محددات وأهداف الحزبية البرلمانية الملكية

25 يناير 2022
محددات وأهداف الحزبية البرلمانية الملكية

الدكتور أحمد الشناق

المملكة الرابعة بمسار الدولة الوطنية الديمقراطية الحديثة
الدولة الاردنية وهي على أعتاب مئويتها الثانية بعهدها الهاشمي الرابع تسعى لتحديث نظامها السياسي بإرادة وطنية سياسية من رأس الدولة الملك نحو دولة وطنية ديمقراطية حديثة لمستقبل الأردن السياسي بإعتماد نمط الحزبية البرامجية كآليات انتخابية لنقلة نوعية سياسية في الحياة البرلمانية وصولاً لحكومات حزبية برلمانية في إدارة شؤون الدولة، وبما يعزز الثقة بالدولة سلطات ومؤسسات وفق المشاركة الشعبية ومن خلال أطر تنظيمية سياسية بشرعية الدستور والقانون .
إن التحديث السياسي بنموذج اردني لديمقراطية متجددة نابعة من الذات الوطنية الأردنية وبإرادة أردنية دون تدخل أو وصفات خارجية، تستدعي معالم الطريق الجديدة، أن تبقى الرؤية واضحة الأهداف والمحددات درءاً وتجنباً لإنتكاسات على الطريق، أو حرف لبوصلة حددها قائد الوطن لضرورات التحول الديمقراطي.
المحددات والأهداف
– الحزبية أنماط، والأصل بنمط الحزبية، أن تعبّر عن شكل ومضمون نظام الحكم { النيابي الملكي الوراثي } بمعنى نمط الحزبية البرامجية ( الإصلاحية) ، المستمدة شرعية قوتها وضعفها من الشعب، بمؤازرة برنامجها بعملية إنتخابية، وشكلاً هي آلية برامجية إنتخابية بغض النظر عن طيفها السياسي أو مرجعية عائلتها الفكرية، بمعنى هي :
حزبية برلمانية ملكية.
– إحترام مبدأ التعددية السياسية ، فالحزبية البرلمانية هي حزبية التعددية بإحترام خيارات الناخبين، ومن هنا يأتي نهج التداول الديمقراطي للسلطة التنفيذية، ولترسيخ هذا النهج الديمقراطي، لا مكان لمفهوم الحزب الحاكم أو حزب الدولة ، فالنظام البرلماني يقوم أساساً على مبدأ التعددية. ونظام الحزب الحاكم، اخذت به الدول الشمولية، وتجربته في العالم العربي اثبت فشله، وتسبب بإنهيار الدولة وتفتت المجتمع بأخذه إلى دائرة الصراع .
وهي أحزاب ولدت من رحم السلطة الحاكمة كمبدأ شمولي بإلغاء الآخر، ولضمان إستقرار المجتمع السياسي، فالأصل أن تولد الحزبية كحاضنة للعقل الجمعي بكفاءات، ومن رحم الشعب لتضع البرامج التي تلبي حاجات المجتمع وتتطور تلك البرامج بتطور حاجات المجتمع، فالحزبية برامج تضعها عقول لتجد الحلول من حقائق وواقع اردني وقابلة للتطبيق ونتائج يلمسها المواطن، وبذلك تأتي الانتخابات معبّرة عن إرادة الناخبين بخياراتهم السياسية وحاجاتهم بما تطرحه برامج الاحزاب من حلول لقضاياهم، فجوهر الديمقراطية البرلمانية، أن تحدث التوازن الاجتماعي السياسي و الإقتصادي، وبما يحقق الإستقرار الإجتماعي والسياسي والشرعية الدستورية للدولة. حيث تتمثل كافة الاراء والطروحات والتوجهات بمؤسسة دستورية وهي البرلمان. وبذلك يتحقق المبدأ الديمقراطي العظيم في الدستور الأردني، بأن الأمة مصدر السلطات
– التعددية السياسية تمارس دورها في ظل الدولة والتزامها المطلق بالدستور وسيادة القانون ، فالديمقراطية هدف وليست غاية، هدفها تحقيق غاية الدولة، وغاية الدولة تحقيق رفاه المواطنيين وكرامتهم، وبالتالي كافة الأحزاب على مختلف أطيافها وتوجهاتها وبرامجها، هي أحزاب دولة وتعمل على منهاج الدولة بما يحقق أهداف وغايات الدولة
– تنظيم الأدوار وتحديدها : التعددية السياسية، لا تعمل إلاّ في إطار دولة المجتمع المدني، وهذا يتطلب تنظيم الأدوار وتحديدها، ليعمل الجميع فيما يحدده القانون من غايات وأهداف( نقابات، جمعيات، اتحادات، نوادي… الخ) وعلى مؤسسات المجتمع المدني، أن تمارس دورها في المجتمع، بما يحدده لها قانونها من اهداف وغايات، والحزبية تسعى لمشاركة سياسية وصولاً للسلطة، فلا تندرج تحت مسمى مؤسسات مجتمع مدني. إن تنظيم الأدوار وتحديدها في ظل سيادة القانون اساس لنجاح التعددية السياسية، وبناء مجتمع ينتمي لدولة .
– حزبية تنتمي لوطنها، وبما يحمي مصالح الدولة العليا والحيوية، لتطمئن الدولة على سياساتها واستراتيجياتها العامة، حفظاً لبقائها وإستمراريتها، فالحزبية هي قاعدة الدولة السياسية.
– توطين الحزبية : إن التطوير السياسي على قانون الانتخابات النيابية، ولأول مرة في تاريخ المملكة يتم إعتماد القوائم الحزبية في قانون الانتخاب، مما يتطلب التدرج، لإحداث التحول في العملية الانتخابية من التمثيل الضيق على اساس الوجاهة والشخصنة والمصالح الضيقة، وهذا يتطلب التسهيل في تسجيل الأحزاب لتوطينها في كافة مناطق المملكة، ولتعتاد الناس على إنتخاب برنامج حزبي، ولتصبح الحزبية البرامجية ثقافة مواطن، وضمان وصول كتل قوية للبرلمان، يتحقق ذلك في قانون الانتخاب وليس، من خلال قانون الأحزاب { بإعتماد عتبة الحسم، وأن تتشكل القائمة الحزبية بمشاركة تسعة دوائر انتخابية، وتمكين مقاعد متقدمة في القائمة للمرأة والشباب} والأصل أن يبقى تسهيل في الإنخراط وتسجيل الأحزاب، لقوننة الرأي العام في أطر تنظيمية ملتزمة بدستور وقانون، وفي المرحلة الأولى لإنتخابات برلمان العشرين، يمكن إعتماد الائتلافات الحزبية حتى تستقر الثقافة المجتمعية على الإنتخاب الحزبي. وقد تتحول الدولة من إعتماد الحزبية على مستوى وطني، إلى مستوى الدوائر المحلية، وهذا يتطلب توطين الحزبية جغرافياً ونشر الثقافة الحزبية على كافة مناطق المملكة بما يشمل الناخبين حيثما يتواجدون. ولا انزعاج من إقبال المواطنين على تسجيل أحزاب وتنظيم أنفسهم، وبما يساهم على تشجيع المواطنيين من المشاركة في العملية الانتخابية ، ما دام وضعت شروط في قانون الانتخاب بما يضمن وجود كتل قوية في البرلمان، إن المشاركة الشعبية الواسعة، تبعد شبهة حزبية رأس المال، أو سيطرة نخبة همها المنصب على حساب حياة حزبية لواقع مجتمعي يتحرك فيه العقل الجمعي للأردنيين والشباب الذين يمثلون ٦٨٪ من مجتمعهم والمرأة صنو الرجل بالعلم والكفاءة
– استراتيجية دولة : إن التحديث السياسي يوجب وضع استراتيجية دولة وخطة حكومية متكاملة، تفسر وتشرح للمواطنين إلى أين ذاهبون، وعدم الإكتفاء بلقاء النخب ، ليكون مشروع الإصلاح السياسي مشروعاً شعبياً، لأنه مشروع الشعب وليس لنخب أو شخصيات بمناصب يراد إعادة تدويرها .
– التخندق الحزبي من أكبر المخاطر على نظام التعددية السياسية، ويلغي مبدأ التنافس بين البرامج وكسب المؤازرين، التخندق الحزبي ينتهي بالتناحر الحزبي وفشل لمسار الديمقراطية بمبدأ التعددية، فالحزبية البرلمانية البرامجية تقوم على مبدأ التنافس لا التناحر
– المعارضة والموالاة : يجب حسمها بوضوح، فالمعارضة والموالاة، تكون بين حكومة الأغلبية والإقلية ( حكومة الظل) وليس مع الدولة والنظام السياسي، فهي معارضة الأقلية البرلمانية الحزبية لحكومة الأغلبية الحزبية، والمعارضة تعمل بحصانة سياسية داخل البرلمان، وهذا الجانب يجب حسمه بالحياة السياسية الأردنية كمصطلح ودلالات لمفهوم المعارضة والموالاة.
– الملك رأس الدولة وحامي الدستور ، وكما أكد الملك بأوراقه النقاشية، بموقعه كرأس الدولة، أنه الضامن لوحدة النسيج الإجتماعي وحماية التراث الديني والأمن القومي الأردني، وبالحالة للحكومات الحزبية، وكما يكون الملك حاكماً وحكماً بحالة الاستعصاء السياسي، فالملك رأس الدولة ووفق أحكام الدستور، يكون جلالته ضامناً أيضاً للتعددية السياسية، والملك كرأس للدولة، وسط حسابي لا يقبل القسمة بين تيار وتيار أوحزب وحزب، فالمعارضة والموالاة بحكومة الأغلبية وحكومة الظل تعمل تحت سقف مؤسسة العرش. والحزبية على تعدديتها، تبقى شكلاً ومضموناً واداءاً في برلمان :
{ حزبية برلمانية ملكية }
الدكتور أحمد الشناق
أمين عام الحزب الوطني الدستوري