“خيانة ميونيخ”.. هل يتكرر سيناريو الحرب العالمية الثانية؟

13 فبراير 2022
“خيانة ميونيخ”.. هل يتكرر سيناريو الحرب العالمية الثانية؟

 

وطنا اليوم –  يذكرنا تأزم الموقف بين روسيا وأوكرانيا، وانسحاب عدد من قوات الحلفاء من أوكرانيا خوفا من اندلاع الحرب، بواقعة مشابهة جدا، قبل الحرب العالمية الثانية، لها دلالات خطيرة على الموقف الحالي.

 

وتجري حاليا سلسلة من الجهود الدبلوماسية تشمل زيارات قادة غربيين لموسكو، على أمل إقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن التراجع عن أي مخطط لغزو أوكرانيا.

 

ولكن بالنسبة للخبراء والسياسيين، فإن الجهود الغربية لا تبدو صارمة كفاية لردع موسكو من شن هجوم واسع على أوكرانيا.

 

ويتخوف البعض من عملية “ترضية” تقوم بها الدول الغربية، بالسماح لبوتن بالسيطرة على بعض مناطق أوكرانيا الشرقية، التي تشهد نزاعا منذ مدة وتقع تحت سيطرة الانفصاليين، وهو السيناريو المشابه للوضع في تشيكوسلوفاكيا قبيل الحرب العالمية الثانية.

معاهدة ميونخ هي اتفاقية تمت في ميونخ في 30 سبتمبر 1938، بين ألمانيا النازية، وبريطانيا، وفرنسا، وإيطاليا، وكانت بمثابة تسوية تسمح بضم ألمانيا النازية لمنطقة “السوديت” التابعة لـتشيكوسلوفاكيا، والتي يعيش فيها مواطنون ناطقون بالألمانية، في محاولة من الحلفاء لاحتواء ألمانيا النازية وتجنب اندلاع حرب عالمية.

 

كان الهدف من المؤتمر مناقشة مطالب أدولف هتلر حول منطقة “السوديت” التي يقطنها مواطنون ناطقون بالألمانية، حيث كانت المنطقة تابعة للإمبراطورية النمساوية المجرية ثم ضمت إلى تشيكوسلوفاكيا بعد الحرب العالمية الأولى.

 

وبعد أن هدد أدولف هتلر باستعمال القوة ضد تشيكوسلوفاكيا لضم منطقة “السوديت”، تأزمت العلاقات بين الدول العظمى في أوروبا، حيث كانت تشيكوسلوفاكيا قد وقعت اتفاقيات تحالف عسكري مع فرنسا والاتحاد السوفيتي، مما يلزمهم بالدفاع العسكري عن تشيكوسلوفاكيا في حال نشوب نزاع.

واستمر المؤتمر 3 أيام، وفي النهاية تم التوقيع على معاهدة ميونيخ. وكانت نتيجة هذة المعاهدة تقسيم تشيكوسلوفاكيا بين كل من ألمانيا النازية وبولندا والمجر.

 

واعتبرت تشيكوسلوفاكيا أن الاتفاق يمثل “خيانة” صريحة من قبل بريطانيا وفرنسا، وأطلق شعار “خيانة ميونخ” على الاتفاقية المشؤومة.

 

وعارض وقتها ونستون تشرشل، الذي لم يكن رئيسا لوزراء بريطانيا بعد، الاتفاقية، وتحدث في 5 أكتوبر 1938، في مجلس العموم، بأن الاتفاقية وقعت فقط لإرضاء أدولف هتلر، وأنها ستجعله يطالب بالمزيد من الأراضي في أوروبا الشرقية ثم أوروبا الغربية مما سيسبب حرب عالمية أخرى

وفعلا، بعد 6 أشهر فقط من توقيع المعاهدة، نكث هتلر وعده وأمر جيشه بالاستيلاء على بقية تشيكوسلوفاكيا.

 

ومن بعدها، فقد الاتحاد السوفييتي ثقته في قدرة بريطانيا وفرنسا على حفظ السلام وعقد اتفاقا منفردا مع ألمانيا، لتجنب الحرب.

واعتقد هتلر أن بريطانيا وفرنسا لن تلتزما بتعهدهما بحماية بولندا، فشن هجوما عليها في سبتمبر عام 1939، وبعد 4 أيام من الهجوم على بولندا أعلنت بريطانيا ثم فرنسا الحرب على ألمانيا وبدأت الحرب العالمية الثانية.

 

وأصبحت اتفاقية ميونخ مثالا لسياسة الاسترضاء والتنازل. وبعد اتفاقية ميونيخ صار النظر إلى إبرام الاتفاقيات مع الدول ذات النزعة الهجومية دعوة للحرب وليست سببا لمنعها. وما زالت بعض الاتفاقيات الشبيهة تسمى بـ “ميونيخ أخرى”.

وقد تجد الدول الغربية نفسها تكرر نفس السيناريو، مع روسيا التي تتأهب لغزو أوكرانيا، وهذا ما نوه إليه سياسي بريطاني.

 

وشبّه وزير الدفاع البريطاني بن والاس الجهود الدبلوماسية الغربية الرامية إلى منع غزو روسي محتمل لأوكرانيا، باسترضاء ألمانيا النازية قبل الحرب العالمية الثانية.

وصرّح والاس لصحيفة “صنداي تايمز” أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن يمكن أن يرسل حشوده العسكرية إلى أوكرانيا “في أي وقت” معتبرا أن الدول الغربية، من دون تحديدها، لم تكن صارمة بما فيه الكفاية مع موسكو.

 

وأضاف “قد يحدث أن يقدم بوتين على وقف محركات دباباته ويذهب كل إلى بيته. لكنْ هناك شيء من رائحة ميونيخ في الأجواء كما يرى البعض في الغرب”.

 

استرضاء بوتن قد يتمثل في منحه أجزاء من أوكرانيا الشرقية، منعا لنشوب حرب كبيرة، أو إخلاء أوكرانيا من قوات الناتو، وربما ترتيبات أكبر،  لكن النتيجة قد تكون مشابهة لما حصل مع ألمانيا النازية من قبل، حين تحولت السيطرة على منطقة “السوديت”، إلى سيطرة على تشيكوسلوفاكيا بأكملها، تلتها اجتياحات تركت أثرا كبيرا ونقطة سوداء في تاريخ دول التحالف.