مسؤول يتحدّث بصراحة

26 يناير 2022
مسؤول يتحدّث بصراحة

د. ذوقان عبيدات

    في لقاءات ينظّمها مركز حماية الصحفيين وحرّيتهم، أدار الإعلامي والحقوقي البارز نضال منصور حوارًا مع رئيس ديوان المحاسبة الدكتور عاصم حدّاد. كان الحوار مفتوحًا وصريحًا على غير عادة المسؤولين الأردنيين. فقد اعتدنا أن نستمع إلى مسؤول يقول: بتوجيه من …. أو تنفيذا للخطة التي وضعها فُلان!! ما شاهدته أمسِ أن أسئلة الحوار كانت بعيدة عن المجاملة، أو ربّما كانت صادمة لنمط من المسؤولين الذين يتحدثون بحذر وخوف؛ حرصًا على بقائهم في الوظيفة.

أجاب رئيس ديوان المحاسبة بكل صراحة. لم يُخْفِ شيئا، ولم يختبئ خلف أي مسوّغ، تحدّث عن التحديات التي تواجه الديوان، وعن صعوبات العمل، وعن التصميم على مواصلة العمل؛ ورغم هذه التحديات كانت الأسئلة مهمة، والإجابات مهمّة، ويهمّني هنا أن أذكر بعض الأسئلة:

  • لديوان المحاسبة تاريخ طويل في الأردن! فلماذا نرى الفساد أكثر انتشارًا، وأشدّ فتكًا؟
  • هل الشخصية الأردنية سريعة العَطب؟ وهل تستسهل السطو على المال العام؟
  • ماذا لو لم يكن لدينا رَقابة ومحاسبة؟

    أجاب رئيس ديوان المحاسبة بصراحة؛ مبيّنا الظروف التي تمكّن الديوان من تحقيق نجاحات أكثر. لم يتحفّظ  في الإجابة عن أيّ سؤال، ولم يتردد في الكشف عن إنجازات وتحديات!! هذا ما حدث أمس، حوارٌ صريح مع جمهور مستنير يخرج المشارك فيه بانطباع يتمثل في:

  • الفساد في الأردن نظيف جدّا، أنيق جدّا، ذكيّ جدّا، قانونيّ جدّا!! ولذلك يعيش الفاسدون في مأمن وفي حماية القانون، ولكن هل سينجح ديوان المحاسبة في التصدّي لفساد نظيف ذكيّ مُغطّى بقانون؟!

    وبناء على ما سبق، فإن من الصعب محاربة فساد نظيف، وفساد قانونيّ. وإلّا كيف يُستغَل قانونٌ لتمرير فساد واضح؟ وضربت مثلا: كيف يجدُ شخصٌ ما يبحث عن عمل لا تنطبق عليه شروط العمل فاسدًا يشتري خدماتِه بآلاف الدنانير؟

كيف يتحوّل هاوٍ أو خرّيحٌ جديدٌ إلى عبقريّ يمتلك خبراتٍ نادرةً يتهافت المسؤولون على شراء عبقريته؟!!

تُرى! هل يجب أن نفكر قبل انتشار فساد شراء الخدمات؟؟