وطنا اليوم:قال خبراء إن مجلس النواب الجديد التاسع عشر، يواجه تحديات كبيرة قبيل انعقاده، لا سيما أن الانتخابات جرت في ظروف عصيبة، ووسط عزوف كبير عن صناديق الاقتراع.
ووفق محللين، فالانتخابات التي جرت في العاشر من تشرين ثاني/ نوفمبر الجاري، وسط ظروف الأزمة الوبائية لكورونا بالمملكة، أدت إلى تراجع نسبة الإقبال على صناديق الاقتراع، لكن السبب الحقيقي، يرجع إلى تراكمات سابقة، عنوانها “أزمة ثقة شعبية بالعملية الانتخابية من جهة، وأداء النواب من جهة أخرى”.
الخبير في الشؤون البرلمانية هايل ودعان الدعجة، يرى أن “مجلس النواب التاسع عشر، أمام تحدي إثبات حضوره، وسط نظرة البعض السلبية تجاهه حتى قبل أن ينعقد ويبدأ أعماله؛ على خلفية ما يعتقدون أنها مخالفات وتجاوزات ارتكبت خلال العملية الانتخابية وأثرت في تركيبة المجلس، وإن كانت هذه المخالفات محلها القضاء للبت بها وبمدى صحتها”.
وأعقب إعلان نتائج الانتخابات، أحداث شغب واحتجاجات في بعض مناطق الأردن، أدت إلى انتقاد من الملك عبدالله الثاني، ودفعت بحملة أمنية قادت إلى اعتقال المخالفين، وأسفرت عن استقالة وزير الداخلية توفيق الحلالمة.
ويقول الدعجة؛ إن “ضعف المشاركة في الانتخابات هو تحد آخر للمجلس الجديد، خاصة مع عزوف الفئات المتعلمة والمثقفة عن المشاركة”، على حد قوله.
وبلغت النسبة النهائية للمشاركين في الاقتراع 29.9 بالمئة، بواقع مليون و387 ألفا و698، من أصل 4 ملايين و640 ألفا و643 ناخبا، وتنافس خلالها 1674 مرشحا على مقاعد مجلس النواب وعددها 130، ضمن 294 قائمة.
ويستدرك الدعجة، فيقول؛ إن “تركيبة المجلس الجديد، تضم توليفة متنوعة من التخصصات الكفيلة بتغطية المجالات كافة، خاصة إذا ما نجح المجلس بالتقاط الرسالة الممثلة بوجود 100 (من أصل 130) وجها نيابيا جديدا، كعنوان للتغيير والتجديد”.
ويشير إلى أن “المجلس تنتظره ملفات وقضايا مهمة، يأتي في مقدمتها ملف فيروس كورونا الذي ترك تداعياته السلبية على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، والمالية المتردية أصلا”.
ويتابع: “ما يتطلب من المجلس تفعيل دوره الرقابي على أداء الحكومة في هذه المجالات، وإقرار التشريعات والقوانين التي من شأنها الإسهام في معالجتها وإيجاد الحلول لها”.
دور خارجي
مجلس النواب مطالب بأدوار خارجية، وبضرورة “ترجمة التوجيهات الملكية بتحويل الأردن إلى مركز إقليمي في التصنيع الغذائي والدوائي والمستلزمات الطبية”، يوضح الدعجة.
ويزيد: “يجب ألا نغفل عن دور المجلس في ضرورة تفعيل الدبلوماسية البرلمانية، والتعاطي مع ملف القضية الفلسطينية في الاتصال بالبرلمانات الإقليمية والدولية؛ للانتصار للجانب الفلسطيني في إقامة دولته وفقا لحل الدولتين”.
وتوقفت مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين منذ نيسان/أبريل 2014، لعدة أسباب؛ بينها رفض إسرائيل إطلاق سراح معتقلين قدامى، ووقف الاستيطان.
وعن تأثير فوز الديمقراطي جو بايدن بانتخابات الرئاسة الأمريكية، يَعُدّ الدعجة أن “فوز بايدن سيمكن المجلس من تحقيق إسهاماته في الخطوة السابقة (الانتصار للقضية الفلسطينية)”.
ويستند الدعجة في ذلك، إلى أن بايدن “يميل إلى احترام القرارات الدولية التي ضرب الرئيس (المنتهية ولايته) دونالد ترامب بها عرض الحائط؛ من خلال محاولته تصفية القضية الفلسطينية، بطرحه صفقة القرن المتحيزة للجانب الإسرائيلي”.
السعي لإعادة الثقة
عميد كلية العلوم الاجتماعية في جامعة مؤتة (حكومية) حسين محادين، يؤكد أيضا، أن “السعي لإعادة الثقة بدور المجلس، الرقابي والتشريعي، هو التحدي الأبرز للمجلس الجديد”.
ويضيف محادين: “المجلس السابق كان شبه غائب حضورا وتفاعلا في أثناء التحديات الجسيمة التي واجهها المجتمع الأردني بمختلف شرائحه”.
ويشير إلى أن “أبرز تلك التحديات، هي زيادة الضرائب والقرارات الحكومية المتمثلة باقتطاعات الدخول الشهرية، ضمن تدابير مواجهة تداعيات كورونا”.
ويرجح محادين، حدوث ما أسماه “هوة أدائية” (هوة في الأداء) بين أعضاء مجلس النواب، تميل للأعضاء القدماء، “لا سيما مع وجود نسبة كبيرة بلا خبرة نيابية؛ كونهم أعضاء جددا لأول مرة”.
ويستطرد: “ذلك سيؤدي إلى أن تبقى السيطرة داخل المجلس للخبرات السابقة، دون حدوث أي تغييرات أو تأثيرات تذكر على المشهد النيابي”.
ويعد نحو 78 بالمئة من الناجحين في الانتخابات “وجوه جديدة”، بعدد 100 نائب من أصل 130، وفق ما أعلنه مركز “راصد” (غير حكومي)، المعني بالشؤون البرلمانية.
وجرت الانتخابات ضمن قانون القوائم، الذي تم إقراره عام 2016، عوضا عن قانون “الصوت الواحد” الذي لا يسمح سوى باختيار مرشح واحد، بعكس قانون القوائم الذي يسمح بمنافسة أكثر من قائمة تفوز منها من تحقق أعلى الأصوات.
ويضم البرلمان غرفتين هما: مجلس الأعيان (معين من قبل الملك ويضم 65 مقعدا)، ومجلس النواب (منتخب ويضم 130 مقعدا).
أسباب ضاغطة
أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الألمانية الأردنية (حكومية) بدر الماضي، يرى أن “الانتخابات النيابية أجريت تحت ضغط كبير جدا لسببين رئيسيين”.
ويوضح الماضي، أن “السبب الأول هو الجائحة (كورونا) التي تضرب الأردن بشدة، والثاني انعدام الثقة التراكمية بسبب الأداء الضعيف وغير المبرر لمؤسسة البرلمان في السنوات الأخيرة”.
ويتابع: “مواجهة الملفات الاقتصادية والصحية والتعليمية والزراعية والبنية التحتية، تحتاج إلى تناغم كبير بين البرلمان والحكومة”.
لكنه يستبعد “تحقيق ذلك التناغم”، مرجعا السبب إلى “النظرة المحددة سلفا من قبل الحكومة تجاه مجلس النواب الجديد، الذي يعاني من مشكلتين أساسيتين”.
المشكلة الأولى، بحسب الماضي، هي أن “عددا لا بأس به من أعضاء المجلس، تطاردهم اتهامات بأنهم استخدموا أموالهم للوصول إلى البرلمان. أما الثانية، فهي نظرة الشك حول الشرعية التمثيلية للمجلس؛ بسبب عدم الإقبال على الانتخابات”.
ويتساءل عن “مدى القدرة التشريعية والرقابية لأعضاء المجلس، وسط نقص الخبرة السياسية لإدارة ملفات كبرى كالتي تواجه الأردن، خاصة أن عددا كبيرا منهم ينتخبون للمرة الأولى”.
ويختتم الماضي حديثه بالإشارة إلى أن الإجابة عن التساؤلات السابقة، ستوضح مدى إمكانية “استمرار المجلس”، وفيما “إذا كان سيكمل مدته الدستورية (4 سنوات)؛ رغم ضغوط الشارع عليه، أم سيضيف مزيدا من تراكمات الإحباطات”.