ستظل الدستور في المواجهة !

28 مارس 2022
ستظل الدستور في المواجهة !

محمد داودية

 

الدستور والرأي مؤسستان اعلاميتان ثقافيتان وطنيتان، وليستا شركتين تجاريتين يخضع منتجهما الوطني إلى حسابات الربح والخسارة التقليدية.
وبلا ادنى مبالغة، فإنني أنظر إلى الصحيفتين، كما أنظر إلى الدفاع المدني، وإلى المركز الوطني لمكافحة الأوبئة والأمراض السارية.

فالرأي والدستور، اللتان حمتا اليقين الوطني، وصانتا الإنجازات، وذادتا ذودا باسلا عن نمط الحياة الأردني، وعن النظام السياسي، يتم حتى الآن دعمهما بالتقطير والتصبير، وبخجل و وجل.

لقد حملت صحيفتا الدستور والرأي، قضايا النظام والوطن، عقودا مديدة مريرة، وكان صحافيوها، والصحافيون الأردنيون عموما، قوات حجاب في التصدي للهجمات الإعلامية الشرسة والظالمة، التي تعرض لها الأردن على امتداد قيامته.
دفع الصحافيون ورؤساء التحرير اثمانا فادحة من اجل حرية الرأي والحريات العامة، تفاوتت في قسوتها، بين المنع من الكتابة، والفصل من العمل، واقصاء رؤساء التحرير وعزلهم واغلاق الصحف وسحب ترخيصها، وتلك قصص أخرى يجدر ان تسجل.

وفاقمت كورونا من معاناة الصحافة الورقية وضربت مواردها ورواتب أبنائها، بما كاد أن يمس الروح المعنوية الضرورية للقيام بالواجب والكتابة بحماسة واندفاع وتحرر من ضغط الالتزامات الشهرية القاهرة.

أرجو أن نتوقف عن اعتبار الدبابة والطيارة، أهم من الصحيفة !!
وان نتوقف عن نحر صحفنا التي ذادت عنا، وعن احالة كتابنا وصحافيينا قادة الرأي العام وصائغيه المحبوبين الموثوقين، إلى التقاعد بحجة أفول نجم الصحافة الورقية، الذي سيظل نجمها بازغا الى ثلاثة عقود قادمة.

تعكف الأمم في المعدل، نحو عقد من الزمان، على إنجاز كاتب أو فنان، فالأثر الذي يخطه الكاتب والفنان، يخلد الى الأبد، كما في الإلياذة والأوديسة، وجلجامش، ولوحة الجرنيكا ونهج البلاغة، والقانون في الطب، وكليلة ودمنة وأغاني الاصفهاني، ومقامات الهمذاني، وطوق الحمامة لابن حزم، والنبي لجبران، والأم لغوركي، والبؤساء لهوجو، وذهب مع الريح لمارغريت متشيل، والحرب والسلام لتولستوي، والدون الهادئ لشولوخوف، وثلاثية نجيب محفوظ، ورجال في الشمس لكنفاني، وقواعد العشق الاربعون لشافاق، والزمن الموحش لحيدر حيدر، والاقدام العارية للطاهر عبد الحكيم، واللاز للطاهر وطار، ونجران تحت الصفر ليحيى يخلف، وحين تشيخ الذئاب لجمال ناجي، وثلاثية سهيل ادريس، وقوقعة مصطفى خليفة.

أثق بدور الدستور والصحف الأردنية، ليقيني أن بلادنا تقي شعلتها، وتواقي على آمالها.
التحديات على الدوام كانت كبيرة، فمنذ متى كانت مهام الصحفيين خفيفة، وأجسامهم رهيفة !!