وطنا اليوم:بعد 13 عاما من العمل في مكاتب السياحة والسفر وإتقان الحديث بـ4 لغات أجنبية، استقر الحال بالشاب الثلاثيني سامر الحسن سائقا على سيارة أجرة “تاكسي”، بعدما أغلق المكتب الذي يعمل به أبوابه بسبب جائحة كورونا، وتوقف تدفق السياح للأردن.
يقول الحسن ، “كنت أنتظر هذا الموسم السياحي لأنهي التزاماتي المالية المترتبة بعد الزواج، لكن جائحة كورونا قضت على آمالنا، وبتُّ بين ليلة وضحاها عاطلا عن العمل أبحث عن أي شركة سياحة تستقبلني لكنني فشلت بذلك، مما اضطرني للعمل على سيارة أجرة”.
حالة الشاب الحسن ليست الوحيدة، فقصص موظفي شركات السياحة متعددة ومتنوعة، فهنا فتاة عملت بمكاتب السياحة لـ7 أعوام، وبعدما فقدت عملها اتجهت للعمل في صالون للسيدات، وهناك خمسيني أفضل حالا من سابقيه، فقد تمسكت به الشركة بعدما عمل فيها لـ25 عاما، لكن تم تخفيض راتبه إلى النصف لمواجهة الأزمة.
وسجلت جمعية وكلاء السياحة والسفر الأردنية مطلع الشهر الجاري إغلاق 60 شركة سياحية أبوابها، بعدما عجزت عن دفع التزاماتها المالية للموظفين وإيجارات المكاتب والضمان الاجتماعي وغيرها من النفقات التشغيلية.
ويعمل في المملكة نحو 800 مكتب للسياحة والسفر، تشغل قرابة الـ10 آلاف موظف، 95% منهم أردنيون، باتوا مهددين بالتسريح من أعمالهم والانضمام لصفوف العاطلين عن العمل في حال استمرار جائحة كورونا عالميا وتوقف السياحة.
أزمة مستمرة
أزمة مكاتب السياحة والسفر مستمرة وتتفاقم، فهناك 150 مكتبا مهددا بالإغلاق قبل نهاية العام الجاري، وتكمن مشاكلها في ارتفاع الكلف التشغيلية على القطاع من إيجارات للمعارض ورواتب موظفين والتزامات مالية للبنوك والمؤسسات الحكومية وغيرها، إضافة لعدم حصول عدد من الشركات على تسهيلات مالية وقروض بنكية لتعثرها.
جمال الضامن نائب رئيس جمعية وكلاء السياحة قال للجزيرة نت، إن خسائر الشركات متعددة المجالات، فهناك خسائر مالية نتيجة توقف الحركة السياحية، وهناك خسائر في القوى البشرية والأيدي العاملة المدربة المؤهلة، فالموظف عملة صعبة، ويقابل هذه الخسائر، نفقات تشغيلية مستمرة صباح كل يوم، على المكاتب تأمينها.
الضامن طالب حكومة بلاده بالتدخل لإنقاذ هذا القطاع المهم من الإفلاس، وذلك من خلال تقديم تسهيلات بنكية للشركات بنسب فائدة منخفضة، مع فترة سماح بالسداد لمدة عامين، ووقف التراخيص الحكومية ورسومها، وتأخير نسب الضمان الاجتماعي المترتبة على المكاتب.
ويشغل قطاع المكاتب السياحية نحو 30 قطاعا تجاريا مساندا لعمله، أهمها الفنادق والمطاعم والمواقع السياحية، ومحال بيع القطع التراثية، وشركات النقل السياحي، والأدلاء -المرشدون- السياحيون وغيرها من القطاعات التي تعطلت بتعطل عمل المكاتب السياحية.
وقال وزير السياحة نايف الفايز إن القطاع السياحي من أهم القطاعات الرافدة للاقتصاد الوطني والجاذبة للاستثمارات والمشغّلة للعمالة المحلية، مما يفرض علينا كحكومة وقطاع خاص حماية هذا القطاع وتأمين كافة مستلزمات استمرار بقائه وديمومة عمله.
وتابع الفايز أن خطة الوزارة تقوم على مسارين، أولهما مواجهة التحديات القائمة أمام المكاتب حاليا، من خلال التعاون بين كافة الجهات في القطاعين الحكومي والخاص، لتذليل الصعوبات أمام صمود المكاتب السياحية، مؤكدا وجود جملة من القرارات الحكومية المساندة لهذا القطاع ستصدر قريبا.
أما المسار الثاني للوزارة فيتمثل بتطوير وتحديث المنتج السياحي الأردني المتميز بتنوعه، مع التركيز على جذب مزيد من السياحة الداخلية التي ساهمت باستمرار عمل القطاع خلال الفترة الماضية، والاستعداد لاستقبال السياح في العام المقبل بعد زوال جائحة كورونا.
وتنظم وزارة السياحة الأردنية بالشراكة مع القطاعات السياحية برنامجا للسياحة الداخلية تحت اسم “أردننا جنة”، يشارك به نحو 200 ألف سائح أردني، وقد ساهم بتحريك عجلة الاقتصاد السياحي بنحو 20 مليون دينار (28 مليون دولار)، وما زال مستمرا.
خطة عاجلة
من جهته، قال الخبير في القطاع السياحي عضو غرفة تجارة عمّان بهجت حمدان ، إن انهيار قطاع مكاتب السياحة يهدد بانهيار قطاعات أخرى مرتبطة به، وبات القطاع يشهد إغلاقات لفنادق 5 نجوم، مما يلزم شراكة القطاعين الحكومي والخاص لوضع خطة عاجلة لحماية المكاتب وديمومة عملها، وأن تتضمن تلك الخطة قروضا ميسرة من خلال البنك المركزي للمكاتب، وإعفاءها من الرسوم والتراخيص السنوية.
وتابع حمدان “كنا نتوقع أن يفتح باب العمرة بحيث تساهم السياحة الدينية بالتخفيف من الأزمة المستمرة، لكن يبدو أن موسم العمرة والحج للعام المقبل سيكون محدودا جدا على عدة آلاف كما جرى في حج العام الماضي طالما استمرت الجائحة عالميا ولم يتوفر اللقاح”.
أزمة القطاعات السياحية عالمية وليست محصورة بالأردن، وتشير التوقعات العالمية والمحلية إلى أن فترة توقف قطاع السياحة ستطول، وستكون هناك خسائر كبيرة.الجزيرة نت