بقلم الدكتور قاسم جميل العمرو
مبدأ المسؤولية حاضر في كل الانظمة السياسة بمعنى أن يحاسب الشخص المسؤول اذا أخطأ او اتخذ قرارا بحسن نية ترتب عليه شيء من الاثار السلبية، او ارتكب خطأ متعمدا كالاثراء على حساب الوظيفة او ممارسة سلطته للتنفيع والمحسوبية، او اتخذ قرارا وهو يعرف انه سيؤول لمنفعة اشخاص بعينهم، كل هذه السلوكات تحمل المسؤول مسؤولية سياسية ومدنية وجزائية عند ارتكابها .
دول العالم الاول كرست هذه الثقافة “أي مبدأ المسؤولية”من خلال فرض القانون بصرامة حتى اصبحت ثقافة سائدة لا يجرؤ مسؤول على مخالفة القانون وان فعل فانه يتعرض للمساءلة اما بالاقالة او السجن، وقد شهدنا رؤوساء حكومات ووزراء وحكام يتعرضون للعقوبة نتيجة اخطائهم.
في العاللم الثالث الصورة مقلوبة إذ تتم عملية اختيار المسؤولين على حسب المعرفة وصلة القرابة والنسب ويراعى في ذلك امور ديكورية مثل ان يكون خريج جامعة غربية او له نفوذ اجتماعي او مراعاة لمحاصصة جغرافية او عرقية وغالبا ما تتم هذه المراعاة حتى لو على حساب الكفاءة.
معظم الدول العربية لا تتم محاسبة المسؤولين فيها عن اخطائهم او القرارات التي يتخذونها وتكلف دولهم خسائر فادحة والسبب انهم محميون، لطريقة اختيارهم وعدم وجود برنامج تتم محاسبتهم عليه، مثال ذلك تداول ناشطون قضية مسؤول كان لديه موظف اوصى بزيادة راتبه بنسبة 50% حتى يتمكن من تسديد التزامات معيشته وشاءت الصدف بعد عدة شهور ان يتولى هذا الشخص المسؤولية وفوجى المسؤول الاول بان الاخير يبحث عن شراء فيلا بحدود 500 الف دينار، بالوقت الذي لم يكن يدرك 10 دنانير زائد عن حاجته، هذه الحالة تتكرر كثيرا في بلداننا العربية لغياب مبدأ المسؤولية وغياب قانون من اين لك هذا؟.
اليوم نحن في الاردن تجتاحنا كما بقية دول العالم جائحة كورونا واجهناها في البداية بصرامة الاجراءات مع غياب التخطيط للقادم وكأن القصة تختزل ب 3 اشهر، ليس هذا المهم لقد اشاد العالم بذلك اذ بلغت الاصابات طوال اربعة اشهر بحدود 1200 حالة، ومع تفجر الموجة الثانية من الوباء اصبحنا في مقدمة دولة العالم قياسا لـ نسبة السكان، ما حصل حري بتشكيل لجنة تحقيق تقف على اسباب هذا الانفجار وتحديد مستوى المسؤولية ومن يتحملها ولماذا بقي الاستعداد الطبي دون المستوى وكيف سيواجه القطاع الصحي تزايد الاصابات وخصوصا الصعبة منها ونحن نشهد وفيات يزداد عددها يوما بعد يوم طالت الشباب والشياب.
ما زلنا نسأل لماذ مبدأ المساءلة غائب عن المسؤول في الاردن ولماذا لا تتم محاسبة وتوجيه التهم لمن يتسبب بخلل، ولماذا لا يتحمل المسؤول المسؤولية الادبية عن تقصيره ويستقيل، ربما الحالة الوحيدة التي كانت ردا على التقصير هي استقالة وزير الداخلية بعد مظاهر استخدام السلاح فور ظهور نتائج الانتخابات الاخيرة، وكنا نرغب بأن يحذوا حذوه آخرين، وخلاف ذلك يبقى المسؤول مصر على نجاحه رغم فشله، ويعتبر كل انتقاد لاداءه موجه له شخصيا.
مبدأ المسؤولية مهم لاستقامة الامور وتصحيح مسيرة العمل العام وعدم التهافت والتوسط لاستلام المنصب العام، لعل المستوزرون يخافون قليلا.
*استاذ العلوم السياسية جامعة البترا
* ناشر موقع وطنا اليوم الاخباري