مشكلة جمعية المحافظة مع وزارة الأوقاف نظرة تعقل

22 يونيو 2022
مشكلة جمعية المحافظة مع وزارة الأوقاف نظرة تعقل

الدكتور فراس الشياب

الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على من اصطفى اما بعد:
إن المتتبع لمشكلة وزارة الأوقاف مع جمعية المحافظة يجد أن شططا طفا وظهر في المشهد، إذ يخرجه عن حد التعقل والتوسط الذي أمر به الله تعالى وفي هذا الصدد تتبعت بعض المعلومات وتبين لي جملة قضايا يجب التنبه لها قبل الحكم على الأشياء وهذا من صميم ديننا الحنيف، وهي على النحو التالي:
أولا: أن وزارة الأوقاف متمثلة بمعالي وزيرها المحترم ومن معه من إخوانه أئمة وموظفين جميعهم مقدرون محترمون ولا نكن لهم إلا كل احترام وأخوة وود، وإن كانت من ملاحظة فهي في حدود النصيحة والمحبة التي نكن لهم ولمؤسسة رعاية الدين وحفظه على الناس كل التقدير فشكرا لهم كل الشكر.

ثانيا: جمعية المحافظة على القران الكريم جمعية رائدة على مستوى الوطن والعالم ونكن لها ولإنجازاتها كل التقدير والاحترام، وهي جمعية تابعة الان لوزارة الاوقاف ذات الاختصاص الديني ، وعلى الجمعية أن تحترم وتلتزم بالتعليمات الصادرة من قبل الوزارة المختصة الجديدة من عام 2016م، وأنا أعلم أن الجمعية حريصة على ذلك ولكنها في ذات الوقت وقد سارت في تاريخها العريق لـ 25 سنة سالفة على مجموعة قوانين وأنظمة وتعليمات نظمت عملها لتلكم الفترة، وهي الان بحاجة من الوزارة بعض المرونة ومنح الوقت للتكيف مع القوانين والتعليمات الناظمة الجديدة.

ثالثا: لا يجوز الاتهامية بحال من أي طرف لأي طرف، وذلك لأنه لا يوجد طرفان فالوزارة والجمعية طرف واحد، وأصحاب مشروع واحد في تمكين الدين والقران والفضيلة في مفاصل ومؤسسات المجتمع، وإذا حدث فهذا خطأ ولا يجوز الاستمرار به، وغالب من يتابع وسائل التواصل يجد أن الذي يوجه الكلام القاسي والاتهام ليس من ادارة الجمعية أو موظفيها أو الوزارة، ولا يجوز لنا أن نوافق على ذلك، والأصل ان تخرج الجمعية بيانا تطلب فيه من الناس السكوت عما يجري دون اتهامية لأحد. وأما التجييش والتهويل فهو خطيئة ولا يقبله عاقل، ولا يوجد مؤسسة تخلو عن ملاحظة، وعلينا أن نستحضر ذلك عند الحوار دون تهويل للملاحظات التي نجدها.

رابعا: أن الشعب الأردني الرائع معذور في تعليقاته والتعبير عن قلقه لأنه حريص على الدين الإسلامي قرانا وسنة، وتخوفه مشروع مبرور مبرر لوجود أزمة ثقة بين الحكومات والشعب، وعلينا أن نتفهم سبب قلق الشعب الأردني ونتخذ من الوسائل ما يعزز تلكم الثقة ويأخذ بأسباب التقليل من تلك الهوة والفجوة.

خامسا: على المؤسسات المهتمة بالشأن العام ومصلحة المجتمع أن تعمل على تضييق ساحة الخلاف، وان تبادر بمبادرة لملمة الخلاف ووضع الأمور في نصابها، فقد زاد الخلط في المسألة وخرج عن التوسط والمقبول شرعا، قبل أن يتسع الرقع على الراقع. وهذا يشمل المؤسسات والأفراد.

سادسا: نقص المعلومة قد يسبب كوارث على المدى البعيد، فهناك مواقف بنيت على معلومات ناقصة، فالوزارة مثلا لم تمنع نادي الطفل، وانما أرادت تنظيم أمره في جعل دوامه 9 ساعات أسبوعيا وباقي الساعات في نشاط لا منهجي، واذا ارادت الجمعية تدريسه مواد إضافية مصاحبه للقران ( انجليزي ورياضيات ) فلا بأس بشرط الترخيص له على أنه مدرسة تابعة لوزارة التربية وتحت إشرافهم او حضانة تابعة لوزارة التنمية. كما لم تمنع دوامه المسائي في غير وقت المدرسة للطلاب الملتزمين بدوام مدرسي صباحي، وهذه التعليمات هي المعمول بها في كل مؤسسات الدولة ووزاراتها. وهذا ما تنبهت له ذات الجمعية فعمدت الى تصويبه باكرا عند كثير من مراكزها.

سابعا: لا داعي للتخوف على حفاظ الله وعلى كتاب الله فقد تكفل الله تعالى بحفظ كتابه، فحفاظ كتاب الله الذين من الجمعية لم يأتوا من نادي الطفل فقط، بل غالبهم من الحلقات الدائمة (وهو برنامج أساسي آخر موجود في الجمعية )، و الحلقات المكفولة بتبرعات أهل الخير. وعليه فلا خوف على مشروع تحفيظ الأبناء للقران.
ثامنا: لا أنصح بمقابلات الإعلام المفتوح، لأن نقص المعلومة والتشنج سيكون سيد الموقف، ولذلك لا يوجد حل لهذه الأزمة سوى الحوار وتبادل الثقة والتصالح مع النفس ومع الغير، وابتغاء الصالح العام، طلبا للانسجام مع الواقع الجديد بما يحفظ للشعب الأردني هويته الاسلامية وجمعيته التي يفتخر بها، ويريد كذلك أن تبقى قوية بإدارتها الشفافة، ونطلب من وزارتنا الغالية المزيد من الوقت لتمكين الجميع من مراعاة التوافقات التي قد تنشأ عن الحوار.
تاسعا: يجب أن نقطع الطريق على المتربصين بالوطن فالأردن الحبيب متفرد عن غيره وبلد ليس كباقي البلدان، حيث التدين لدينا موجود ملحوظ وله حريته وموظفوه ومؤسساته، ويكفينا فخرا في الأردن بأن التدين في الأردن ليس تهمة كباقي دول الجوار. كما نفتخر بقيادتنا الهاشمية راعية المقدسات في الأردن والأراضي المحتلة وكونها من نسل خير البرية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل
حمى الله الأردن قيادة وشعبا ووزارة وجمعية.