هل الرسالة الامريكية الى لبنان والمنطقة غامضه؟
د. عادل يعقوب الشمايله
التقى مبعوث الرئيس الامريكي افرادا من الحراك الشعبي اللبناني يوم الخميس 2/9/2020، فيم تجنب لقاء أي من الرسميين اللبنانيين. من المتوقع أن ينشغل المحللون السياسيون بالتنجيم لمعرفة تفاصيل الحوار وربما الارضية المشتركة بين الاستراتيجية الامريكية واستراجية الحراكيين في لبنان. غير أنني اعتقدُ، أن حَدَثَ الاجتماع بحد ذاته، هو الاهم، وأنه على غموضه الظاهر ابلغ من بلاغة بيت الشعر الذي قاله المتنبي:
السيف اصدق إنباءاً من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب.
رسالة المبعوث الامريكي، ربما تتلخص بأنه قد آن اوان سقوط المعرشات الحزبية على رؤوس ساكنيها. ففي الصحراء العربية لا شئ يدوم. إن لم يهدم البدوي خيمته ويرتحل من جوع او خوف أو طمع، تهدمها الزوابع، أو تدفنها الكثبان. ولذلك يصدق على الصحراء العربية وساكنيها القول المأثور: ربِ كما خلقتني. هذا ما حدث امام اعيننا لعدد من الاقطار العربية.
لقد شعر العالم بتعب اللبنانيين من الاعيب وصراعات وتوافقات وفساد رؤساء المافيات اللذين قسموهم ثم تقاسموهم منذ استقلال لبنان. تلك المافيات التي لبست لباس الاحزاب السياسية زورا وبهتانا لتضفي على نفسها سمة الحداثة، وكتبت على واجهة فسطاط التضليل والانعزالية المتعددة الاسباب، الذي تأوي اليه لتتوازع غنائم الغزو، مسمى دوله.
عندما يتطاير الشرر، تصبح كافة الغابات في مرماه ومبتغاه. لذلك يتدافع رجال الاطفاء. عندما تولع الحشائش تحترق الغابات (الا تتفكرون؟).
مهمة المبعوث الامريكي تختلف وتخالف مهمة الرئيس الفرنسي الذي زار لبنان مرتين بعد الانفجار. ماكرون يحاول ان يقنع ثعابين المافيات بأنه قد آن الاوان لأن تغير جلودها شرط استتباب ادوارها. فرؤساء المافيات راحت عليهم نومه، بعد سهرة طويلة تخللتها سكرة ثقيلة، فلم يفطنوا أن فصل الربيع قد حل مرة اخرى، وأنه سيظل يحل دون إستئذان. ماكرون الشاب الوسيم نجح في امتحان السواقه حسب المنهج الفرنسي العتيق، وهو يعتقد انه يستطع ان يُشحِطَ بسيارته الفرنسية لوحده لأن شوارع لبنان مصممة لتلائم السيارات الفرنسية فقط. فرؤساء المافيات لم يخبروه أن لبنان تكتظ بالمشحطين بالسيارات الالمانية والامريكية والايرانية والتركية والخليجية وربما الصوماليه . تكرر زيارات ماكرون للبنان تقترح بأنه يعاني من عقدة الحراكات الشعبية بعد أن تكرر خروجها في عهده، وتكرر رضوخه لمطالبها. لذلك وجد الفرصة في لبنان ليستجيب لإغواء الشباب ويجرب فحولته على بائعات الهوى في هذا البلد الذي لم يتعرف مواطنوه على معنى حقوق المواطن بعد.
يحرص ماكرون على اللونين الاسود والكحلي الغامق في لباسه الرسمي، بينما يرتدي القميص الابيض للايحاء بوجود فارق بين الداكِنين.
ترامب من جهته يعشق كافة الالوان الفاقعة. ويحب الخروج عن المألوف ابتداءاُمن ربطة عنقه الطويلة وانتهاءا بعدم الالتزام بتعهدات وارتباطات السياسة الامريكية الخارجية التقليدية، وما تُرضعهُ واشنطن لسياسييها. ترامب يعشق البنايات الضخمة التي تنشأ بعد هدم العشوائيات. كما يكره المزاحمة. وعلى الاخرين أن يختاروا بين جنة ” He likes me” وبين جهنم خلاف ذلك.
ممثل ترامب جاء لينقُضَ غَزلَ الفرنسيين وغَزلَ الايرانيين، ويفري فريه هو. لا شئ يمنع ترامب من ارسال إنذارات لبقية العشوائيات في المنطقة، فتصاميم ابراجه جاهزة للتنفيذ وهو لا يحتاج للحصول على تراخيص انشاءات. لأنه هو من يعطي إذون الاشغال. يقال ان البغل هو اعند الحيوانات مع أنه مخصي بطبيعته، ولذلك لا يقهرَ عناده الا العصا الغليظه.البعض لم يتعلم مما حدث لكثير من البغال العربية منذ عام ١٩٤٧.