وطنا اليوم:دخل مجلس النواب التاسع عشر الجديد 98 نائبا جديدا يمارس غالبيتهم العظمى العمل السياسي لأول مرة في الوقت الذي يرافقهم 32 نائبا عادوا للبرلمان من مجالس سابقة منهم 23 نائبا من المجلس الثامن عشر السابق.
كشفت اللقاءات الأولية مع النواب الجدد عما يمكن تسميته بــ”الأمية البرلمانية ” فالغالبية العظمى من النواب الجدد لم يبدو أي حرج من الاعلان في مجالسهم المغلقة عن عدم امتلاكهم اية معرفة مسبقة بالعمل البرلماني سواء لجهة المهمات التفصيلية للنائب التشريعية والرقابية، ويكتفي غالبيتهم بالتأشير الى هاتين المهمتين الدستوريتين دون الدخول في التفاصيل.
العديد من النواب الجدد قاموا بزيارات استكشافية لدار البرلمان في العبدلي لغايات التعارف والتعرف على كبار مسؤولي البرلمان الذي لم تصدر ارادة ملكية بدعوته للاجتماع في دورة عادية اولى حتى الان، فيما تشير الوقائع الى تاجيل انعقادها.
وكان السؤال الذي يطرحه النواب الجدد على كبار مسؤولي وموظفي البرلمان يختصر مسافة واسعة من الحيرة، والخوف والرهبة، تحت عنوان عريض”ماذا سنفعل؟”، بل ذهب أحد النواب الجدد لطرح سؤال يثير الاستغراب” هل سيحضر النواب جلسة افتتاح البرلمان؟؟..”.
بدا السؤال صادما الى حد بعيد، فمن أبجديات ما يتوجب على النائب الجديد معرفته انه المعني الأول بجلسة الافتتاح وليس أي شخص آخر، لكن السؤال نفسه كشف عن واقع”الأمية البرلمانية” التي تفرض نفسها على غالبية النواب الجدد، وعلى مدى ــ ربما ــ “الأمية السياسية “.
وهي المشكلة الأكثر تأثيرا في المجلس الجديد الذي انتخبه 29.9 % من إجمالي الناخبين الاردنيين في حركة مقاطعة شعبية للانتخابات هي الأولى من نوعها في تاريخ الحياة البرلمانية منذ سنة 1989 وحتى الان.
ان ما نسبته( 75.4 %) من تشكيلة البرلمان الاردني التاسع عشر هم نواب جدد بلا خبرة او تجربة برلمانية سابقة سيؤثرون تماما على أداء المجلس تشريعيا ورقابيا، ولكونهم يمثلون الأغلبية المطلقة في البرلمان فإن تأثيرهم سيكون واضحا، بالرغم من أن النواب السابقين سيحاولون ما أمكنهم استقطاب هؤلاء ضمن تكتلات برلمانية لغايات تجييرهم لصالحهم مما سيجعل من معظمهم أتباعا لأصحاب الخبرة والتجربة السابقة وهو ما يحدث عادة مطلع كل برلمان اردني جديد.
وبالرغم من ان البرلمان الجديد لا يحظى برضا الاغلبية الشعبية ويتمنون حله حتى قبل ان يبدأ أعماله كما يرصد على المنصات، فإن هذه الحالة الشعبية من الغضب عليه لن تتعاطف معه ولن تمنحه أية ثقة من المفترض أن يسعى البرلمان الجديد للحصول عليها مما سيبقيه بلا غطاء شعبي وبدون اي دعم جماهيري وسيبقى عرضة للنقد والتجريح مما سيسرع بإضعافه وتحميله مسؤولية قرارات وسياسات حكومية لا طاقة للمجلس الجديد بها.
قد يكون البرلمان الجديد كما يظهر في الصورة ضعيفا الى حد كبير، إلا ان هذا الضعف سيعمل في دعم الحكومة وتسهيل مهمات تمريرها لتشريعاتها وقراراتها بسهولة، وقد يظهر هذا الضعف حين يباشر المجلس مناقشة بيان الثقة بالحكومة، إذ تشير المعطيات إلى ان حكومة بشر الخصاونه قد تحصل على ثقة عالية لا تحلم بها، فضلا عن التمرير السهل لقانون الموازنة العامة للدولة وموازنة المؤسسات الحكومية المستقلة للسنة المالية 2021.
هذه “الأمية البرلمانية ” من المفترض أن تتلاشى تماما بعد انخراط النواب الجدد في عملهم التشريعي والرقابي، لكن يتوجب على ادارة المجلس تنظيم دورات تثقيفية وتدريبية للنواب الجدد لتهيئتهم للعمل قبل أن يبدأ المجلس اعماله وهو ما لا تفعله إدارة المجلس وتغض الطرف عنه.