نضال ابوزيد
في الوقت الذي بدا فيه المشهد الحكومي مرتبك نتيجة اخفاقات متتالية في في الخطاب الرسمي مع الشارع ، حيث تضارب الخطاب الاعلامي لوزارة التربية حول دوام طلبة المدارس للفصل الدراسي الثاني والتي اربكت على مايبدو الوزير والحكومة معاً، فيما تضارب من نوع أخر ظهر مجدداً وهذه المرة في تصريحات الكهرباء والطاقة حول التعرفة الكهربائية الجديدة، و لم يغب مشهد الزراعة عن حالة التخبط في التصريحات حتى بات الشارع ينتظر خطاب واحد رسمي متماسك بينما هو يتساءل حول الجورجي اين؟ ومتى ؟.
ثمة مشهد مرتبك بوضوح لا مجال فيه الى التكهن او التنبوء بأن هناك حالة تشنج في الكبينة الحكومية ، وثمة ايضا ردة فعل على هذا المشهد المرتبك، ممن كانوا بالامس القريب لاعبين في مطبخ القرار الاردني ، حيث تصريحات عاصفة جاءت على لسان رئيس الوزراء الاسبق عبدالرؤوف الروابدة وصفت بانها من اجمل العبارات التي استخدمها الروابدة حين اسقط على المشهد الاردني جملة ( الثكلى ليست كالنائحات المستأجرات) ، فيما سبق الروابدة حديث عميق لرئيس اللجنة الملكية والمسؤولة عن الاصلاحات السياسية رئيس الوزراء الاسبق سمير الرفاعي والذي قال في رد وصف على مايبدو بانه موجه لأحاديث انتقدت الأداء والإجراء معاً فاسقط عبارة ( يصرون على التشبث بالأضواء بعد أن أخذوا زمنهم وزمن غيرهم، فيتقلبون في المواقف وفق المصالح) ، ليقابل ذلك حديث لرئيس مجلس الاعيان فيصل الفايز الذي قال: ” الأردن ولد في النار ولكن لن يحترق”.
ثمة ثلاث مشاهد متقابلة الاول حكومي رسمي فيه تخبط واضح والثاني نخبوي فيه اصطفاف ايضاً واضح والثالث شعبوي يتململ نحو رفع سقوف النقد والتذمر ، هذه الحالة خلقت صداع سياسي لأدوات الدولة أجبرت على مايبدو الأدوات ومفاعيلها الى إعادة تشكيل المشهد برمته ، بدأً من تقليم اظافر الجماعات السياسية المناكفة للحكومة وليس انتهاءً بتفكيك التجمعات التواصلية وإعادة تشكيلها بمقاسات الخطاب الأقل حدية والأكثر ميولاً نحو النقد المائع الاستجدائي المخفف بنكهة حكومية من قبيل ( لو تعمل الحكومة ) بدلاً من خطاب نقدي حاد صادق من قبيل (اخفقت الحكومة وتخبطت).
اذا نحن أمام إنقلاب في أدبيات خطاب النخب خلق حالة من الإصطفاف أخرج المشهد الحكومي من حالة التفاعل المفروض والضروري مع الشارع الى حالة الإنطواء والإقصاء نتيجة على مايبدو توصية بيروقراطية خسرت الحكومة على اثرها رصيد شعبي كان مفترض أن يزيد لو بقيت الكبينة الحكومية مشتبكة إيجابياً مع نقد الشارع ولو بقيت أيضا ضمن مربع الإحتواء بدلاُ من التحول والتسلل نحو الإقصاء لبعض الجماعات والأفراد والإنطواء في محيط الدوار الرابع بعيداً عن خطاب رسمي واضح وظهور اعلامي مشبع ، تلك حصرياً الصيغة التفاعلية التي يبدو أن حكومة الرابع بدأت من خلالها تدوير الزاوية بدلاً من إطلالة إعلامية مشرقة واضحة وصريحة مع الشارع دون مساحيق تجميلية او عبارات إنشائية تحفيظية مشبعة باالترف اللغوي والمفاهيم المتشابكة فالشارع بسيط وبحاجة لعبارة حكومية رسمية مباشرة تهدء من روعه وتشرح له مالذي يجري حوله وتقول له “نحن هنا.” حتى يعلم “أنكم هنا”.