وطنا اليوم:افتتح، السبت، شارع المتنبي في العاصمة العراقية، بغداد، المشهور بمكتباته، بعد إعادة ترميم خضع لها، تتيح لهذا الشريان الحيوي في العاصمة العراقية استعادة بعض من مجده السابق.
ويعج الشارع عادة أيام الجمعة بالرواد، لا سيما الطلاب والشباب، وكذلك فنانو ومثقفو الجيل السابق.
وأطلق على الشارع التاريخي في العام 1932 خلال عهد الملك فيصل الأول، اسم الشاعر الشهير أبو الطيب المتنبي (915 – 965) الذي ولد في عهد الدولة العباسية.
على طول الشارع الذي رصف من جديد، نظفت واجهات المحلات المبنية بالطوب وطليت، كما الشرفات الصغيرة الحديدية المزخرفة والأعمدة المتراصة. وعلقت ألواح خشبية صغيرة متطابقة، تحمل أسماء المتاجر، على مداخلها.
وتزينت الشرفات، السبت، كذلك بأضواء عيد الميلاد، كما شاهد صحافي في فرانس برس.
وفتحت متاجر قليلة أبوابها، فيما علت أصوات الأغاني العراقية من مكبرات الصوت في الشارع وسط الأجواء احتفالية، وجال الزوار الذين سمحت لهم القوات الأمنية المنتشرة في المكان بسلوك الشارع، حاملين هواتفهم الجوالة لتصوير الاحتفال.
يدخل أحد الزوار مكتبة ويسأل عن كتاب مذكرات تحية عبد الناصر، زوجة الزعيم المصري الراحل، جمال عبد الناصر.
ويرتاد زهير الجزائري، البالغ من العمر 75 عاما “هذا الشارع منذ الستينيات”، كما يقول لفرانس برس، مضيفا “إنه شارع مهم جدا بتاريخ العراق، منذ العهد العثماني… وتوج الملك فيصل على مسافة قريبة من هنا”.
ويضيف “شعرتُ بإحساس جميل بأن هذه أول بقعة أصبحت بقعة جميلة في وسط بغداد وشعرت بالفرق بينها وبين الشوارع الأخرى وأتمنى أن يشمل التجديد شارع الرشيد” المحاذي أيضا.
على ضفاف دجلة، تعزف فرقة موسيقية الألحان العراقية التقليدية، بالعود والدف والغيتار والبيانو، فيما ارتفعت الألعاب النارية في السماء.
واستغرقت إعادة ترميم الشارع أشهرا بعدما جرى تكسير أرصفته، وبات ممتلئا بالحصى والرمال التي كان على المارة العبور من فوقها لدخوله.
يبلغ طول الشارع نحو كيلومتر واحد، ويؤدي إلى إحدى ضفاف نهر دجلة، يتقدمه تمثال كبير للمتنبي، وينتهي بنصب خط عليه بيت من أبيات قصائده الشهيرة.
في المكتبات والأكشاك التي يعج بها الشارع، يمكن للزائر أن يجد مجموعة متنوعة، من الكتب الحديثة باللغة الإنكليزية أو العربية، إلى الكتب الجامعية والمدرسية، مختلطة بعضها ببعض، وحتى إصدارات قديمة مكدسة. من بينها، كتب بالفرنسية والإنكليزية والعربية، بعضها قد يكون نادرا ويعود للقرن الماضي.
وتعرض هذا الشارع الذي ينبض اليوم بالحياة، في الخامس من مارس 2007 لتفجير انتحاري بشاحنة أدى إلى مقتل 30 شخصا وإصابة 60 بجروح.
وفقد محمد عدنان والده في هذا التفجير، وها هو اليوم لا يزال يعمل في المكتبة التي ورثها عنه. ويقول لفرانس برس: “أنا تربيت هنا منذ أن كان عمري سبع سنوات، منذ عام 2000 وأنا آتي إلى هنا. إحساس جميل أن نرى شارعنا بحلة جديدة، وتمنيت لو أن من ماتوا كانوا هنا ليروه كذلك”.
ودمر التفجير المحلات القديمة التاريخية من بينها مقهى الشابندر، وقتل أبناء مالكه الخمسة. صورهم معلقة اليوم عند مدخل المقهى، حيث يجلس عادة.