رأي قانوني: قرارات الداوم بسبب الظروف الجوية هل تسري على القطاع الخاص ؟

31 يناير 2022
رأي قانوني: قرارات الداوم بسبب الظروف الجوية هل تسري على القطاع الخاص ؟

 

المحامي عبدالجواد النتشه

في كل عام وفي هذه الأوقات من السنة وبسبب الظروف الجوية تثور عدة تساؤلات حول تأخير الدوام والعطل بسبب الثلوج ومدى انطباقها على القطاع الخاص، لقد تجنبت كثيرا الحديث في هذا الموضوع نظراً لأن رأيي قد لا يعجب البعض، إلا انه ونظرا لكثرة الآراء وتضاربها في بعض الأحيان، الأمر الذي دفعني مجبراً للحديث عنه.

للبحث في هذا الموضوع فإنني سأحاول الإجابة عن الأسئلة التالية:
1- ما هو مدى انطباق العطل الرسمية التي تصدر عن الحكومة على القطاع الخاص وهل هي ملزمة له؟
2- ما مدى انطباق تأخير الدوام على القطاع الخاص وهل هي ملزمة له؟
3- هل إذا عمل العامل خلال ساعات تأخير أو يوم العطلة بسبب الثلج فهل يعتبر عمل إضافي أم لا؟

أولا: مدى انطباق العطل الرسمية التي تصدر عن الحكومة بسبب الظروف الجوية على القطاع الخاص:
يجب الإشارة أولا بأن موظف القطاع الخاص شأنه شأن الموظف الحكومي يتعرض لخطر الانزلاق الناتج عن الثلوج أو الصقيع فالثلوج لا تفرق بين موظف حكومي وموظف قطاع خاص. وبالتالي، يتوجب على صاحب العمل حماية العاملين لديه من شتى الأخطار سندا لأحكام قانون العمل “الفصل الخاص بالسلامة والصحة المهنية” تحت بند “واجبات صاحب العمل” حيث نصت المادة 78 منه على ما يلي:
أ-يتوجب على صاحب العمل ما يلي:
1-توفير الاحتياطات والتدابير اللازمة لحماية العمال من الأخطار والأمراض التي قد تنجم عن العمل وعن الآلات المستعملة فيه.
كما نص القانون أيضا تحت بند “واجبات العامل” في المادة (19) على العامل:
أ-تأدية العمل بنفسه وأن يبذل في تأديته عناية الشخص العادي وأن يلتزم بأوامر صاحب العمل المتعلقة بتنفيذ العمل المتفق عليه وذلك ضمن الحدود التي لا تعرضه للخطر أو تخالف أحكام القوانين المعمول بها أو الآداب العامة.
أي يجب على العامل أن لا يعرض سلامته للخطر والسلامة تشمل أوقات العمل، موقع العمل، الطريق الى العمل، والعودة منه.

وعودة الى السؤال الرئيسي، بتاريخ 20/12/2012، قامت وزارة الصناعة والتجارة بإرسال كتاب الى رئاسة الوزراء لسؤالهم عن مدى انطباق القرارات الخاصة بالعطل الرسمية والتي تصدر عن الحكومة وتشمل تعطيل القطاع الحكومي وفيما إذا كان يطبق على القطاع الخاص.
حيث قام دولة رئيس الوزراء قام بإصدار كتاب بـ 31 كانون الثاني (يناير) 2012، ينص على “أن البلاغات التي تصدر عن رئاسة الوزراء لتحديد العطل الرسمية والأعياد الدينية تشمل وتطبق على مؤسسات القطاع الخاص دون ذكرها في البلاغات”.
بتدقيق الكتاب أعلاه نجد أن أي قرار يصدر عن الحكومة بتعطيل المؤسسات الرسمية (بغض النظر عن السبب) يشمل القطاع الخاص كقاعدة عامة. إلا أنه وبتمعن النظر في الكتاب، فإنني أرى بأنه يجب التفريق (من حيث سبب العطلة) بين نوعين من العطلة الرسمية التي تصدر عن رئاسة الوزراء:
النوع الأول: العطل بسبب المناسبات الرسمية والأعياد الدينية كعيد العمال وعيد الفطر وعيد الأضحى مثلا فإنها تنطبق على جميع القطاعات ولا يوجد خلاف على ذلك.
أما النوع الثاني: فهو إعلان العطلة التي تصدر عن رئاسة الوزراء بسبب الظروف الجوية كالثلوج مثلا، فبالاستناد الى القرار أعلاه نجده قد جاء عاما مطلقا ولم يحدد سبب العطلة، فلو أخذنا بعمومتيه فإن ذلك يدفعنا الى القول بانطباقه على القطاع الخاص. إلا أنني أرى انه يجب عند إصدار هذه القرارات مراعاة تحديد الأماكن الجغرافية التي تنطبق عليها هذه العطلة أو ترك الأمر للحاكم الإداري لاتخاذ القرار المناسب للحفاظ على سلامة العمال وفقا لطبيعة الحالة، فمثلا بعض محافظات المملكة لم يصلها ثلوج أو صقيع خلال المنخفض الأخير، وبالتالي ما الحكمة من إجبار أصحاب العمال على تعطيل أعمالهم وعمالهم؟
إلا انه لو دققنا النظر في القرار الأخير الصادر عن الحكومة بخصوص يوم الخميس الماضي لوجدنا أن الحكومة قد استخدمت عبارة “تعليق الدوام” ولم تستخدم عبارة “عطلة” وخيراً فعلت، الأمر الذي يدفعني الى القول بعدم انطباق الكتاب الصادر عن رئاسة الوزراء والمشار إليه أعلاه والذي ينص على “أن البلاغات التي تصدر عن رئاسة الوزراء لتحديد العطل الرسمية والأعياد الدينية تشمل وتطبق على مؤسسات القطاع الخاص دون ذكرها في البلاغات”. حيث أن الحكومة لم تعتبره يوم عطلة رسمية.

ثانيا: مدى انطباق تأخير الدوام على القطاع الخاص وهل هي ملزمة له؟
يتوجب على صاحب العمل كما بينت سابقا الحفاظ على سلامة العاملين لديه من جميع الأخطار، وبالتالي وحيث أن الحكومة ممثلة برئاسة الوزراء تتولى إدارة جميع شؤون الدولة سندا للمادة (45) من الدستور وهي الأقدر على تحديد الأخطار التي قد تحيط بالمواطنين من خلال أذرعها التي تعينها على ذلك والتي تقرر بوجود خطر الانزلاق أو الصقيع، وبالتالي فإنه يتوجب على أصحاب العمل الخضوع بتأخير ساعات العمل في حال وجود انزلاقات أو صقيع قد تشكل خطرا أو قد تهدد سلامتهم. مع الأخذ بعين الاعتبار انه يتوجب الأخذ بعين الاعتبار عند إصدار قرار التأخير المناطق الجغرافية في المملكة والمحافظات التي لا يوجد بها صقيع أو ثلوج وترك الأمر للحاكم الإداري أو لأصحاب العمل الذي يتوجب عليهم تقدير الحالة وبمساعدة مشرفي السلامة في مؤسساتهم.

ثالثا: هل يعتبر عمل العامل خلال هذه العطلة أو تأخير الدوام عمل إضافي أم لا؟
إن الدولة وإن كانت تملك سلطة التنازل عن حقها بالدوام تجاه موظفيها، وبتالي فهي حرة بأن تتنازل عن حقها بعدم الطلب من موظفيها بتعويض يوم العمل المفقودة جراء هذه العطلة أو التأخير، إلا أن أصحاب العمل وإن كانوا ملزمين بتعطيل عمالهم حفاظا على سلامتهم إلا أنني أرى انه يحق لهم الطلب من عمالهم تعويض يوم العطلة أو ساعات التأخير بيوم آخر ولا يعتبر عملا إضافيا وسندي القانوني في ذلك هو نص المادة (56) من قانون العمل والتي تنص:
أ-لا يجوز تشغيل العامل أكثر من ثماني ساعات يوميا أو ثمان وأربعين ساعة في الأسبوع إلا في الحالات المنصوص عليها في هذا القانون ولا يحسب منها الوقت المخصص لتناول الطعام والراحة.
ب-يجوز توزيع الحد الأعلى لساعات العمل الأسبوعية وفترات الراحة بحيث لا يزيد مجموعها على احدى عشرة ساعة في اليوم.
وبالتالي يمكن إعادة توزيع ساعات العمل اليومية أو الأسبوعية بحيث يمكن لصاحب العمل الطلب من العمال بتعويض ساعات التأخير اليومي إما في نهاية اليوم أو أن يتم توزيع ساعات التأخير على مدى شهر مثلا كي لا يشعر بها العامل شرط أن لا تزيد عن 48 ساعة بالأسبوع والسند القانوني لذلك هو نص المادة (56) من قانون العمل سالفة الذكر.
على أنه وفي جميع الأحوال يجوز لصاحب العمل اذا كانت قدرته المالية وطبيعة عمله تسمح له بالتنازل عن ساعات التأخير/العطلة وعدم مطالبة عماله بتعويضها وهذا ما أميل إليه.

التوصيات:
1- يجب أن تكون القرارات التي تصدر بخصوص العطلة واضحة ومحددة لتجنب أي اجتهادات او خلافات بهذا الشأن من خلال:
أ- تحديد المناطق الجغرافية التي ينطبق عليها العطلة بسبب الثلوج أو ترك الأمر للحاكم الإداري وأصحاب العمل بالتعاون مع مشرفي السلامة في المؤسسات التي يوجد فيها مشرفي سلامة.
ب- تحديد المناطق التي ينطبق عليها قرارات تأخير الدوام بسبب الصقيع أو ترك الأمر للحاكم الإداري وأصحاب العمل بالتعاون مع مشرفي السلامة في المؤسسات التي يوجد فيها مشرفي سلامة.
2- إصدار بيان واضح من الجهة المختصة بخصوص حق صاحب العمل بالطلب من عماله بتعويض يوم العطلة أو ساعات العمل دون احتسابها كساعات عمل إضافية.