منطق جحا….!

7 أبريل 2022
منطق جحا….!

 

بقلم : سهل الزواهره

من منا لم يسمع بجحا و نوادره ؟ ربما أجيال كاملة تربت في مدرسة جحا و صبغ بحمقه و تذاكيه كثيرًا من تاريخنا و واقعنا، و لِأعترف هنا أنني شخصيًا أمقت جحا و كل ما له به من صلة ، ليس لأن أبا الغصن لا يروقني أو لأن أدبَ التهريج بلا قيمة أو بلا أثر بل لأن واقعنا فاق تهريجه كل حد فأضحى جحا و من على شاكلته ليسوا أكثر من مجرد ارباع رموز لذلك الادب الذي يتجلى في روابينا المجدبة كقدر فرضته علينا سنوات من التلبيس و التدليس.
لقد بغتنا منطق التهريج من كل صوب وحدب فأقحم نفسه في كل تفاصيل حياتنا و تربع بلؤم على صدور مؤسساتنا و سلطاتنا ، فاضحت الحكومات مجرد أبواق لتلميع ذاتها و إثبات فرادتها تماما كجحا مدعيًا الحكمة، و ألقت تلك الحكومات و أدواتها المتثاقلة أوراقها و عرت أغصانها حتى أضحت و أضحينا معها مادة للتندر و العجز .
أسعار تنفلت بسُعار يمزق كيان الأسرة و دخلها يترافق مع كم تطمينات كفيل بتسكين عقول الأحياء و أرواح الأموات و إصرار على تنصل العاجز المُدعي عن أبسط واجباته بتأمين قوت الخلق و أمنهم ، يواكب ذلك سيطرة عقلية جحا على ألسنة الخلق و فكرهم توقيفًا و اعتقالًا و تخويفًا و عيون عمشاء اتخذت الحُمرةَ لونًا و كأن الألوان نفقت من بورصة الطبيعة، و يستمر منطق جحا بالتحكم بالمشهد المرهِق ليطهو لنا قوانين نية تحت قباب من رمال اتخذت مكانها على شاطىء متلاطم يضرب بلا رحمة أو عقل و يسك أوهام متهاوية و يجعلها العملة الوحيدة لمستقبل أوطان و يصرفها على ترتيبات متخيلة من عقول و أجساد يتم تدويرها و تجديد الثقة فيها كلما ازدادت فشلًا في علاقة طردية تهريجية نسجتها أيدي امتهنت التضييع و الترقيع و اتخذت جحا مثلًا أعلى في إدارة أوطان دسترت النفاق و أجزلت الدراهم لكل سائر في ركاب المغانم فاختل الولاء و تطلمس ، و ساد الفزع على أرض صغيرة كانت يوما تحمل أكبر الهموم فأصبحت بعد التقليم بالكاد تحمل نفسها و من بقي من أهلها ….