصة بعد منتصف ليلة الإثنين وحتى فجر الثلاثاء، من السيطرة على نتائج اتجاهات حركة رياح وهواء مخلوطة بالغاز السام بعد حادث سقوط صهريج في مدينة العقبة جنوبي البلاد.
وأعلن وزير الداخلية مازن الفراية، أن العمل في جميع موانئ العقبة باستثناء أحد الأرصفة، وهو على الأرجح الذي حصل عنده الحادث، سيعود اعتباراً من صباح الثلاثاء. وبدا للمراقبين بأن الجهات السيادية الأردنية بذلت على مدار ساعات وبمجرد وقوع الحادث جهداً مضنياً في متابعة اتجاهات الريح وإغاثة مئات المصابين وإجلاء معظمهم عن مدينة العقبة التي عجزت مستشفياتها عن احتواء التداعيات الصحية.

لعودة النشاط

وتم الإعلان في وقت متأخر، مساء الاثنين، عن اتجاه النية لعودة النشاط إلى طبيعته في المدينة واستئناف عمل أرصفة الميناء على أمل تقليل الخسائر التي حظيت بها هذه المدينة جراء الحادث الناتج عن خلل وظيفي في معدات رفع صهريج الغاز السام، وهو من مادة الكلورين، وضمن شحنة تتجه إلى جيبوتي مستوردة لصالح الدولة الإفريقية من شركة الكلورين الأردنية التابعة للشركة العامة للفوسفات.
وبالتالي، الحديث عن حادث لعب فيه القضاء والقدر الدور الأبرز، لكن حجم الضحايا كان كبيراً جداً، واهتمت جميع الأوساط بالسيطرة على الهواء السام، وتم الإعلان فجر الثلاثاء عن نظافة هواء العقبة وعدم وجود مخاطر وإشارات من الهوائيات المبثوثة على أن البيئة أصبحت سليمة.
لكن البيئة هنا أصبحت سليمة بعد وفاة نحو 13 شخصاً أغلبهم من الشباب العاملين في ميناء الحاويات، وبعد إصابة مئات الأردنيين، وجراء انكشاف البنية التحتية الخاصة بمدينة العقبة صحياً، وهي في حالة عجز عن استيعاب مثل هذا الحادث، خصوصاً أن المدن البحرية بعادتها تحصل فيها حوادث من هذا النوع.
ومن المرجح أن عدد القتلى والمصابين كبير بعد التأكد من سلامة الإجراءات واتخاذ تدابير واحترازات فعالة وسريعة جداً برعاية مركز الأزمات الوطني حصرياً.

البحث عن الخلل

ويمكن القول بأن فترة المحاسبة والبحث عن الخلل والتقصير الإداري أو البيروقراطي ستبدأ قريباً، حيث سارع رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة، لتشكيل لجنة تحقيق، واصطحب نخبة من أعضاء الطاقم الوزاري إلى الميدان.
ومن المرجح بسبب وقوع قتلى وضحايا أن تبدأ النيابة في مدينة العقبة بفتح تحقيق قضائي بالتوازي. السفارة الأمريكية في عمان أعلنت تضامنها واستعدادها للمساعدة، وأشرف ولي العهد الأمير حسين بن عبد الله شخصياً على متابعة التفاصيل، وتدخلت القوات المسلحة بإقامة جسر جوي لإخلاء المصابين في مستشفياتها في عدة محافظات أخرى. وتم الإعلان لاحقاً عن نظافة بيئة مدينة العقبة من غاز الكلور السام الذي نتج عن الاختلاط بالهواء في تلك المدينة، فيما لم تحص بعد الخسائر سواء الصحية أو ذات الصلة بالبنية الاقتصادية، وعلى الأرجح لاحقاً في القطاع السياحي.
ويفترض أن تبدأ عملية الحساب قريباً على أساس سياسي وبيروقراطي، وعلى الأرجح سيعقد مجلس النواب جلسة طارئة بسبب فداحة الخسائر البشرية وعدد القتلى والمصابين الكبير، وسيشكل مجلس النواب من جانبه لجنة ثالثة للتحقيق.
سياسياً أيضاً، قد تتأثر صلابة جبهة حكومة الرئيس بشر الخصاونة بهذه المعطيات التي برزت فجأة بعد انشغال الرأي العام بحادثة مقتل الفتاة الجامعية إيمان إرشيد، وقد تبرز مؤشرات قوية على أن استحقاقات وتداعيات سياسية في الطريق، لكنها من الصنف المجهول حتى الآن. وأغلب التقدير أن بعض كبار الموظفين خصوصاً في سلطة إقليم العقبة وفي الميناء، قد يحاسبون.
وقد ينتقل الأمر للمستوى الوزاري في باب المسؤولية الأدبية عن هذا الحادث، مما قد يؤدي إلى مشاهدة إقالات واستقالات وإحالات سريعة على التقاعد قريباً بعد استيعاب الأمر، والتركيز على إعادة مناخ وهواء العقبة إلى طبيعته، واحتواء الخسائر البشرية وتقليل عدد المصابين، لا بل التميز في إخلائهم ونقلهم إلى مستشفيات أخرى مجاورة في المملكة.
لا أحد بهذا المعنى يستطيع توقع إلى أين ستذهب الاستحقاقات ذات البعد السياسي هنا، لكن الاحتمالات واردة في كل الاتجاهات، خصوصاً أن الأخطاء على الأرجح وقبل التحقيق لها علاقة بمعدات تستخدم في الميناء لرفع الحاويات وباختيار الرصيف الأنسب. وبكل الأحوال، تحتاج الحكومة إلى تقارير فنية حتى تتضح دوائر المسؤولية، فيما يعتقد بأن مدينة العقبة، وهي المدينة البحرية الوحيدة للأردن، قد يلحق بها ضرر اقتصادي جراء هذا الحادث مع أنه حادث طبيعي ويحصل في كل المدن البحرية.