أمس قتيبة واليوم الشجراوي.. الاستقلال أردني والطبخة أمريكية

27 مايو 2022
أمس قتيبة واليوم الشجراوي.. الاستقلال أردني والطبخة أمريكية

ابراهيم قبيلات

ضاقت الأردن على الفرحين من صناع القرار بعيد استقلال الأردن فجلبوا لنا وجبة من مطابخ أمريكا، وبطناجر ضغطها، ثم دسوها بمسامعنا، بعد ان رشوا عليها كثيراً من المونتاج والاكسسوار الأردني؛ لتبدو بعصبة أردنية.

القصة باختصار أن علي الشجراوي نبتة أردنية في أرض يباب، ولا تملك من سقاية نفسها سوى أسرة محبة، قدمت كل ما تملك في سبيل مستقبل أبنائها، وهو في هذا يتشابه وجل الأسر الأردنية، لكن علياً ركب الطائرة بكامل عقله المتقد ذكاء، وطار إلى أمريكا، حيث تُحترم العقول وليس اللصوص.

لا نريد الانتقاص من جهد المواطن الأمريكي علي الشجراوي، لكنا نريد فهم المغزى من القصة على الشباب الأردني، في وقت بلغت به نسبة البطالة أكثر من 50 %، ولا أفق أمامهم إلا في التورط بقروض ستقذف بهم عاجلاً إلى بطون السجون، أو التورط أكثر بأنفاق مظلمة من مخدرات وتطرف.

ما أشبه يومنا بأمسنا..اليوم نفخر بالشجراوي وقصة كفاحه ونجاحه، وأمس ضحكنا على قتيبة وأجلسناه فوق كومة من فقر، وقلنا له كن بخير، فالأردن لنا لا لغيرنا.

هل تتذكرون قتيبة البشابشة ضحية رئيس الوزراء الأسبق عمر الرزاز؟

قتيبة صورة مكثفة لواقع شبابنا المسكون بالحلم والنجاح، لكن واقع بلاده سرعان ما تقصقص أجنحتهم، ثم تحرق أرواحهم وأجسادهم وتنثرها في سماء الواسطة والمحسوبية والشللية وغياب العدالة وبيات القانون في أجساد الفقراء منا.

أمس، وفي يوم ذكرى استقلال المملكة السادس والسبعين، حفروا ثم حفروا حتى استقر حفرهم على الطنجرة الأمريكية، فأخرجوا منها “هبرة” مطهوة على نار هادئة أمريكية، ثم سكبوا عليها ملعقة زيت، فوق كوبين من طحين، ثم خلطوا ما خلطوا بالطنجرة الأمريكية، وأخرجوا منه الحساء؛ فظهرت جلبة من أقصى المكان وزغرودة صبر وعناء أردنية، وعلينا ان نندهش كثيراً.

من سيقنع شبابنا اليوم بأن أحلامهم رهينة عقولهم وتطوير أدواتهم ومهاراتهم؟ من سيقنعهم بأن دماء أجدادهم لم تذهب سدىً؟

لا خيارات أمام الشباب وهو يرون كل هذه الحفاوة بالتجربة الامريكية إلا التحليق فوق سماء واشنطن، لعلهم يحظون بفرصة للحياة.