الطبال الذي أصبح نبياً !

21 يناير 2022
الطبال الذي أصبح نبياً !

المحامي بشير المومني

لدينا حالة فصام عميقة في مجتمعاتنا العربية تعيشها الأمة بزهو غريب وقبول تراجيدي واسوأ ما في هذه الحالة أنها مبرمجة في اتجاهات انكار الحقيقة بقدر ما ننكر الذات ولربما يكون ذلك الشاب اللبناني هو أصدق تعبير عن واقعية سريالية في المشهد الاجتماعي تحديدا لينتقل من طبال في نادي ليلي ليصبح في لحظة تعبيرية عن واقعنا بكل ما فيه من بؤس اعتدناه وصولا حد الاستمتاع بالبؤس .. وهكذا ببساطة أصبح نبياً يشغل بدعوته الرأي العام !

من منكم يعلم على وجه الحقيقة أننا نعيش في العام 2026 وليس 2022 !!!؟؟؟ أهل العلم والتاريخ يعرفون ذلك تماماً لكن الامور الآن استقرت لتترك البشرية تعيش على خطأ ارتكب في بداية احتساب التقويم وتحديد عام ميلاد سيدنا المسيح بدقة حيث اخطأ أصحاب التقويم في العام 532 في ذلك وفوتوا على البشرية أربعة أعوام كاملة لكن السؤال هو لماذا لا يمكن أن نصحح الماضي وهو بين أيدينا !!!؟؟؟

المقاربتان اعلاه تصلحان كمدخل لتشخيص واقع الأمة والدولة الوطنية العربية الذي لا يمكن حتى لقادتها وحكامها أن يحددوا رسالتها وموجبات وجوديتها واستمرار انظمتها بالحكم رغم كل ما جرته من مآسٍ وويلات على شعوبها دون أن تقدم ولو مبررا واحدا فقط لغاية الدولة كلها من الوجود بتلك الحدود التي لا توجد سوى في وهم ومخيلة كتب الجغرافيا السياسية .. لكن ببساطة ورغم كل الزيف والانحدار الحضاري الذي انتج مشهد الطبال الذي أصبح نبيا لا يمكن أن نقوم بتصحيح أي خطأ تاريخي وجودي مثل عام ولادة سيدنا المسيح تماما .. الوضع استقر على تراجيديا ممتعة للشعوب !

معظم ما نعيشه اليوم من واقع هو استكمال لمشهد الزيف التاريخي للأمة وممارسات الفصام الذي يغلف تحت بند الوطنية حينا والقومية احيانا والدين أحايين كثيرة رغم أن هذه الغلافات لم تقدم ولو جزء من مشروع نهضة لدولة وطنية او شعب عربي وحتى الثورات التي حضرت كانت نتيجة طبيعية لمتوالية وهم الذات وادعاء لتفوق إرثي لا أكثر لكن بالمحصلة لم تمتلك حتى ثورات تغيير الزيف سوى نقلنا لمستويات أعمق من هدم ال ذات وترسيخ الفصام الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والسياسي والديني والمعرفي لأن هذه المحاولة للتغيير جاءت من نفس مصدر الوهم التاريخي بلا أي مشروع في حين أن فلسفة الثورة تقتضي ان تنسف الوهم لتصحح مسار التاريخ نحو الحقيقة وهذا لا يمكن انجازه من خلال أمة انتجت طبالا تحول الى نبي وأول من آمن به هي الراقصة !

أمة انفقت اكثر من مئة مليار لتدمير أوطانها وبحاجة الى تريليونات لاعادة إعمار ما كانت فيه من زيف وتخلفت عن مواكبة التطور الطبيعي للأمم ولم تقدم خلال المئة عام المنصرمة أي اسهام حضاري للبشرية باستثناء النفط وارهاب الذات وليس لديها القدرة على العيش في المستقبل والتخطيط له بل تستحضر الماضي بكل زيفه وخداعه واسطوريته من الطبيعي جدا ان تنتج نبيا كان طبالا في نادي ليلي لأنها ببساطة لا تدرك كنه وجودها ولا ماهية رسالة النشأة الاولى لدولها ولا تملك حتى مشروعا لثورة !